علاجات

 

ها هي مجموعة من العلامات الواقعية والوطنية لبعض الأزمات الحالية التي يتعثر المسؤولون الحكوميون المشاركون في العملية السياسية وهم من يمثل أطراف الأزمة، في إيجاد حل لها. وكل يتشبث بالدستور في حلها من دون خطوات عملية تردف الحل مما يزيد في تعقيدات الأزمة ويخلق أوضاعاً جديدة تجعل من الحل أمراً صعباً أو غير مقبول من أطراف النزاع. وأمهات الأزمات الحالية هي ما بين المركز والإقليم. وقبل ذلك ينبغي الإشارة إلى خلل دستوري في وضع العلاقة ما بين الطرفين، وهي أن العلاقة التي يمارسها الإقليم مع المركز تنطوي تحت عنوان ( الكونفدرالية ) وليست الفيدرالية، كما هو واضح من ممارسات الإقليم، فهو يتصرف بتفرد شبه تام وليس له مع المركز إلا جملة مطالب يريدها من المركز مدعياً أنها استحقاقات دستورية أو قومية، والدستور واضح في عملية العلاقة ما بين الإقليم والمركز وإنها فيدرالية، مع تحفظنا على هذا المفهوم لأن واقع العراق كونه بلداً واحداً منذ القدم والى الآن، والفيدرالية تنطوي على مجموعة أقاليم أو أجزاء انتظمت تحت دولة واحدة وعلم واحد. وعلى كل فمشكلة كركوك لازالت قائمة والكرد يصرون على ضمها إلى الإقليم مبررين دعواهم بالمادة الدستورية التي ستحسم المسألة لصالحهم، وهي المادة (140)… والمادة بحسب طبعها غير دستورية إنما مررت مجاملة للأكراد لحظة كتابة الدستور، إذ المواد الدستورية قوانين دائمة ومستمرة وغير مقيدة ولا محددة بوقت معين. والمادة (140) ليست كذلك، فما فرض كونها دستورية ليست دستورية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المادة تتضمن إجراء استفتاء لأهالي كركوك لتقرير مصيرها. وهذه الفقرة غير دستورية أيضاً لأن كركوك غير مختصة بأهلها بل هي لعموم العراقيين وهي جزء من العراق الذي يجب أن يقرر تحت رغبة عموم العراقيين لما يفرضه استحقاق جزئيتها للعراق. وبالتالي إذا أريد حسم المشكلة فيجب أن يكون الاستفتاء لعموم العراقيين لا لخصوص أهالي كركوك، وإلا سينفتح المجال لأية محافظة لتقرير مصيرها لوحدها والنتيجة هي تقسيم العراق لا محالة. وهذا الحل واقعي لكل مشكلة من هذا القبيل في أية منطقة من الأرض. وإلا فحسمها باستفتاء أهاليها فقط لا يحل المشكلة بل يعقدها إذ ينبغي الاتفاق أولاً على أهالي كركوك خاصة وتحديدهم تاريخياً وجغرافياً وهو أمر متغير متبدل، تغير للاتجاه السلبي للأكراد سابقاً وبالاتجاه الايجابي لهم حالياً. فأي الحالتين تقبل؟ ومن هنا فالحل الواقعي يكمن في استفتاء عام لجميع العراقيين بشأن منطقة كركوك وليس من حق أهلها فقط ذلك، وإلا فما بال غير أهالي كركوك يشاركون في الدفاع عنها والتضحية من اجلها فيما لو تعرضت لاعتداء خارجي، وهل يعقل أن يضحي الآخرون بدون شعور بعائدية كركوك لهم وإنها جزء من ارض بلدهم . وعلاج مشكلة الحدود مع الإقليم يكمن في الرجوع إلى التقسيمات الإدارية السابقة على حدوث أزمة الأكراد مع الحكومة البغدادية، وإجراء استقراء تام في جميع المناطق محل النزاع كما يعبرون وكأننا في بلدين يختلفان على ترسيم حدودهما، وهذا ما قلناه بأن التصرف كونفدرالي لا فيدرالي، كما ويمكن حسم المشكلة بالرجوع إلى خط (36) الذي أقرته الأمم المتحدة ومجلس الأمن بعد حرب الكويت السابقة، فانه مقرر من الناحية الدولية، ومحدد بدقة . وعلاج بقية المشاكل مع الإقليم ينطلق من خلال تحديد علاقة الإقليم مع المركز ويجب أن يحددها القادة الكرد بدقة، هل تريدون العراق بلد للجميع أو تريدون التمهيد للانفصال عنه كما يلوح أحياناً بعض الساسة الكرد ، وبدون تحديد موقف الإقليم من دولة العراق لا حل لأية مشكلة تطرأ. وأما بقاء العلاقة غامضة يجعل الأمور غير واضحة لتعالج بواقعية. والغريب أنهم يطالبون بالتوافق والمشاركة في سلطة الموصل وتكريت ويرفضونه في كركوك. ففي الأولتين هم مع العراق، وفي الثالثة هم كيان مستقل، ونفس الشيء نقوله في النفط، فنسبة (17%) كونهم من العراق، وعقود النفط هناك من حقهم خاصة . إننا نقدم نصحنا للإخوة الكرد بعبارة مختصرة ومفيدة بأن المصلحة للشعب الكردي تكمن في عراق موحد وقوي ومستقل، لهم ما للآخرين وعيهم ما على الآخرين بدون امتياز لعراقي على آخر.