قصة قصيرة |
مشهد قريب من يوم البعث – لكل امرئ شأن يغنيه – انقطعت السبل وتبدد الامل وتقاربت المحن ، رعب وصمت وخوف ، جلاد يتبختر ، قد قتل بالامس الاب ضارباً عرض الجدار كلمات الضمير وحاجة الصغار لابيهم كي يوصلهم دار القرار ويرتب بيتهم قبل حلول كارثة القتل وانقطاع الذمام . ابناء ثلاثة ، كبيرهم متزن متأني ، وصغيرهم متعجل متعجرف ، واوسطهم محتال مكار . ومجتمع مرعوب قد ألبس ثوب الذل وركوب العار فلم يحضر فاتحة الاب المغوار وحملته سابقاً قد ارتدت ثوب التقية الختال ، فترددت بين حضور الفاتحة اظهاراً للأسى والحزن واضمرت فرحة وسرور ازاحة المعيق على طريق اعتلاء منصة الابرار ومقعد الاخيار. كان الاب رحيماً عطوفاً ودوداً يحب للاخرين الخير ويريد لشعبه الفخار ، يحنو على الصغير ويتعطف على الكبير ويتواضع للوضيع والعزيز ، حتى احبه الصغار قبل الكبار والرجال قبل النساء ، فكان أمة في واحدٍ خافه وهابه السلطان وراح يفتش عن حيلة في الجن لعله يقلل من تأثيره الفتان ، ويبحث عن ثلمة يشينه بها فلم يجد الا زحمة الناس على باب داره لتسمع البيان و(قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ………. ) . فصمم الشيطان على اغتياله برغم حاجة الاهل والجيران ، وانجز فعل الشيطان فراح الاب ضحية مؤامرة محلته وسلطانه واصدقاء مستقره وترحاله ، تعاون الجميع لاسقاطه فتمت المؤامرة بنجاح وبقي الاولاد بلا جناح . ان طار احدهم أكلته غربان المحلة وسحقه السلطان فاتفقت كلمتهم على تجميع أجنحتهم تدرباً على الطيران ، وارتكن بعضهم على بعض آوياً الى ركن شديد كان قد اشار اليه ابوهم قبل الوقت المعلوم . واكتملت اهليتهم للطيران واستغلوا عش ابيهم لدفئه وسعده . وسارت الامور متسقة ، والاوضاع مترتبة واحس الجميع فمن عرف الاب ونهل من اخلاقه وخلقه انه قد حفظ في ولده واطمأنت النفوس ، وسكنت القلوب الا قلوب المحلة اشتاطت غضباً قد تخلصنا بالامس من الاب فمن اين أتى الابناء ؟ فانطلقوا يتخافتون ، وامضوا الى حيث تأمرون ، نحن اكثر اموالاً واعز جنداً ، فلم يزعزع فعلهم طيران الابناء فقد استعدت قلوبهم للمواجهة ونفوسهم للمخاطرة ، وطأطأ بعضهم رأسه لتمر العاصفة على اخوته بسلام . ومرت السنون والايام والقلوب صافية من حسد وامتهان – حتى نزغ الشيطان بينهم واصبحت لهم رسوم ولشخصياتهم مواقع وخصوم وحواشي وأتباع تتباغض لترضي صاحبها وتعادي لتعبر عن ولائها . وبقي الكبير متزناً يرى الامور متدهورة والقلوب متوترة ، يتوقع لها أن تستيقظ في المستقبل لعلها تعود الى رشدها ولكن بعد فوات الاوان ، وخسارة الجولة والمكان والتعويض متعسر أو مستحيل . وفجأة غاب من قتل الاب وسقط في سجن احباب الامس الذين اصبحوا اسياد الارض والعباد – فانقسهم الابناء بازائهم ما بين معلن عدائه لا يعرف قدر نفسه ، وما بين محتال يحاول ايهام الناس بقدرته على تحقيق مكاسبه وغاياته ، وما بين متزن يعرف قوة عدوه وشدة بأسه وعمق خبثه ، قد نبه عن ذلك كثيراً وأعلن عديداً أن الامور تؤخذ غلاباً ، وبالحيلة لا بالوهم كما عليه الأوسط ولا بالافراط والتهور كما عليه الاصغر . ومرت الايام وتتابعت السنين وصدقت رؤيا الكبير وغاص الصغير في اعماق بحر الازمات ، ما ان يخرج من واحدة حتى سقط في أخرى ، ووجد بعد طول اختبار ان اصحابه يتمردون عليه جهاراً وينسلون منه لوذاً ، وان بقوا على اتباعهم له حفظاً لظاهرهم وتغريراً لمجتمعهم وفشل الاوسط في مستنقع الطبقات الاجتماعية بعد تجربة فاشلة مريرة فسب في الشوارع وألعن في المعابر وعلى رؤوس الاشهاد وعيون العباد ، وحاشيته يكذبون عليه تلبيساً للامر عليه حتى ظن المسكين انه الرجل الوحيد في الشارع الجديد . وحزن الكبير على ما يرى من التراث نهباً ومن المنهج ضياعاً ، ومن خيبة الاب خسارة فلا العقول حاكمة ولا القلوب حازمة بل العواطف صادقة كانت أم كاذبة هي سيدة الجولة العائمة وهو من تفرق عنه الاخوان وخذله الاعوان واستضعفه الاعداء وربما الاصدقاء قرر ان يمضي بمشواره وحيداً صابراً فريداً ، رأى جهده مصادراً وعمله مسروقاً وتعبه مغيباً كما توقع قبل سنوات في رسالة بعثها الى الأوسط ، وأخبر بها الأصغر ، وهيهات الاتعاظ والاعتبار بل المؤامرة والاحتيال على تراث الاب وتركته فاقتسموه متعادين واخذوه متجاوزين قد كشفت الايام زيف ادعائهما وضعف تدبيرهما وسوء صنيعهما – ولات حين مناص . فقد تطرف الأصغر مرة فخانه الأوسط وهو يحسن به ظناً وسانده الكبير وهو يسئ به ظناً وانجلت الغبرة وانكشفت الازمة الى تزمت جديد وعداء للكبير من نوع فريد . ويمضي الثلاثة كل على منواله وما وصل اليه – فماذا ستكون النيجة نتوقعها سقوط غير المأهل وفشل غير الصادق وانتصار الصابر ، وستأتي الايام بما لم يصدقا بل لم يتوقعا فان قانون الحياة حاكم كما اخبر الامير ( عليه السلام ) : ( يوم لك ويوم عليك ). واصبح تراث الاب في مهب ريح عاصف اصابت حرث الابناء فاكلته وعن قريب تذره ، وهيهات لما فات خلف . |
قصة قصيرة |
في أحد أيام الحر الشديد وفي أحد شوارع العاصمة بغداد ، ولم يكن في المكان من زرع فلا نخلة مرفوعة ولا شجرة مزروعه فالتقى الحر والإزدحام وحرارة التبليط حتى ضجرت النفوس وأنقبضت الأرواح ……. وهنا ظهرت فتاة جميلة سافرة كاشفة تطاردها أعين الطامحين وتتباعها نظرات المتخنثين حتى راح يهمس بعضهم في آذن البعض الآخر من هذه المتغنجة المتميعة ؟ في مشيها ، لم يصب أحدهم حقيقة أمرها . وما أن مر رجل هرم قد أنهكته السنين وأكل الدهر قوته وفتوته . وقد أحتفظ بعقل راجح وحكمة وكياسة ، وهو يخط برجليه ليقطع طريقه الى مقصده فتجمعت الناس إستغراباً لهيبته وإستئناساً بخبرته في معرفة خفايا الأمور وأستفاده من فراسته في كشف المستور فتطفل بعض المتجمعين وحاول أن يسأله…… . قائلاً : عمو هل لك أن تدلني من تكون تلك المتغنجة المتميعة الجميلة التي طار لب الجميع لحظة مشاهدتها ؟ فأجابه الشيخ : وكيف لي أن أعرف طريقاً لم أسلكه منذ سنين وقبعت في مسكني ضعيف مسكين ، لا يزورني صديق ولا يعينني حميم حليم ، والكل قد ملّ كلامي ، وتركوا مرامي فأصبحت وحيداً أفتش عن قبري بين اموات الأحياء ، وأزقة المتحضرين .. وها أنت تراني وحيداً من غير ناصر ، وغريباً من غير أنيس ، وضعيفاً من غير معين. المتطفل : مهلك يا عمو أنت تحمل هموم الدنيا على رأسك ولو كنت أعرف همك ما سألتك مسألتي ولتركت نفسي لحيرتي ……. . الشيخ : يا بني لما لم يسمع كلامي في زهو أيامي وإنفرادي في كلامي فكيف لا يسمع وفي زمن كثرت الأصوات وترفعت عن النصيحة النفوس وغابت عنها الفكرة الصحيحة ….