مشاعر عراقية
إني أحبُّ العالمين جميعهم |
|
وأحبُّ قوماً في الورى هم ناسيا
|
عربيهم، كرديهم، شيعيهم، سنيهم
|
|
إني أراهم كلهم أهلاً ليا
|
يا أهل وادي الرافدين تحيةً
|
|
أنا منكم فيكم أقول قوافيا
|
إني رضعت لبان دجلة خالصاً
|
|
وشربت عذباً من فراتي صافيا
|
يا بصرتي ذي قار يا ميساننا
|
|
ثم المثنى والمحب كوتيا
|
كركوك أربيل سليمانية
|
|
ودهوك والفيحاء يا فيحائيا
|
نجفي أقدسه تراباً زاكياً
|
|
أو كربلا تفيء في عباسيا
|
أم العواصم لو سألت فإنها
|
|
قلب يدق المجد في بغداديا
|
المسك والكافور يذهب عطره
|
|
ويزول مندحراً إزاء ترابيا
|
الله الله الكبير ببيتنا
|
|
لا تنحروه الى العداة أضاحيا
|
لا يؤلم الجرح البليغ بجسما
|
|
غيري وغيرك لا تصدق واشيا
|
لا يهدم الرجل الأمين بلاده
|
|
لو اتخموه جواهراً ولآليا
|
لا يحرق الرجل الصحيح لبيته
|
|
لكنه فيه يكون البانيا
|
وأرى ((الحسين)) أمام بيتي قائماً
|
|
في سيفه البتار يردع غازيا
|
وأقول يا أهلي تعالوا خلفه
|
|
كونوا كمرصوص البناء تآخيا
|
يبقى على رغم الخطوب شعارنا
|
|
إنا نروم محبةً وتصافيا
|
يبقى العراق معززاً ومكرماً
|
|
ويظل رمزاً للإباء عراقيا
|
أبو غايب العراقي
الانحطاط
الانحطاط فعل سيء للغاية يوحي بوضاعة المنحط وصفته وقلة احترامه وانضباطه وهو أمر لا يختلف عليه عند الجميع، وهو على درجات ومراتب ولم يخطر في بال حتى السذج من البشر فضلاً عن المسلمين ان الانحطاط يصل الى دائرة الفتوى ويدخل فيها بقوة حتى اصبحنا نسمع من بعض الفضائيات المأجورة بعض من فتاوى ما انزل الانسان بها من سلطان فضلاً عن رب الاكوان باعتبارها مخالفة لأبسط الثوابت الانسانية والقيمة البشرية ولا يختلف عليها بالحكم عليها بالقبح والسفالة، فقد انحطت بعض كلمات أهل الفتيا من ابناء العامة الى درجة لا تجد لغيرة الشرف ولا لمكانة الكرامة من موضع، ولا لكلمة تنهى عن هذا المنكر أو ذاك أو تدينه، ولا نسمع إدانة رسمية ومؤاخذة قانونية لمثل هذه الفتاوى وإليك نماذج منها لتحكم بعقلك قبل شرعك عليها بالبطلان والامتهان.
– فتوى نشر الحرمة بارضاع الرجل الكبير المرأة الأجنبية لنشر الحرمة بينهما، وهذا الفعل لا يقوله مجنون فضلاً عن عاقل فضلاً عن عالم، ولو أقررناها لكانت خير مؤنس لشباب العالم الضائع الآن.
– فتوى جواز اللواط بالمجاهد لتوسيع فتحة الشرج لأجل وضع العبوة الناسفة فيها تخفياً وتستراً من نقاط التفتيش وهل يفعلها الحيوانات فما بال الانسان يفعلها، وقد حكم الشارع على الفاعلين بالقتل بأحد طرق مذكورة في كتب الفقه وهل يتجرأ لتجويز هذا الفعل بدعوى الجهاد ليكون سائغاً يفعله قتلة العصر الحاضر وهو خرق لسبيل الله المرسوم للبشر في التواصل بين الجنسين بعقد محلل، ألم يقرأ هذا الشيطان – المفتي – قصة قوم لوط وكيف ارسل ربك عليهم حجارة من سجيل.
