قمة سيرت الليبية

قمة سيرت الليبية

 

القمة العربية المنعقدة هذه الأيام في سيرت الليبية، هل يمكن أن تأتي بشيء جديد؟ أو هي على شاكلة سابقاتها من القرارات الخجولة والتي تندب وضعها من متابع حقيقي لانجازها حتى بات من المعروف المألوف ماهية القرارات التي يمكن أن تتمخض عنها أية قمة وأصبح من المألوف لدى المواطن العربي لأنها مجرد تسامر للقادة وإيقاع التصالح بين نفوسهم المتشنجة، وزعلهم المستمر ، وكأنهم فتيان يثورون في لحظات ويتصالحون في قمات عربية مقبلة وهكذا جرت عادة القادة العرب، مما أثر على أهمية هذه القمات ولم يكن المواطن العربي لينظر إليها إلا أنها اجترار لقمات سابقات يتداولها الدول العربية، إقامة ورئاسة

والمتابع العربي لهذه القمات يقرأ النقاط التالية.

1-  تراجع هذه القمم من حيث اتخاذ المواقف العربية ضمن إطار اتفاقية الدفاع المشترك والمصالح العربية الكبرى، حتى اصبح في حاضره هذه القمم المصلحة الوطنية القطرية هي المتقدمة على المصلحة العربية وسابقة عليها، والدفاع المشترك انقلب الى تأييد خجول غايته حفظ ماء وجوه القادة، وقد يقتضي في حراجة معينة مد يد العون المالي الذي لا يصل إلا وهو مبعثر في طريق وصوله الى مستحقيه.

2- ضياع محور القمم العربية من كونه القضية العربية الأولى فلسطين، وعنونتها بالصراع العربي اليهودي، الى كونها محوراً من محاور متعددة قد لا ترقى في بعض القمم الى مستوى قضايا عربية أخرى، مع ملاحظة أن القمم لم تحل أية مشكلة عربية طرحت أمامها بقدر ما تركت القوى العالمية والإقليمية هي المحرك لمسارها والمغلق لملفاتها، كقضية الصراع اللبناني  اليهودي واحتلال العراق للكويت، وتبعثر المواقف العربية على أكثر من صعيد.

3- لم تشخص أية قمة من القمم الشلل الذي أصاب الأمة العربية فجعلها ترجع إلى الوراء عند تقادم القمم وتقاربها، وأصبحت تمثل موقفاً لرئيس هذه الدولة أو تلك وفق مزاجه الخاص ومدى علاقته مع رئيس الدولة التي تقام فيها القمة، فمن كان مزاجه جيداً معه حضر وإلا أعتذر أو ناب عنه من الدرجة الرابعة في بعض الأحيان، كما لوحظ في القمة السورية الأخيرة ومستوى التمثيل المصري فيها.

4- تدور القمم في فلك السياسات، وحركتها العالمية، وتخرج قراراتها من رحم هذه السياسات عاجزة عن المضي إقراراً إلا بعد موافقة أو مداخلة هذه السياسات، ولو على مستوى تغيير مسار قراراتها أو تعديل بعض فقراتها، وأصبح معروفاً عند المواطن العربي أن حزمة القرارات تمر عبر البيت الأبيض حصراً أو مع غيره مشاركة وإلا نشطت السياسة الأمريكية على مستوى وزارة الخارجية لتغيير أداء بعض المجتمعين أو تخويفهم من تبعات قرارات يراد إمضاؤها ، فتخرج القمة من نفس الباب التي دخلت فيها وكأن شيئاً لم يكن، وما اجتماعهم إلا لتأكيد انشقاقاتهم وتنفير نفوسهم وتشنج مواقفهم في ما يدعم المصالح العربية الكبرى أو قضيتها الأساسية فلسطين. وهي تتراجع قمة بعد أخرى فبعد أن كانت التحرير الكامل أصبحت التوسل للموافقة اليهودية بقبول المبادرة العربية الخجولة والتي تعترف علناً بحق اليهود في دولتهم وحدودها التي وصلت إلى حدود 1967م بعد أن كانت حدود 1948 كما اقره القرار الدولي 224 والذي أصبح حبراً على ورق، وأصبح لغة الواقع، والأمر الثابت هي المحكمة في العلاقة والصراع العربي اليهودي، ليحمل على أساس الأمر الواقع.

5-  إن مشتركات التراجع في القمم يمكن حصرها بـ:

(1)  غياب الإرادة العامة والمشتركة بين الجميع في اتخاذ مواقف حاسمة.

(2) تأثير الضغط القطري، والدولي أكبر من تأثير الضغط العربي المشترك.

(3) الاستسلام لمقولة الأمر الواقع ومحاولة مجاملته للحصول على أقل قدر ممكن من المكاسب

(4) إحلال الهوية الوطنية بديلاً عن الهوية القومية.

(5) رفع الجانب اليهودي وتحسبه من الخروج بقرارات قد تضعه في الحرج يسعى لرفع سقف مطاليبه أو يحرك قضية جديدة هي اعقد وأصعب في تداعياتها من القضية موضع النقاش العربي كقضية القدس، والبناء فيها الآن، كطارئ جديد لبحث توقف المفاوضات غير المباشرة لمبادرة الحل العربي.