، فدب اليأس في قلبي وأسودت الأرض في عيني ، وأصبحت أرى كل قادم يسألني لرغبة يرجوها لنفسه ، وغاية ينشدها لزهوه ..، وأنا كما ترى لا أغازل النفوس الطرية ولاالأهواء الشيطانية . وقد تأملت فيما سألتني وفكرت فيما طرحت فوجدت أن أحسن لك الجواب وأبرك في العتاب ، فإن قبلت جوابي كانت لك فيه الحسنى ، وإن رفضت كلامي كانت عليك الحجة . المتطفل: ومعه البقيه تسمع الحوار وتنتظر الجواب من الشيخ ، مالك لا تأمنا في الجواب و لا تقدر لنا أستغرابنا العتاب ، فنحن من أمة قد تكالبت عليها أمم الأرض ، وداست بأقدامها ديارنا وقطعت أرحامنا ، فأصبحنا لا نأمن من الغريب، ولا نطمئن لنسيب ولكنك مختلف عن الجميع وشعورنا يقول هو ما تأملون في مسيرة الطريق وحماية الثغور ، والتعجيل بالأمر المستور . الشيخ: ذهبت بكلماتك بنا بعيداً ، فمن سؤال عن جميلة مدللة تتراقص في مشيها وتبرز مفاتن جسدها لتحرك الآلات ونشعل المشاعل لهيباً . المتطفل : شيخنا الآن يجر الآن والصورة تأتي بالصوره . وفي أذهاننا معاني تتداعى فتداعت الى ما سمعت ، ودعنا نرجع الى مسألتنا الأم . الشيخ : سألت : فأسمع ، أما تلك العارية السافرة ، فهي ما يسمى بعرف المتحضرين (الحرية) وما نسميه نحن أس القضية ، حرية ميعت شبابنا ، وعرّت نسائنا ، وتشبه أبنائنا فصرنا لا نميز بين ذكرانا وأناثنا ، كلهم على وجه واحد وبشكل فارد من تقطيع للأجسام ، وحصر للبنطلون وتحمير للخدود ، وإبراز للنهود ، فكنا في حيرة قد نضطر لاستخدام حاسة لمسنا للتمييز بين الجنسين أو نخلعهم للتفتيش ، وهذه فضيحة كبيرة حاولت منعها فلم أفلح . وعلى الرغم من بياناتي وصراخاتي وأناتي ، ومع تفاعل معي في قصدي قد أخذه الغرور وأضل الطريق الموفور . المتطفل : لقد شوقتني كثيراً لمعرفتك .. من أنت بالله عليك؟ الشيخ : لو بحت لك بأسمي ستلعن لحظة الأمس لانك كنت تمشي فوق رسمي ولم تحترم شأني أنا أخلص واحد لكم ، وأكثر عداوة لي هي منكم . المتطفل : كيف يا شيخنا ؟ وضح أكثر ، لقد خلطت عليّ الأمور . الشيخ : أجتمعت عليّ أمتكم ورؤسائكم ، وجندت لكم الدنيا متعكم ، والأموال طغيانكم فحاصرتموني في غرفة مظلمة لا يرى لي فيها رسماً ولا أسماً . المتطفل : ألم يكن لك ذرية وأولاد أو أنك لم تتزوج الى الآن. الشيخ : وكيف لي بالزواج ولم يكن لي من كفء ومن كان كفء أو كانت فقد طحنتها القوانين ، وداست عليها الدبابات ، فرأيت العزلة خير لي من معاشرتكم ، وهي شر لكم من قطيعتي. المتطفل : يزداد كلامك غموضاً وأسلوبك غرابة ، ألم تقل لي من أنت وقد أقسمت عليك بمن تعبد ؟! . الشيخ : بمن أعبد أو بمن تعبدون من السلطة والوجاهه ، والمال والجاه ، فأني أعبد من تعرفونه أكثر مما تعرفون أنفسكم وتنسونه أكثر من كل نسيانكم، أنه الغريب بينكم والمرجع اليكم ، في كل ورطة تطلبونه ، وفي كل نشوة تنسونه ، أنتم مخادعون ومكرة وجاحدون، أعطاكم كرماً وأحسن أليكم تفضلاً ، فكان كرمه عندكم غروراً وأحسانه اليكم جبروتاً ، فقابلتم أحسانه بالإساءة وكرمه بالجحود . المتطفل : أنا أسالك من أنت ؟ وأنت تقول لي من أعبد !! الشيخ : هاهي عصبيتكم وجبروتكم تكسف عن ضعفكم، وتسفر عن ظلمكم لانفسكم ومجتمعكم ودينكم . المتطفل : مالي كلما قلت قد أقتربت من الجواب أبعدتني عن مسألتي وعن تحصيل المطلوب ، نحيتني . الشيخ : إذا كنت مستعداً للجواب فأسمع ، وإذا سمعت فأتعض ، وإذا أتعضت فالتفت ، وإذا ألتفت فأسترشد . المتطفل : ولم كل هذا ؟! . الشيخ : أنه مفتاح حلكم ومضمار فوزكم ونجاحكم . المتطفل : ما هذا السر العجيب الذي تغير تعبيرك عنه في كل مره . الشيخ : أنه فعلاً سر عجيب حيث به حياة الأمم والشعوب وما من بركة تنزل ولا نقمة ترفع إلا بفضله ومن عطاياه . المتطفل : أين هذا الذي تقوله ؟ . الشيخ : أمامك لكنك لا تراه ، لانك غمست نفسك بوحل الهوى ، وشهوة الغريزة ، فأصبحت عيناك مغشية لا ترى إلا ما تشبعت به من مناظر الحرية التي جئت تسأل عنها ، ومفاتن كذبة (السرسرية) . المتطفل : كيف ذلك وعيناي سليمتان ؟! . الشيخ : هذا شأنك أنت ونفسك . المتطفل : بالله عليك أرحمني يرحمك الله . الشيخ : يرحم الله من يعرف من هو أمامك ، ويحدثك بكلامك . المتطفل : ولِمَ لا تقول من ؟! . الشيخ : أمر بالمعروف قد ضيعتموه بأفعالكم ، ونهي عن منكر قد أفشلتموه بأهوائكم فأنا ياهذا المغرور… الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، فهل وجدت أو سمعت معروفاً نُسي أو منكراً قد عُرف وشاع بينكم من دون حياء حتى أمسى رديفكم ، وصاحب أنسكم . وستعلمون أي حق ضيعتم وأي جرم أرتكبتم ، وعندها سيقول لسان حالكم..((ياليتها كانت القاضية)) |
كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا |
الصراع في ساحة العمل السياسي وعلى الدوام من خلال متابعي لا يخلو من لعنة بلغة القرآن وانتقاص او تضعيف او نقد او تخوين بلغة اصحاب السياسة وتجارها ، ولا تختلف اللغتان الا باعتبار المستعمل مما يعني ان مضمونهما واحد هو ابداء كل مساوئ السابق ومحاولة اسقاطه وانهائه وصيرورته خبراً بعد عين ، وما ان يتحقق له ما يريد سواءً مما حصل منه او من غيره ، حتى يأخذ لنفسه قميص سلفه وطريقة تعامله وربما يقع في أسوأ مما كان عليه سابقه وهو يحسب انه يحسن صنعاً . فمن نقد لأداء النظام السابق في تعامله مع افراد الشعب العراقي بمقولته المشهورة ان لم تكن معي فأنت عدوّي ، هكذا كان يتعامل مع ابناء شعبه وممن ليس على حالة انضمامه الى حزبه فلا وظيفة يحصل عليها ولا ايفاد يصل اليه ولا بعثة دراسية تعزز طموحه ومنصب اداري يقوي قدراته و ……….. كل ذلك لانه غير منضم الى الحزب الحاكم آنذاك ، الحزب الذي يملك سلطة وقيادة في حينه ، وهذه الحالة قد اتخذها معارضوه ومنهم كاتب هذه السطور شماعة للنيل منه واظهار مساوئه وان كان كله مساوئ . وقد تبدل الآن حال الدنيا من حيث السلطة والسطوة فهل تغير ما كان ينتقده الاخرون على نظام البعث السابق ، ام ان الامور نحت على منواله ونسجت على خطواته فاذا اردت ان تتعين في الوزارة الفلانية او الدائرة الكذائية وهي بالطبع من حصة (سين) من الاحزاب فيقال لك أءتني بوثيقة تزكية من نفس الحزب التي تكون الدائرة من حصته . ومن الطبيعي ان التزكية لا تعطى جزافاً الا بشق الانفس او بالضمان المطلق وهو ان تكون منتمياً الى الحزب او الجهة صاحبة السيادة على الوزارة – او انها غالباً ما تختصر الطريق وتغلق الباب على المتقدم ما ان تشعر انه من الجهة الفلانية او الطائفة الكذائية او القومية …………. وهذه التصرفات هي