You are currently viewing مفاهيم حسينية  الحلقة الاولى ( الذكر )

مفاهيم حسينية الحلقة الاولى ( الذكر )

                                                        

بقلم المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله )

أول هذه العناوين بحسب تسلسل روايات صاحب البحار هو الذكر، فما هو الذكر؟ فقد ذكرته جملة من روايات الباب المتقدم هي الأولى، والثانية وغيرهما. فعن الحسين بن فضال في امالي الصدوق عن الرضا (عليه السلام): من تذّكر مصابنا وبكى لما أُرتُكب منّا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذُكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب. وفي تفسير القمي عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من ذكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر. والذكر هنا وقع مقدمة للبكاء أو سبب له، فما هو؟ الذكر لغة: عن الراغب من مفرداته قال: الذّكر تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتباراً بإحرازه، والذكر يقال اعتباراً باستحضاره، وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول ولذلك قيل الذكر ذكران: ذكر بالقلب وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان ذكر عن نسيان وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ، وكل قول يقال له ذكر فمن الذكر باللسان قوله تعالى{لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}الأنبياء/10 والتذكرة ما يما يتُذكر به الشيء، وهو أعم من الدلالة والأمارة .. الخ. والمتحصل من كلامه عدة أمور: الأول: أن الذكر هو الهيئة النفسية التي يتمكن بها الإنسان حفظ ما يحوزه من المعرفة، وهو كالحفظ. الثاني: فرقه عن الحفظ، إن الذكر يقال باعتبار استحضار معرفته فيما الحفظ يقال باعتبار احرازه، فإذا أحرزه فقد حفظه، والحرز من الصون، فهو بالتذكر يستحضره وبالاستحضار يصونه من النسيان أو الضياع أو التجاهل أو الغفلة عنه، وهذا ما أريد للقضية الحسينية ان تصان من الضياع أو التجاهل وإبقاء صورتها في أذهان المسلمين لتبقى حية تحرك وجدانهم نحو رفض الظلم والعدوان. الثالث: ينقسم الى ذكر قلبي وذكر لساني، وكل منهما ينقسم الى قسمين، ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة حفظ، فالأقسام أربعة هي:1- ذكر قلبي عن نسيان. 2- ذكر قلبي لا عن نسيان بل عن إدامة ما حفظه وأحرزه. 3- ذكر لساني عن نسيان.4- ذكر لساني لا عن نسيان بل لإدامة ما حفظه. نعم قد يجتمعان في قوله تعالى ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)) البقرة/200 فهو ذكر قلبي، لساني، ومن الذكر عن نسيان قوله تعالى ((فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)) الكهف/63 الرابع: الذِّكرى، هي كثرة الذكر، وهي أبلغ منه قال تعالى ((رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ)) ص/43 {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات/55، ومن الواضح في الآية ان الذكرى هنا مصدر وليست أسم مصدر. الخامس: التذكرة، هي ما يتذكر به الشيء، وهي أعم من الدلالة والإمارة. وفي التحقيق في كلمات القرآن قال: والتحقيق أن الأصل الواحد في هذه المادة: هو التذَّكر في قبال الغفلة والنسيان، وهذا المعنى أعم من التذكر بالقلب أو اللسان. فالذكر باللسان كقوله تعالى {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}الأنبياء/60 والذكر بالقلب كما في {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}البقرة/152 الذكرى: مصدر ذكرّته، وليس بأسم مصدر، قوله تعالى ((إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ)) الأنعام/90 الأنعام/80 و ((إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)) الأعراف/201 ولا يخفى أن الذكر هو وسيلة الارتباط، وعلامته الغفلة عما سواه ونسيانه، فمن اشتغل بقلبه ولسانه بذكر الله تعالى فهو معرض عن الاشتغال بغيره وغافل عن هواه وعما تشتهيه. وللحديث تتمة