– وأخيراً وهي ثالثة الاثافي في شيطنة الفتاوى ما يسمى بنكاح المجاهدة، وهو زنا بأوضح من الشمس وهم يعيبون على غيرهم زواج المتعة بكل شروطه وممارسته صحابة الرسول له.
ولست أدري كيف جاز للمجاهدين ممارسة الزنا مع إمرأة محصنة أو خليّه وباستمرار من دون فاصل زمني دفعاً لاختلاط المياه، ومن اين جاء الجهاد ليكون حاكماً على الأدلة الأخرى المحرمة لفعل الزنا، ووضوح حرمته عند كل الملل والنحل ولو ولدت هذه المجاهدة فهل سيكون الأبن ولو لعنوان الجهاد أو أبن لكل مجاهد مارس الرذيلة مع هذه المجاهدة أو يكون بلا أب، أو …
أقسم بالله أن الذي يصدر هذه الفتوى لهو ممن يغري الشيطان لا العكس وكيف سوغت له نفسه واباح له ضميره وحكم به عقله لمثل هذه الفتاوى وإذا كان لا يخاف المعاد وهو كذلك الا يخاف وخزة ضميره حينما يكبر وشبح الموت يرفرف على رأسه كل يوم، ويجد نفسه تخاتله وعقله ينادمه – من الندم – وماذا سيترك من أثر سيء في الحياة الاجتماعية.
وهل لرضا السلطان أو لدراهم معدودة من الدولارات ستنقذه في يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم لا قلب معوج منحرف؟ واين عقلاء المسلمين وعلمائهم من هذه الفتاوى المخزية والمخدشة للحياء واين وظيفتهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ألم يقرؤا قوله تعالى {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }المائدة79 و {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }الأعراف99
وهل هذه هي أمة محمد (صلى الله عليه وآله) الذي قال ما أوذي نبي مثل ما أوذيت قط، وقال لا ينال شفاعتي من كان مستخفاً بصلاته، أي بدينه إذ لا خصوصية للصلاة هنا الا باعتبارها الفرد الاوضح مما يقع عليه استخفاف المصلي.
النووي الإيراني
الإتفاق الذي وقّع بين ايران والدول الست، الخمسة العظمى وألمانيا كان حدثا كبيرا ومهما في أحداث الساحة الدولية، وتكمن أهميته لأنه يتعلق بتقنية النووي وما يمكن أن ينجم عنها استخدامه لأغراض تسليحية، خطيرة تهدد الأمن والسلم العالميين اللذين هما بالأساس مهددان على أكثر من صعيد، أهمها الحرب الكونية مع داعش وتنامي الإرهاب المهدد لجميع الدول بعضها بالفعل كالعراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر وتونس وعلى الطريق الجزائر والسعودية والأردن ودول الخليج ونيجيريا وبعضها مرشح قوي للتهديد وهي بقية الدول كما يخيّل ذلك للمحللين.
وتكمن أهمية المفاوضات كون أحد طرفيها دولة اسلامية وبلد اسلامي واجه بكل قوة وصلابة غطرسة الغرب واحتكاره لهذه التقنية واستفراده بها، وتكمن ايضا في كون هذه الدولة تشكل تهديدا للكيان الصهيوني، الصغير المدلل من قبل الغرب، وتكمن أيضا في تفجيرها لثورة أعادت المفاهيم الإسلامية لتحكم في مسيرة البلد وشعبه، وهذا ما لا يريده الغرب، وتكمن أيضا في أن امتلاك دولة اسلامية تقنية نووية قد يؤسس لمعادلة جديدة في ميزان القوى العالمي.
وقد تجلت خطورتها في استمرارها لأكثر من عشر سنوات بين تصعيد، وتهدئة يتخللها تصريحات للتهديد والوعيد من قبل الغرب والضغط بمزيد من العقوبات الإقتصادية والعزلة الدولية، وقد قابلتها الجمهورية الاسلامية الايرانية بشجاعة الموقف وحقها الطبيعي في امتلاك هذه التقنية مؤكدة في الوقت نفسه أنها لا تنوي امتلاك قنبلة نووية لتبديد مخاوف المجتمع الدولي، وبنفس الوقت أنها سوف لن تتراجع عن حماية مصالحها وسعيها في استخدام الطاقة لأغراض سلمية.