تعبير – مما يسميه اهل المنطق والاصول – باللازم عن لغة البعث السابقة . ولا تعجب فان العجب قد رفع من ذاكرة وعقول العراقيين في زمن الحرية الموعود !! ان سمعت او تسمع ان بعض الاحزاب قد طردوا بعض المنتسبين لدوائرهم عندما علموا انهم يرجعون الى جهات اخرى والاكثر في هذه الجهات – الاسلامية – او التي تدعي اسلامية المنهج – . والسبب الذي تكمن وراءه هذه الحالة قد يكون توهم هذا الحزب انه بذلك يريد تحصين نفسه وتقوية موقعه او يدعم اعضائه من خلال تفضيلهم على الغير لمجرد ولائهم له ولا يعلم أهو ولاء بقناعة او ولاء ببطانة ، وقد نسي هذا الحزب ان القوة تأتي من الجماهير وهي لا تعطيها الا لمن تشعر بانه يخدمها ويعمل من اجلها وقد اغلق هذا المسكين على نفسه ومستقبله ابواب القوة الجماهيرية بأيصاد الباب امامها في وظيفة تسد بها رمقها وتحفظ بها ماء وجهها من ذل الحاجة وأسر الفقر . وقد يكون – ايضاً لا تعجب – لما سأقوله ، هو استغلال حالة الانفلات وغياب السلطة وغفلة الرقيب والحسيب على كل فعل يفعله اهل السلطة والوجاهة في ظل غياب القانون والخوف من المجهول ، والمستقبل المستور اذ لا شيء مضمون بالمطلق ، لا المنصب ولا الموقع ولا الاتباع ولا الاموال ولا حتى الحياة الذي قد يأتي عليها القدر في لحظة غير محسوبة بدقة ، في جو كهذا يتصور صاحب القرار ان عليه تأمين وضعه وموقعه من خلال توظيف من يدين له بالولاء ، والولاء فقط ، واما حاجة البلد الى العناصر الكفوءة فستأتي بعد – خراب البصرة – . وقد يكون ، ولا تعجب لثالثة الأثافي – ان تسهيل ( حوسمة ) المال العام تكون سهلة وميسورة عندما يجتمع أحبة المنهج واصحاب الطريق ليحمي كل واحد منهم ظهر الاخر في ظل غياب الرقيب والحسيب ، إلا من وازع الضمير الذي جمده اصحاب القرار والسيادة ، ولفترة مؤقتة سيصحو منها بعد حين – حين الخروج من مأزق الوظيفة والموقع والوزارة ، حيث يعود الضمير الى رشده ليحيى بعد التخدير الحاصل له من زهو المال وقدرته العجيبة على التوريط . وقد يكون – ويكون نتركها للذين يرون الامور بعيونهم ومن خلال وجهة نظرهم . ونحتاج الان الى وضع ميزان نوزن به اصحاب السمو والرفعة ، وميزاننا ليس كباقي الموازين – لان منطلق ما نضعه من ميزان هو القرآن الكريم في نصه التالي : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ E وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ E وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (204- 205 – 206) سورة البقرة ) . وألد الخصام في مقام الاستشهاد بالاية – ألديته لنفسه حينما ورطها في الوقوع بما لا تأمن معه السلامة والنظافة ، كيف والجو ملوّث والامور تسيّر من الاجنبي ، فيضطر لاحد امرين كلاهما يثقل على نفسه ، اما الانسحاب والعمل بمنهج جديد ، ولكنه يرى ان هذا طريق طويل قد لا يوصل الى المطلوب ، واما البقاء وهو يرى الارتكابات والاختلالات فيشارك فيها بسكوته . ومع سكوته فيها ، فهو يهلك الحرث والنسل . ومن الظريف انه اذا اختار البقاء لعن من دخل قبله ومن هيئ له الامور فيصل فيها الى موقعه لانه يدرك ان الحمل ثقيل وان التغيير عسير فينشط في تحميل مسؤولية ذلك الى سابقه من النظام المقبور ، وهو ما تصف به الاية ( كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا (38) سورة الأعراف ) . الاخت هنا المثل – والكل امثال في السلطة والنفوذ . 8 – ربيع2 – 1427هـ |
كلمات ينبغي أن تقال |
1- ضربة منتظر الزيدي تعدل كل الضربات التي وجهت وستوجه للولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق ، بل تفوقها بكثير لأنها أطاحت بالهيبة الأمريكية المفتعلة . 2- ضربة يتمناها كل من ينظر إلى أمريكا بريبة وان كان في تصرفه منسجم معها فإنها قنبلة المجد وطريق الشهرة المختصر . 3- ضربة منتظر ، أداة اختبار لمعرفة معادن الرجال ، من الشجاعة والنخوة والغيرة والانتفاض على الظلم . 4- ضربة منتظر ، لم تأت اعتباطاً بل باستحقاق قد حان أوان أفول الغطرسة الأمريكية ، وترويض غولها الهائج . 5- ضربة منتظر ، كلمة حق أمام سلطان جائر على أهل الدين والوطنية ، التثقيف لها لتعزز عناصر المنعة والغيرة على الوطن والدين . 6- ضربة منتظر ، حفزت رؤساء وشعوب لتقف بشجاعة أمام الآلة العسكرية الجبارة المتوقع انهيارها في غضون بضع سنين . 7- ضربة منتظر ، شفوة للمؤمنين وغيض للمتخاذلين والمتحذلقين بثقافة الأمر الواقع . 8- ضربة كذبت مقولة القوة الأعظم في العالم ورئيسها يضرب بالحذاء . 9- ضربة منتظر لم ولن يفعلها أبطال الإرهاب في العالم الذين يقتلون الأبرياء استمراراً لسياسة الأقوياء . 10- ضربة منتظر ، ترجمة فعلية لمقولة الإمام الحسين (عليه السلام) هيهات منا الذلة . هذه عشرة كلمات نظن أن فيها الكفاية وان كانت في الضربة متسع عظيم من الكلمات لكن في المذكور غنى وكفاية . |
كي لا تتكرر الأخطاء |
ونحن مقبلون على تلبية نداء الحق لزيارة سيد الشهداء الإمام الحسين ( عليه السلام ) في ذكرى الأربعينية المباركة ، فإننا بالتأكيد سنكون متربصين من قبل أعداءنا أجمعين الذين ما انفكوا يخططون للنيل من عزيمة الموالين لأهل بيت النبوة ( عليهم السلام ) لثنيّهم عن أداء الشعائر الحسينية ومراسيم الزيارة المليونية والتي تعتبر بحسب قراءتي لواقع الزيارات الحسينية اكبر زيارة عدداً . وكان لضعف الحس الأمني وقلة الاحتياطات الإجرائية قد سبب وقوع كوارث ماضية لا زالت أحداث جسر الأئمة في الكاظمية المباركة شاهد صدق على هذا القول مما يدفعنا للتفكير الجدي والعملي للحيلولة دون تكرار المأساة والتضحية بمزيد من الأرواح وان كان الموالين لأهل بيت النبوة ( عليهم السلام ) لا يبخلون بها كما عهدتهم ساحات المنازلة مع الجبابرة والطواغيت والحاقدين على مذهب أهل الحق ، ولكن في الحذر وقاية للضرر كما أننا لا نرضى بان يذهب ضحية للأعمال الإرهابية والإجرامية بعض إخوتنا الأعزاء . ومن هنا نقترح البرنامج التالي لضبط الوضع الأمني واتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع تكرار الجرائم الإرهابية . بأن تقوم الأجهزة الحكومية بـ ( أن تضرب طوقاً امنياً حول مركز المدينة وعلى خارج محيطها بمسافة تصل إلى مديات الهاونات المستعملة في قصف التجمعات كالتي حصلت في الأعوام السابقة ، عبر ما يلي : 1- أ – تسيير دوريات ضمن حدود المحيط المرسوم . ب – استعمال الطائرات المروحيةالعراقية للرصد والمراقبة . ج – استعمال علامات خاصة ومتميزة لإفراد الشرطة والحرس الوطني كي لا تخترق من قبل الإرهابيين فيندسوا ضمن صفوف الأجهزة . د – منع أجهزة الأمن توزيع الأطعمة والاشربة على الزوار إلا بترخيص مسبق وإجازة رسمية يستحصلها الموزع ليكون خاضعاً للتفتيش من قبل الأجهزة والزوار . هـ – أن تحاول الأجهزة بمختلف تشكيلاتها وضع خطة أمنية بالتنسيق بين أجهزتها المختلفة وتكون ذات مرونة وسهولة في التطبيق والإنجاز . 