فتح مدارس وحوزات علمية لتدريس

 

تكثر في هذا الوقت – ومنذ سقوط النظام الطاغي- فتح مدارس وحوزات علمية لتدريس العلوم الحوزوية لاولاد وابناء محافظتنا بدل التوجه إلى الحوزة العلمية ومركزها الديني في النجف الأشرف، وكذا الاساتذة – أكاديميين وحوزويين- بحيث يكون هنالك أشبه بالاكتفاء الذاتي ونسأل:

أ) توجد إيجابيات وسلبيات في هكذا أمر فما هو الحاكم منهما بنظركم مع البيان بعض الشيء؟

ب) ما هي نصيحتكم لكلا المستويين الحوزوي وغيره في الانضمام الحوزوي؟

جـ) ما هي الدواعي لانعقاد هذه الحوزات

بسمه تعالى: أ) إيجابياتها هي تكثير الدراسة الحوزوية وجعلها في متناول أوسع شريحة ممكنة من البلد، ممن لا تتهئ لهم ظروف المجيء إلى الحوزة النجفية لاعتبارات شتى، كما انها تنمي الوعي العام الفقهي عند الشباب والكهول الذين لا يواجهون صعوبة في أخذ الدرس من هذه الحوزات أو المدارس، كما انها تقتل الفراغ الذي يعاني منه بعض الناس فيحاولون صرف وقتهم في أمور لهوية وربما محرمة، وحينما يجدون ما ينفعهم في سد هذا الفراغ فإن ذلك سوف يقلل من فرص المعاصي ويعزز من فرص الطاعة، وهناك ايجابيات أخرى قد ترجع للمذكورات.

واما سلبياتها: أضعاف التأثير الاستقطابي للحوزة النجفية واستقدام الطلبة من مناطق البلد مما يعزز العلاقة بين الطلبة وبينهم وبين المرجعية، وتعزيزها وتنميتها يعتبر من أقوى العناصر التي تملكها الحوزة في أداء دورها التاريخي وتأثيرها على الأحداث وسيرها، وقدرتها على الاصلاح والتغيير أو على مواجهة عوامل الفساد بتوجيه الطلبة نحو الوعظ والارشاد في مناطق متعددة من البلد.

والدراسة الحوزوية لازالت السيرة القائمة فيها على بذل الجهد والسعي بهمة عالية، والتضحية بكثير من علاقات الطلبة الفردية والاجتماعية مما يوفر لـه حافزا قويا للدراسة والتفوق، لأن الوحدة والعوز المادي وربما الغربة تدفعه للتفريط بالتحصيل العلمي، وكل هذه المحفزات تضعف أو تضمحل لو كانت الدراسة متوفرة في منطقة سكناه أو لا يفقد مما ذكر ليعوضها بالهمة على التحصيل.على ان لا ننسى ان الابتعاد عن الحوزة النجفية قد يسبب في ضعف الارتباط العقائدي بالمعصوم (ع) ويفقد الطالب بركة وقدسية المكان المطهر وهو أمر وجداني يشعر به طالب الحوزة النجفية، نعم قد يتعوض بالدراسة في مكان مقدس آخر ككربلاء والكاظمية وسامراء ولكن تبقى للنجف مكانتها وأهميتها في الوجدان العام للطلبة، وهي محفزات روحية تعيق الطالب على تخفيف الضغط النفسي الذي قد يتعرض له بسبب ظروف خاصة أو عامة.

ب) بعد السرد المتقدم يكون التفريط بالحوزة الأم خسارة للمذهب والمجتمع لأن القيمة التي وصلت اليها الحوزة حضاريا لم تأت بفترة قصيرة بل جاءت لتضحيات كبيرة وجهود جبارة لعلماء عظماء على طول تاريخ الحوزة منذ قدوم شيخ الطائفة (قده) إلى النجف وتأسيسه حوزتها إلى يومنا هذا