من ذاكرة الحج

يقع الحجاج (الشيعة) في معظم مواسم الحج بحرج شديد لاختلاف ثبوت الهلال في الديار المقدسة هناك ، ومراجع تقليدهم مما يضطرهم الى ايقاع الحج والوقوف في عرفة على ما يحكم به قاضي تلك الديار ، وقد شقق بعض الفقهاء المسألة الى شقين

    الاول منهما : ماسماه احتمال المطابقة في ثبوت الهلال عندنا وعندهم وهنا حكم باجزاء الوقوف معهم .

    والثاني منهما : القطع بالمخالفة ، وهنا حكم البعض بوجوب الوقوف في الوقت الاختياري مع الامكان أو الاضطراري ، والا فسد حجه وتحول الواجب عنده الى العمرة المفردة مرتباً عليه لوازم منها اعادة الحج من قابل لو كان الحج مستقراً في ذمته ، أو اعادته مع بقاء الاستطاعة ، فيما لو كان مستطيعاً لسنته . وليس مهماً الدخول في تفصيل المسألة هنا ، ولمزيد الايضاح يراجع رسالتنا في الحج التي هي في طريق الطبع ان شاء الله تعالى . ولكن ننبه على ما يقوله المرشدون فهم يقولون ان يوماً لا يؤثر لان فيه احتمال المطابقة ، وبالتالي فالوقوف في الوقت المضروب عند الديار المقدسة مجزياً ، وان كان الفرق يومين فلا . ولم يلتفت المرشدون الى ان احتمال المطابقة لا وجود له ولا اساس للقول به لوضوح انه مع حكم قاضي الديار المقدسة بان أول يوم من ذي الحجة السبت فرضاً وحكم مرجع التقليد بثبوت الهلال أوله يوم الاحد فلا احتمال مطابقة وانما هو القطع بالمخالفة ، نعم لو لم يقطع مرجع التقليد بثبوت الهلال وانما احتمله كان احتمال المطابقة متوفراً والوقوف معهم مجزياً ، واما على الفرض الاول فلا احتمال لان المورد من السالبة بانتفاء الموضوع كما يقول المناطقة .  وهنا علينا التنبيه الى حكم ذلك فان فيه ورطة للسائل والمسؤول ، لا مخرج له منها ولا يعذر فيها لان المسألة واضحة وضوحاً لا يقبل التلبيس . وينسحب الامر عينه الى التشقيق المذكور آنفاً فان احتمال المطابقة لا اساس له كما ان القطع بالمخالفة لا موضوع له لان الحكم بثبوت الهلال قد يكون طريقه تعبدي شرعي فهو ظاهري لا واقعي ، ومع كونه ظاهرياً فلا قطع بالمخالفة وان حصل فهو نادر جداً . وستكون النتيجة انه لا مناص من القول بالاجزاء في الوقوف معهم مهما حكم قاضي الديار المقدسة ، والا ستستمر معاناة الحاج فيما لو حكم بفساد حجه وتبديل وظيفته الى العمرة المفردة اذ ماهو الضمان لحصول احتمال المطابقة في العام القادم ، بل وما بعده ، هذا اذا تكرمت هيئة الحج العراقية الموقرة بتوفير مقعد لمثل هذا الحاج المسكين ، وسيبقى مشغول الذمة بالحج الى يوم يبعثون ، لان تكرار المسالة الى حين موته وبعده محتمل جداً ، هذا اذا كان وارثه متديناً وملتزماً لاداء ما على موروثه  من فريضة الحج بعد مطاردة  هيئة الحج لو بقيت ايضاً بعد استيفائه حصته المقررة وهي لمرة واحدة لا غير .  نعم للهيئة الكريمة ! ان تلجأ الى اتخاذ قرار جريء يسمح لمن لم يؤد مناسكه وتحولت وظيفته الى العمرة ان تكون له الاولوية في الذهاب الى الحج من الذي يذهب للمرة الاولى وستجر الهيئة على نفسها وعملها تعقيداً جديداً واعتراضات جمة عن السبيل في إرضاء الجميع أو تسيير قانون بهذا الشكل وهي لا تقدرعلى قانون بدون التعقيد الجديد . انصح المرشدين بعدم الانفعال والعجلة في بيان الامر والتروي في بيان المطلوب دفعاً للاشكالات المتسلسلة المارة الذكر (( إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر )) .