2 – مشاركة الاهالي في المراقبة والمتابعة لحركة الزوار ورصد الغرباء من خلال مجموعة متطوعين من اهالي المنطقة . 3 – تسهيل الحركة من خلال اعداد مركبات لنقل الزوار من مناطق النزول خارج نقاط السيطرة لنقلهم الى داخل المدينة او قريب منها تجنباً للتجمعات الكثيرة . 4 – اعطاء ارقام هواتف للاخبار عن حالات غريبة . 5 – استعمال كامرات مراقبة في بداية الطرق الفرعية التي يطرقها الكثير من الزوار . 6 – وضع مراقبين على ابواب الجوامع لتفتيش الداخلين اليها زيادة في الحيطة . 7- التعامل مع مخاتير المناطق لتنظيم عمليات الطبخ والاطعام بحيث يكون كل مختار مسؤول عن تنظيمها في منطقته . |
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى |
ليس خفياً ان تكون تصرفات الجيش الامريكي المحتل بهذه الوضاعة والتدني فان هذه الخصال ذاتية لجيش محتل وعرضيه لامة لا تملك من العمق التاريخي ما يحملها على احترام ثوابت الشعوب وقيمها الانسانية وثوابتها الاخلاقية ، فهي تندفع بفعل عقدة الانفصال عن الماضي وعنصر التشتت والتشرذم الذي تعيشه الى تخريب قيم الشعوب وثوابتها الدينية او الاخلاقية او العرقية لنصل الى نتيجة واحدة ( كلنا في الهوى سوى ) ولا فضل لكم علينا بل نظنكم كاذبين على ما يعبر به لسان حالهم . وقد اخذت سياستهم في العراق اسلوب التدرج والمراقبة ، تتدرج في الاساءة الى الشعب عبر المساس بقيمه الاخلاقية والدينية ، ومن ثم تراقب ردود الفعل المتأتية من الشارع والسلطة عفواً(السطوة) فاذا ما وجدت انها باهتة كما هي كذلك في كل مرة انتقلت الى ما هو أسوأ واشد اهانة وإيلاماً بالجسد العراقي واكثر استخفافاً بالشعب وثوابته وقيمه يخبرك عن هذا الاجراء بهذا الاسلوب القاء نظرة سريعة على ما ارتكبته هذه القوات بحق الشعب العراقي ، فمن قتل عشوائي غير مبرر صاحبه رفع ادانة المرتكب من الجيش بقرار برايمر سيء الصيت ولم ينبس مجلس الحكم السابق ببنت شفه ولم تفعّل قضية ادانة او رفض هذا الاجراء من قبل مؤسسات الدولة ومنظماتها الانسانية ، فوجدت الادارة الامريكية ضالتها في ارتكاب الاسوأ فاخذت تدخل المساجد والحسينيات بلا استئذان مرتكبةً تجاوزاً واضحاً على حرمات هذه الاماكن المقدسة ، وتعدياً صارخاً على كرامة الشعب . ومن ثم الانتهاك لها من خلال قتل بعض العزل فيها كما حصل في مسجد بالفلوجة وبعض الحسينيات في بغداد . وتعدت اكثر بارتكابها جرائم يندى لها جبين الشرفاء في العالم في سجن ابو غريب فقابلناها بصمت كصمت القبور – كما عبر السيد الشهيد الصدر ( قدس سره ) ، ثم تمادت بمداهمة البيوت وسرقة اموال الناس ومصوغاتهم والاعتداء على اعراضهم وها هي جريمة الاغتصاب البشعة التي ارتكبتها ادارة المجتمع المتحضر كما يتمشدقون ولم نسمع لا من الداخل ولا من الخارج من يدين هذه الجريمة او لا اقل يستنكر خصوصاًً حكومتنا الموقرة ( الحبّابة ) وكأن هذه المسكينة وعائلتها من قوم آخرين قد اصيبوا بداء ما له من دواء فكان الاولى الهروب عنهم بعيداً كي لا تصيبنا نيران غضب قوات الاحتلال .. اين الخلل ؟ سؤال يفرض نفسه بقوة ما بال احدنا يقاتل عندما يمس شرفه وربما يقتل أو يُقتل لمجرد فعل بسيط لا يصل لحد جرم هؤلاء ، ونعجز عن ان ندين او نطالب بمحاكمة الجناة والقتلة ، كما هو حقنا الطبيعي الذي تقره القوانين الدولية وتلزمنا به اعرافنا الاجتماعية ومبادئنا الاخلاقية . ان العقدة تكمن في الاخلال بتوازن احدنا عندما توهم جاهلاً ان الاحتماء خلف مسميات بعيدة عن الوطن سيوفر له عاصماً من أمر هؤلاء فراح البعض يحتمي بموقعه من السلطة أو بمذهبه أو بعشيرته ، وتركنا الوطن يعلوه الطغاة بدباباتهم وتدوس على شرفه أرجلهم فكانت عاقبة أمرنا خسراً ، بل من الذين وصفهم القرآن المجيد الاخسرين اعمالاً ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) سورة الكهف ) . فحسبنا ان الاحتماء خلف هذه المسميات ستحفظ اشرافنا واعراضنا وكراماتنا ، وهيهات لتلك ان توفر لنا الحماية ، وضل سعينا حينما هرولنا خلف محاصصة بغيضة فككت عرى لحمتنا وترابط مجتمعنا ، فكانت حصناً للمحتل لا لنا ، وها هي النتيجة – نختمها بقول الشاعر : لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى تراق على جماجمه الدما |
لا يعدم الصبور الظفر |
تملك كلمات المعصومين ( عليهم السلام ) خزيناً دلالياً كبيراً ومتشعباً فهي صالحة للاستشهاد في كل أوان وزمان فلا يحدها زمان ولا يقيدها مكان ، واذا سألت عن السبب الذي يجعل كلماتهم كل هذه الضخامة الدلالية المتجددة ، كان هو أنهم لا يتحدثون بحدودهم المكانية والزمانية بل تجاوزوها الى ازمنة متمادية في عمق المستقبل مع التقائها مضموناً مع الفطرة الانسانية الثابتة والحاجة النفسية الغروزة ، مما اعطى لكلماتهم سمواً وتفوقاً ألحت الاخرين الى الاستشهاد بها في مواضع عديدة كلما دعت الحاجة الى تدعيم وجهة نظرهم او تصويب ارائهم فهي الدستور الذي يستبطن الحقيقة ويسعى الى الخير والعدل والمساواة . ولقد تصفحت كلمة امير المؤمنين ( عليه السلام ) الخالدة ( لا يعدم الصبور الظفر وان طال به الزمن ) فوجدتها صادقة صدق اليقين ماثلة لكل ذي عينين ، فهي صادقة في الشؤون الشخصية للبشر وفي المجالات الاجتماعية لنشاطاتهم ، ولمساراتهم السياسية في حكومة بلدانهم . ومن شؤونهم الشخصية فقد وجدت ان ما من شخص صبر على عمل مارسه او مشروع ابتدأه او منهجية اتبعها الا نجح وفظفر في نهاية المطاف وبعد مدة من الزمان ، فصاحب المحل جرت اموره الى خير وتوسعت تجارته وازدادت ارباحه بعد ان كانت شحيحه في بداية عمله الى حد العدم او دونه في احيان عديدة ، ولكن ما ان صبر ظفر فصدقت المقولة وازدادت وثاقة . وممارس المقاولات الانشائية قد وصلت احواله الى شركات انشائية كبيرة واعمال وفيرة . ومن انتهج الخطابة عملاً فقد فاز شهرة وثروة ، وهكذا بشرطها وشروطها ، شرطها الصبر وشروطها الصمود والثبات والا سوف لن يصل الى الظفر الموعود ، وهكذا بامكانك ملاحظة مصاديقها في مجالات الحياة المتعددة . واذا اردنا ان نتعمق اكثر في فهم الكلمة ، فان الصبر يقوي الارادة ويزيد العزم والاصرار وهو مفتاح النجاح ، لان المصر يعزم دائماً على الظفر وان تعثر في محاولاته فليست كل التجارب تحظى بالنجاح بل قد تصاب بالفشل الذي لا يؤثر على عزم المصر للوصول الى الظفر ، واما اذا انتكس الفرد حالة الفشل واشعر نفسه الاحباط والفشل وتباطئ في اقدامه وتراجع في اصراره فقد اضاع الامل وقطع الصبر بالكسل . ولقد وجدت بعض امم الارض وشعوبها اذا اصرت وصبرت على مساعيها في الخير والوصول الى الاهداف ، وصلت لا محالة ولو بعد حين ، فالامة اليهودية مع كونها مشتتة في اصقاع الارض وبلدانها قد وصلت الى هدفها وظفرها حينما صبرت واصرت على انشاء وطن لها ، وها هي وصلت لما تريد ، ولكنها تخشى من تعاديهم او يعادونها بحق ، لانها غاصبة – عندما تشعر منهم الصبر والاصرار فهي تحاول جادة وتسعى عاتية لتكسير صبرهم وتمزيق اصرارهم ، ذلك ان تجربتها اخبرتها انه لا مستحيل مع الاصرار ولا نجاح الا مع الصبر والاستمرار ، فهي تخاف من يصر على تهديدها او يتهيأ لمواجهتا او يصرح ضدها او يقف في مواجهة معها لان هذه الامور مواطن للصبر الذي يأتي بالظفر . وكذا وجدنا ولمسنا نفس الشيء مع صبر بعض مراجع الدين واصرارهم على نيل اهدافهم والظفر برغباتهم عند صبرهم واستمرار صمودهم ، فمن السيد الخميني ( قده ) مؤسس جمهورية ايران الاسلامية الذي استطاع ان يؤكد ويترجم مقولته بان الاسلام له القدرة على الحكم وقد فعل الى الشهيد الصدر الاول الذي برهن على قدرة المرجعية الدينية ان تدافع عن نظام الاسلام امام انظمة العالم ، الى الشهيد الصدر الثاني الذي اعاد للاسلام بهجته وتفاعله مع البشر ، فحقق بصبره واصراره ما عجزت عنه قدرات امم من البشر . وقد قيل في الحكمة – الصمود يصنع النصر – ولا يبتعد الصمود كثيراً عن الصبر ، كما ان النصر هو الظفر ، وعليه فالكلمة مستوحاة من كلام الأمير المتقدم . ويمكن تطبيق هذا المبدأ حتى للامم التي تواجه اخطاراً وتهديدات ، كسوريا ، وايران وغيرهما من الدول فان شيئاً من الصبر وقليلاً من الصمود يصنع النصر ولا يعدم الظفر . والتراجع مخذله ومذلة وضعف ارادة وخور قوة واستقواءً للعدو ، واحياءً للظلم ، واستمراراً للجبن ، واستخفافاً بالنفس ، واستيراداً للحكم واستعداءً للعدل ، واسترزاقاً للغير ، واتباعاً للرأي ، واسترضاءً للشر ، واستنزالاً للقحط واستضاعة للثروة ، وانتهاباً للكرامة و …………………… . ويمكن تدعيم قيمة هذه الكلمة الخالدة بقوله تعالى (إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104) سورة النساء) . وقوله تعالى ( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) سورة البقرة ) . وقوله تعالى (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (17) سورة لقمان) . وقوله تعالى ( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) سورة آل عمران ) . وقوله تعالى ( وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186) سورة آل عمران ) . وغيرها كثير والله يحب المحسنين . 4 – ربيع2 – 1427هـ |
لو تكاشفتم لما تدافنتم أو تدافعتم |
من الطيب ان يجتمع الفرقاء العراقيون ويتكاشفوا عما في دواخل نفوسهم كل في مقابل الطرف الاخر لان التكاشف هو ما يدفع على التقارب وينفي التباعد ، وقد ورد عن اهل بيت العصمة (( لو تكاشفتم لما تدافنتم )) أي لما تدافنتهم الاحقاد والعداوات وسوء النوايا والخصومات اذ هي في الغالب تبنى على وهم وتصور تغلب عليه النزعة النفسية والرأي المسبق الذي ينحى عن جادة الصواب وحقيقة الحال ، ولا يزول هذا الوهم الا بالتكاشف مع الطرف الاخر ونزع ما في نفسه من الرأي ومعرفة حقيقة نواياه غير النوايا المبتنية على الوهم والتخمين . ومؤتمر القاهرة للوفاق الوطني العراقي هو مصداق لهذا الحديث الشريف وهو بادرة خير على الشعب العراقي وخطوة في الاتجاه الصحيح كما يحلو للبعض ان يعبر فان مجرد اللقاء بين القيادات يذهب بنزعة التعالي والتجاوز على الاخر ويهيء ارضية قبوله والدخول في شراكة معه او على الاقل تخفيف حدة التوتر معه والبدء في تجاوز عقدة عدم قبوله او تهميش دوره وتغييب فعاليته في احداث الساحة او قدرته على التأثير والفعل بمجمل احداث الساحة . انه بمثل فرصة حسنة لان يعي الجميع – وليس كلهم حاضرين ، لان دائرة التغييب والتهميش ذات جذور عميقة ومتشعبة وتراكمية بين الطيف الواحد فضلا عن ان يكون بين الاطياف المتعددة – ان اللعراق وطن يشترك به الجميع ومن حق الشريك ان يستشار في امر يتعلق بشراكته وبما يشترك مع الاخرين وان أي تصرف يتجاوز ويعبر حدود الشريك الاخر هو تصرف غير جائز ولا مقبول ، بل هو مرفوض شرعا وعرفا فان التصرف بمتعلق حق الغير واضح المنع شرعا وجلي الرفض عرفا . الا ان هذه البديهية قد تغيب عن اذهان الساسة او القادة بفعل الاغترار والزهو بعناصر القوة والقدرة التي يملكها بعض الاطراف فيتصورون ان بقدرتهم اتمام العملية السياسية وانجاز الامر الذي يرونه صحيحا بعيدا عن اخذ رأي شريكهم او شركائهم في هذا البلد وان حقهم مضمون في تقرير مصيره واحلامه وفق ما يجدونه صحيحا وسليما ومستقيما . وبعد ان يجد البعض خطأ هذا التصور ولو بعد حين قد يقع فيه باخطاء كبيرة تعرقل المسيرة الديمقراطية المنشودة لهم اكثر مما تقربها – يضطره هذا الوقوع الى التنازل والقبول بالاخر بعد ان تجاوزه وستر على حقه المضمون في اصل الشراكة . وغالبا مايجره الاضطرار الى قبول تدخل طرف آخر خارج دائرة الشراكة ليدير عملية الوفاق والتوافق مما يزيد في العملية صعوبة وفي الخطوة تعقيدا . وكان من الاجدر له ان يتنازل عن عليائه ويقبل بالحق المضمون للاخر ليقلل من الهوة ويزيد من الالفة ويمنع تعقيد الخطوة . وعلى كل فان ما حصل بالقاهرة اذا ما اخذت بنود بيانه الختامي بالجدية والمتابعة فانه سيحقق جوا للعراقيين اقرب ما يكون الى الود منه الى الخصام وسيفتح المجال لكثير من التفاهمات حول القضايا الحساسة في البلد . ويعاب عليه – وان كان تمهيديا – كي لا يترك الباب مفتوحا لتأويلات واجتهادات متباينة حول بعض القضايا ، فقد اهمل تحديد المفاهيم المهمة موضع النزاع بين الفرقاء فقد اهمل تحديد مفهموم الارهاب – ومفهوم المقاومة الشريفة مع اشارته اليهما . وتعمد ، اهمالا – اشتراك كثير من الشخصيات الوطنية – المشهود لها بالساحة السياسية والاجتماعية في الزمن السابق وكذا اللاحق بعد سقوط النظام وكان معظم المشاركين هم ممن هاجر او هجّر من العراق ولم يأت اليه الا بعد السقوط وان كان اغلبهم من المعارضين للنظام . وقد يعزى هذا التغييب للشخصيات الوطنية – ولتسمهم عراقي الداخل في مقابل عراقيي الخارج – أي المعارضين – . وربما يكون اهل الداخل اكثر معارضة واقسى ظرفا في زمن النظام المقبور – من اهل الخارج والضرورة التاريخية والواقعية قاضية بلزوم مشاركتهم في هذا المؤتمر الذي دعت اليه الجامعة العربية وهي لا تعرف من الرموز الوطنية الا ما يصلها من الاعلام واما من لم تطله يد الاعلام عمدا احيانا وسهوا اخرى فكيف تدعوه ، الا عن طريق بعض الجهات رسمية او غير رسمية ، وهي تاخذ في حساباتها عنصر الولاء بالدرجة الاولى بدلا عن عنصر الاستحقاق والاحقية في التمثيل والمشاركة وفق التاريخ الواصل من زمن النظام الى ما بعده – وهذا امر مؤسف وعلى اهل الشأن ان يأخذوه بنظر الاعتبار في اجتماعهم المقبل ان شاء الله تعالى . كما ويعاب عليه انه لم يشخص المشكلة الحقيقية ويحاول تناولها بموضوعه ليضع لها الحل المقترح والآلية الصحيحة – بقدر ما عالج العملية السياسية وضرورة اتمامها من خلال المشاركة في الانتخابات العامة المقبلة ، وكأن البلد لا تقام لها ساق الا بالعملية الانتخابية المقبلة ولا شاهد على هذا الرأي ان لم يكن ضده بعد ان وجدنا الانتخابات السابقة عاجزة عن تحقيق ما لوحت به وبشرت به . فكان على المؤتمرين التوقيع على وثيقة ادانة وفتوى تجريم وتحريم العمليات الارهابية التي تستهدف الابرياء من الاسواق ، والمساطر والمساجد والطرقات والمساكن والساحات ، والبراءت منها والتبري من فاعليها وتجريم من يدعمها بالكلمة او يداري في تحريمها ونقدها كما نسمع في كثير من اللقاءات لبعض الشخصيات على المرئيات . وكان عليهم التعاهد على رعاية مصالح العراق من خلال ثوابت معينة تلغي العرق واللون والمذهب والجنس وهي المواطنة ، والكفاءة والاستقامة . وعلى عدم السعي في تمزيق العراق وتجزئة ارضه وشعبه تحت مسميات معروفة بحيث يكون هذا التعهد ملزما لهم ولمن يأتي بعدهم في المرجعيات القانونية الدولية ، كهيئة الامم المتحدة ، مجلس الامن ومنظمة المؤتمر الاسلامي ، والجامعة العربية لتزول مخاوف البعض من جر البلد ومن خلال بعض فقرات الدستور الى التفريق والتجزئة . وهي مخاوف مشروعة ويشاركهم فيها جميع العراقيين . وللكلام تتمة . |
إلى / أهلنا في البصرة والعمارة وكل محافظة في العراق . م / هبوا لنجدة إخوانكم |
السلام على من اتبع الهدى وسمع القول فاتبع أحسنه . * في وصية للرسول ( صلى الله عليه واله ) قال : يا ابا ذر يطلع قوم من اهل الجنة الى قوم من اهل النار فيقولون ما ادخلكم النار وانما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم وتأديبكم ؟ فيقولون إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله . * وفي آخر عنه عن النبي ( صلى الله عليه واله ) قال : من اصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ، ومن سمع رجلاً ينادي بالمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم . * قال الامير ( عليه السلام ) في خطبة له ، فانا لله وانا اليه راجعون ، ظهر الفساد فلا منكر مغَير ، ولا زاجر مزدجر ، لعن الله الامرين بالمعروف التاركين له ، والناهين عن المنكر العاملين به . * وقال الصادق ( عليه السلام ) : لا تسخطوا الله برضا احد من خلقه ، ولا تتقربوا الى الناس بتباعد من الله . * وقال الباقر ( عليه السلام ) : من بخل بمعونة اخيه والقيام له في حاجته الا ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر . * سُمع امير المؤمنين (عليه السلام ) يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه واله ) : أيّما مسلم خدم قوماً من المسلمين الا اعطاه الله مثل عددهم خدّاماً في الجنة . وفوق الجميع قول البارئ عز وجل : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) سورة آل عمران ) . ونوجزها بقول الامام السجاد ( عليه السلام ) : اللهم اني استغفرك لمظلوم ظلم في حضرتي فلم انصره … يستغفر الامام وهو المعصوم من ذنب ان يتقاعس عن نصرة مظلوم ظلم في حضرته . ومن الجلي الواضح – ان المطالبة باطلاق سراح المسلمين هو من المعروف الواجب الامر به ، واسرهم او سجنهم بلا وجه حق هو من المنكر الواجب النهي عنه . وهذه المشاركة في هذا الاعتصام الذي يدخل في عنوان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فرصة لكم فلا تضيعوها فان اضاعتها غصة كما قالها أمير المؤمنين . واعلموا ان فوق هذا فان اجدادكم الغيارى الذين وقفوا بعز وكبرياء امام جدار الظلم والاسعباد سطروا ملاحم بطولة رجالية لن ينساها تاريخ العراق وتاريخ المحتل لازالت ذهنية والمحتل يتذكرها جيداً وهي تماطل في ان لا تتكرر – ارواحهم تطالبكم اعادة الكرة وتسجيل الموقف كي لا تضيع جهود اجدادكم وتخسر تجارتهم في إنجابكم – كونوا ابطالاً كما كانوا ورجالاً كما راحوا ، ولا تكونوا – على الوصف القرآني ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) سورة النحل ) ، انتم اسمى ان شاء الله وانتم اهل الارجوزة التي حفرت لها موقعاً في ذاكرة العراقيين ( الطوب أحسن لو مكواري ) . اعيدوا الى اذهان التاريخ انتم من اؤلئك بل انتم هم وان اختلف الزمان وتبدلت الاحوال وهي تقتضي تبدل الاسلوب واختيار العلاج ، واعتصامكم هو الاسلوب الامثل في هذا الظرف بالذات وهو احد وسائل الضغط والمقاومة المشروعة ، واذا لم تأت اكلها ألجئوا الى وسيلة المقاطعة لهم في كل شيء . وارفعوا اصواتكم وبالصلاة على محمد وآله – شعار الاسلام الخالد وانتم معتصمون امام قنصلياتهم كل ربع ساعة لتتحد اصواتكم بالدعاء كما اتحدت قلوبكم واعمالكم بالاعتصام . واعلموا ان الله مع الذين اتقوا – لترجعوا الامة الى ماضيها المجيد – بصريح قوله تعالى : ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) سورة آل عمران ) . واذا تأملتم بما صدرت به البيان علمتم ان عملكم هذا من الواجبات بل افضلها ومن المستحبات بل احسنها ومن العرفيات المعمولة بل ارفعها ، ومن الاخلاقيات بل اسماها ومن العشائريات بل أعزها . والله ناصركم ما دمتم ملتزمون بما حق عليكم الالتزام به ، ( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) سورة محمد ) . 14 – جمادي2 – 1427هـ |
ما أشبه اليوم بالبارحة |
عندما اتذكر بعض مواقف النظام المقبور ومشاريعه الخدمية وغيرها يقفز الى ذهني ان ما من شيء أعلن عنه الا أتى بنتائج عكسية ، ربما تكون متعمدة وربما عفوية الا انها عكسية وهذا ما يهم التذكير به ، ما ان اعلنت وسائله الرسمية الاعلامية بان الحكومة تنوي او تدرس المشروع الفلاني ، فان الامور تأخذ بالسير خلاف هدف المشروع فاذا ما قررت مثلاً اعطاء تسعيرة محدودة لطبقة البيض وفرضت بعض القرارات الصارمة لتلزم المواطنين بالالتزام بالتسعيرة الجديدة ، ولكن السعر اخذ بالارتفاع واكثر ما يلفت هو ان ارتفاعه غالباً ما كان في فترات قلة الطلب على البيض اوقات الصيف الحارة مخالفاً في ذلك قاعدة العرض والطلب عند الاقتصاديين . وكذا لو اقر مجلس ما كان يسمى ( مجلس الثورة ) مرسوماً جمهورياً يقضي بانشاء شبكة طرق حديثة لتسهيل عملية النقل وتخفيف الزحام المروري ، فان النتيجة بالعكس تماماً فلا المشروع ينفذ ولا التخفيف يحصل وهكذا – يعرفها كل من تابع الشأن العراقي السابق . والنتيجة المستحصلة من هذه الصور الحياتية ، هي ان المراد الجدي للحكومة هو النتيجة الحاصلة لا النتيجة المقررة فكان لها ما تريد . فهل لهذه الحالة شبه في حالتنا الان ؟ لنأخذ الخطة الامنية – او الخطط الامنية المتتابعة تتابع الحكومات العراقية القصيرة المدى ، ابتداءً من حكومة مجلس الحكم وانتهاءً بالحكومة الحالية. فقد وجدتم ووجدنا ان الوضع الامني يزداد تدهوراً وتتعقد الامور صعوبة ويتبعثر الوضع انفلاتاً حتى يقترب من حافة الانفجار الذي يسبق الانهيار ولست بحاجة الى تدعيم هذه الفكرة بشواهد فان المنظر يخبرك بصدق عن حقيقة الوضع . فما ان تعلن الحكومة بما فيها الحالية – حكومة المالكي – عن خطة امنية لضبط الامن حتى تزداد العمليات الارهابية شراسة وقسوة فهي تمتد بشكل افقي وعمودي ، فمن انتشارها بمناطق جديدة لم تعهد اضطراباً امنياً وكانت بالامس القريب هادئة ومستقرة حتى اضحت مضطربة خطره ، ومن انتشارها عمودياً حتى وصلت الى المسؤولين في الحكومة واعضاء البرلمان . وهكذا ينسحب الامر عينه على معالجات الفساد الاداري حتى صرح رئيس النزاهة راضي الراضي بان الفساد الاداري و ( حواسم المال العام ) وصلت الى مديات عالية وصعبة شملت مسؤولين حكوميين تدفعهم حصانتهم الحكومية للتجاوز على الاموال العامة . فقد تشابهت حالة الامس مع حالة اليوم ، وصدقت مقولة ما اشبه اليوم بالبارحة فالاعلان هو الاعلان من حيث جهة صدوره حكومية ، والنتائج هي النتائج عكسية ، والمتضرر هو المتضرر – الشعب المستكين ، ويختفي المستفيد عنواناً ومعنوناً ، وان تفضلت عبرت – كما هي عند اهل المنطق – مفهوماً ومصداقاً . المفهوم – واضح – هو العدو – عدو الشعب العراقي أياً كان – أي – مهما كان مصداقه فان كان مصداقه سابقاً هو النظام السابق فلا يعقل ان يكون مصداقه هو الحكومة الحالية اذ لا يمكن ان تكون الحكومة المنتخبة من شعبها هي عدوه ذلك لانها لا تستفيد من عدائها للشعب بل هي من يستفيد من خدمتها له . ومن هذا المنطلق علينا ان نفتش من هو المستفيد من عدائه للشعب ، وعندنا محتملات نستعرضها لعلنا نصل الى اعلاها قيمة لنسمه العدو . اول المحتملات :- الاحتلال الظالم واستفادته بيّنة لان اثارة الوضع الامني وخلط الاوراق يجعله اللاعب الرئيسي في ترتيب طرفي المعادلة العراقية سياسياً بما يتوافق واهدافه التي اراد لها ان تتحقق من خلال خطوته هذه ، حيث تكون الحاجة ملزمة وقاضية ببقائه فترة اطول ولم يوجد لها من مبرر غير عدم قدرة القوات العراقية على ضبط الامن واستتباب الوضع كما تطبل لها ادارة الاحتلال ومع ديمومة الحاجة يبقى الى حين ترتيب اوضاع البلد بما يتوافق ومصالح الدول المحتلة وما لم تصل الى ما يتوافق ومصالحها فان بعثرة الامور جارية وانفلات الوضع مستمراً . ثاني المحتملات :- بقايا النظام السابق واستفادته لم تكن بذلك الوضح لان نظاماً كنظام صدام لم يعد له من مقبولية لا داخلياً ولا خارجياً ، وان فترة وجوده كنظام سياسي قد انتهت من غير رجعة وامكانية تفجير الاوضاع بهذا المستوى الخطير قد لا تسعها امكانية بقايا ذلك النظام . نعم قد يفعل هنا وهناك ما يثير القلق لتحقيق بعض المطالب الجزئية من قبيل رفع قانون اجتثاث البعث ، والعفو عن افراده ضمن مفردات المصالحة الوطنية ، وخلق وضع داخلي جديدقد يسمح لافراد البعث السابقين باعادة نشاطهم السياسي كما صرح بعض اعضاء البرلمان او غير ذلك من المكاسب . ولكنها مكاسب ترتبط بوضع الحكومة وبالتالي فان استهداف المواطنين لا يخدم مصالحهم فتبقى جهة كبيرة ُتستهدف لا تدخل في نطاق ما يستفاد منه . ثالث المحتملات :- التكفيريون – من المسلمين منحرفي العقيدة الذين يكفرون كل من يؤمن بمعتقداتهم ولا يتبنى سياساتهم ، ولا يمكن لهؤلاء استهداف كل الشعب او معظمه ممن لا يؤمن لهم بما يعتقدون ، ولا طاقة لهم على اثارة الوضع الامني بهذا المستوى المرعب ، نعم له دخل في المشاركة فيه ولكن استبعاده بهذا المستوى امر معقول . ومشاركتهم في بعثرة الوضع من ناحية ان ما يستهدفونه يخدم بشكل جلي قوات الاحتلال ممن تريد دق أسفين بين مكونات الشعب العراقي لاضاعة الحس الوطني العام وجعلهم يتشبثون بمفاهيم ضيقة لا يجنى منها الا تمزيق العراق وضياع هويته العربية والاسلامية بل والوطنية . وربما يكونون عاملاً رئيسياً واداة فعالة بيد قوات الاحتلال ، بل ان هناك غزلاً واضحاً بين الفريقين يتعهد الاحتلال باطلاق سراح من يلقى القبض منهم على يد قوات الامن العراقية ، وتوفير الحماية لهم من بعض المناطق بالحيلولة دون وصول افراد الامن العراقي بالقاء القبض عليهم ، بل اكثر من هذا بمشاركتهم بالكمائن التي يعملونها لقوات الشرطة والجيش كما حصل في التاجي لافراد الشرطة من النجف قبل فترة شهرين راح ضحيتها اكثر من ثمانين شخصاً ، والقصة معروفة . في مقابل تعهد التكفيريين بإذكاء نار الفتنة الطائفية والاصرار على استهداف طائفة وحماية اخرى وهذا ما يطبل له الاحتلال ، يتضح ذلك من خلال تصريح بعض عناصر التكفيريين من القاعدة كما يعلن عنها في وسائل الاعلام . الا ان هذه لا يمكن لها الاستمرار لان التكفيريين سيجدون انفسهم بعد حين في مواجهة قوات الاحتلال للقضاء عليهم . رابع المحتملات – دول الجوار – واستفادتها تقضي بخلق اوضاع سياسية جديدة ترتبط بشكل وآخر ببعض دول الجوار وتتوافق معها في خط سياستها العامة ، خصوصاً في القضايا الدولية ، وهذه الاستفادة قصيرة النظر لان اثارة الاوضاع والاضرار بالشعب المسكين . لاجل هذا الهدف يلجئ الشعب الى الوقوف ضد هذه المخططات والتوجهات وبالتالي ستجد هذه الدول نفسها ملزمة بالانسحاب ، اذا ما ظهرت للعالم اثار تدخلهم ومشاركتهم في اثارة الوضع واحداث بلبلة فيه . كما ان خلق نفوذ لها بأية آلية قد يقلق اطرافاً اخرى ستعمل بالضد منها ، الامر الذي يجعلها في صف الخاسرين ضمن نطاق المصالح الدائمة للغة السياسة . ومن خلال هذا العرض الستعجل والسريع نرى ان الاحتلال هو من يقف خلف كل هذه المظالم والمآسي للشعب العرقي ، وهو من يقيد الحكومة لحسم الموقف وانهاء الازمة وهو من يعجّز قواتها الامنية في السيطرة على الوضع بمنع تسليحها بالشكل اللائق للوصول الى الامن والاسقرار ، مما يفهم منه بقاء الحاجة الى قوات الاحتلال كما قدمناها في المحتمل الاول. |
ما الذي يجري فيك يا بلادي ؟ |
عندما تكون ردود الفعل دون مستوى الجرم والعدوان ان كان هناك من رد فأن الباغي سيزحف الى أبعد مما كان ، سيزحف الى كل مقدس ومحرم يبذل في الحفاظ على حرمته كل غال ونفيس ، وقد قيل في الحكمة ان الظلم يحيى بالسكون بل يستفحل ولا يقف عند حد . ومن هذا المنطلق طلع قرن الظالم حينما تعرض لباص معلمات مسلمات محتشمات طالباً منهن خلع الحجاب وكشف النقاب بلا وازع من خلق ولا اعتبار لقيمة ولا وزن لشرف ، ولم ولن يصدر أي رد فعل لما حصل وكأن القوم اعجاز نخل خاوية ، طمع فيها الباغي فراح يصطاد الابرياء ويهيئ الاجواء لعصابات القتل الاخفياء ، كما تحدثنا اخبار البصرة الفيحاء واستنقاذ القوات المحتلة هناك لارهابيين متسترين بزي عراقي ومتأهبين للقيام بعمليات ارهابية وتفجيرات ارعابية ، رصدت اجهزت الامن البطلة هناك شر عملهم فحاصرتهم لالقاء القبض عليهم وبعد مواجهات باطلاقات نارية متبادلة انقذتهم غربان الاحتلال ، وتكرر المشهد فلا نرى الا همساً عرضته بعض الفضائيات ثم ما لبث ان توقفت عن اذاعته وعرضه ، ويا عجباً ، ولا ينقضي عجبي ان فضائيات بعض الكتل السياسية والتي تدعي لنفسها تبني خيار المقاومة او دعمه على اقل تقدير لم تشر الى الخبر وكأنه لا يهمها . واعجب العجب ان المشهد البصراوي تكرر بامتياز معلناً عن نفسه بانه لا يعبأ بالموجودين ولا يراعي مشاعر الحاضرين قد استأسد البلاد واعتلى منصة الحكم بافساد البلاد والعباد غرر بالمغفلين الذين جعلوا البلاد بساط تمر عليه كل الاوغاد ، باعلان الاستعداد للانسحاب من ارض البلاد … ولكن لامد بعيد وبتدريج عديد لاخماد ما بقي من وهج الضمير ولاسكات من صمد من اصوات الرفض وحناجر التنديد . حتى يحين الحين وينسى الحادث من جديد وتأتي صولة اخرى تحمل معها كل حديد يتفجر ليشظي اجساد الابرياء ويمزق الوريد . ليوقفه خبر جاء على استحياء من بعيد . والادهى والامر ان بطل الصولة واصحاب الجولة هو الثالوث المشؤم ابتدأه كبيرهم بالتفتيش وتوسطه مدللهم بالتفجير عفواً بالتفخيخ وانهاهه تابعهم بالتستر والتغرير . فاين انت يا بلادي مع قلة الناصر وفقد المعين ؟ انت لوحدك في الميدان والقوم يتراكضون خلف القضبان والناس امامها تنأى من وقع الحديد . تاريخ الجريمة الاول – التفتيش 5/صفر/ 1427هـ ومكانه الموصل …… 7/صفر/ 1427هـ تاريخ الجريمة الثاني ، التفخيخ 7- صفر 1427هـ ومكانه البصرة . |
ما بين مكة وكربلاء |
حجاج بيت الله الحرام اللذين يتوافدون سنويا على بيت الله الحرام في مكة المكرمة لا يتجاوزون في اعلى الاحصائيات دقة كما تقدمها السلطات هناك ثلاثة ملاين وهو رقم ضخم وتجمع جماهيري كبير الا انه قليل وضحل امام تجمع زيارة الحسين في كربلاء الذي يقدر في اقل تقدير بعشرة ملاين ناهيك عن ان الاول ينشر امداداً من كل دول الارض تقريبا بينما ينشر الثاني من منطقة العراق والجنوب تحديدا. وتستقبلة عدة مطارات متعددة هيئتها حكومة السعودية هناك , وكربلاء الحسين لوحدها بلا مطار يشفق على زوارها المنهكين راحة في السير على الاقدام لان اقرب مطار يستقبل الوافدين هو مطار النجف او بغداد ويضطر الزائر لقطع المسافة راجلا الا القله عبر واسطة النقل السيارة . و الواصل الى مكة مرتاح نفسيا وبدنيا والواصل الى كربلاء مرهق بدنيا مرتاح نفسيا , وراحتة النفسية تغطي على ارهاقه البدني فلا يشعر الا و السعادة تغطية . ملايين الفنادق المنتشرة في مكه تستقبل الحجاج عبر شركات السعودية للتفويج , وملايين البيوت والشركات تستقبل الزائرين بلا تطويف وتفويج لشركات كربلائية, انما هي شركات شخصيه وتطويعية لمحبي الحسين (عليه السلام ) . خمسة ايام بإستثناء ايام العمرة تستمر مراسيم أداء الحج وتنحصر زيارة كربلاء في يوم واحد الا قلة من الزائرين ممن يؤدون الزيارة قبل يوم او يومين لدواعي مختلفة اهمها التخفيف على الزائرين في شعور بتوفير فرصة الزيارة والوصول الى الصحن الشريف لاكبر عدد من الزائرين . الخدمات الشعبية غائبة في مكة فلم نجد من أستقبل حاجاً في داره او ضيّف غريباً في منزلة بطلب او بدون طلب , فالمشاركة الشعبية لا اثر لها , وانما الخدمات تقدمها السلطات حصرا الا استثناءات نادرة لبعض المتبرعين , وفي كربلاء الحسين لاخدمة الا الشعبية ولا راحة الا الضيافة المنزلية , والحسينيات الدينية لقلة الفنادق وعدم استيعابها باقصى طاقاتها الا نسبة ضئيله جدا من جموع الزائرين . ومكة باعدادها الثلاثة ملايين تستقبلهم في ذي الحجة ونهاية ذي القعدة اي مرة واحدة , اما العمرات المستحبة فلا تصل الا الى خمس هذا العدد بالكثير . وعندما تاتي كربلاء فستجدها مليئة ومتخومة بالزائرين بالملايين العشرة او الستة او الخمسة في مناسبات متعددة , فمنها الأربعينية وحلاوتها الشعبانية , وماساتها العاشورية وعباداتها القدرية , ومسرتها العيدية , ولياليها الجمعية . وكربلاء تواجة تحدي الارهاب والاستهداف , والسلطات الحكومية تعمل وفق إمكانياتها لمكافحته ، ولكنها لم تقض عليه بعد ، ولم تواجه مكة مثل ذلك لان الله جعلها بلداً آمناً . ذلك لان كربلاء مصنع التضحية ومعمل الشهداء ولم يكن لها من طعم لو لا الشهادة وهاهي تقدم سنوياً عشرات ضحايا الإرهاب والإستهداف ، لم تزد الزائرين إلا قدماً ليكون الواحد منهم قد حظي بها وهو في طريقه الى الحسين من دون تغيير في معالم المدينة وتصاميم البناء . لم تشهد كربلاء شهداء التدافع كما حصل في مكة في بعض السنوات إضطر السلطات الى توسيع معالم المدينة وبعض شعائر العبادة حينما راح ضحية التدافع بعض مئات الحجاج . حتى القتل يختلف بين الموضعين في كربلاء حقداً على الحسين ورسالة الحسين وسيستمر ركب الزائرين وكأن شيئاً لم يحصل من أروع مشاهد الإستهانة بالموت، بينما قتل مكة كان أنانية بعض الحجاج في أن يسبق أخيه الحاج الآخر في الإنتهاء من الشعيرة أو كان خطأ في تطبيقها . ويبقى الفارق الأخير وليس الأخير هو القدوم الى مكة فرض وإلزام والقدوم الى كربلاء سنة ومودة للحسين (عليه السلام ). والمفروض أن الفرض يغلب السنة ولكنها معادلة الحسين (عليه السلام) . ومن هذا وذاك لماذا يدعي بعض المسلمين افضلية كربلاء أو النجف على مكة . |
|