ونشير هنا الى عنصرين اساسيين، كانا عاملا نجاح المفاوضات وخروج ايران سليمة معافاة، قد حققت بعض الانجازات المهمة مثل رفع العقوبات واطلاق الأموال المجمدة والاستمرار البحثي في المجال النووي، ودخولها النادي النووي من الباب الواسع، مكللة بمكانة دولية يحسب لها الف حساب في قضايا العالم الاقليمية بل والدولية.
والعنصران هما: الارادة الصلبة الايرانية والموقف الثابت للجمهورية في عدم اخضاع هذه الارادة لمزاج الغير، بل منطلقة من المصالح القومية للشعب الايراني ومن حقه بامتلاك هذه التقنية لأغراض سلمية.
والاستقلال في دائرة القرار بحيث يكون ايرانيا خالصا من دون أية شائبة لضعفه أو زعزعته من قبل الآخرين مهما كانوا في موقع القرار الدولي، وكلا هذين العنصرين قد أنتجا صبرا قد ألزم الآخرين ضرورة حل هذا الملف سلميا والإقرار بحق ايران في هذا المجال، وإن المقاطعة لا تجدي نفعا في ايقاف البحث الايراني وتطور القدرات في زيادة نسبة التخصيب لمديات اقلقت الغرب، وألجأته للإعتراف بحق إيران ويكون توقيع اتفاق تحت اشراف دولي أضمن للغرب في الحيلولة دون امتلاك ايران قنبلة نووية، وايران على كلا الحالتين مستمرة في البحث، بفارق أنها تحت رقابة دولية وهذا ما يضمن للغرب عدم امتلاكها قنبلة نووية، ومن دونها وهذا ما يتخوف منه الغرب مع تصريحات واضحة لقائد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي بعدم نية ايران امتلاك هذا السلاح المدمر وانه خارج ثوابت الجمهورية السلامية وان امتلاكه محرم.
ويبقى ما يتمحض من نتائج موكول الى عامل الزمان، ولا نشك بقدرة ايران في تجاوز كل الازمات في هذا المجال، وإن الإقرار بحقها النووي السلمي هو انتصار لإرادة الخير على ارادة الشر وارادة السلام على ارادة الحرب، فهنيئا لإيران وشعبها هذا الإنجاز التاريخي.
وهنيئا للعالم الإسلامي وشعوبه هذا الإنجاز الذي سيفتح لها آفاق هذا المجال الرحب بعد إن فتحت ايران أبوابه لها بحسن صنيعها وقوة ارادتها وصلابة قيادته، فلها الشكر منا وافرا ودعائنا بديمومة الإنتصار آجلا.
الانحراف في الإمة
الانحراف يعني أنها مالت عن مسارها الطبيعي الذي به قوتها وهيبتها وتقدمها واعتبارها الأممي، وهذا ناشئ عن عدة عوامل، لست بحاجة الى عرضها في هذا الحديث إلا من جهة بيان عامل العوامل لها الذي نعتقد بعظيم اهميته وكبير خطره على مسار الأمة في أن تبقى تصنع الأحداث وتقدم الإنجازات الإنسانية الحضارية للعالم كما كانت من قبل حينما اعتمدت الإسلام إطارا لعملها ومنهاجا لسلوكها فكانت به تعمل وعلى هداه تسير، وهو معها، في كل حدث أو إنجاز، وقد تخلت عنه شيئا فشيئا بفعل عوامل موضوعية خارجية وداخلية وعوامل ذاتية كان إقبالها على الدنيا وزهرتها قد اضعفت معتمدها الاصيل وعمودها المتين، وهو الإسلام كمجموعة قيم وقواعد تحكم وتضبط بها سلوكها كأفراد وكأمة، والسؤال ما هو الأمر الذي أدى بها الى إضعاف دينها؟
والجواب عنه مختصرا ايضا لأن المسألة تحتاج لدراسة مستفيضة على حدة لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، هو اذا دخل الحكام على خط الدين لتطويعه كي يكون مبررا لأعمالهم وأفعالهم فتراهم اذا اعجزتهم الحيل فتشوا لهم عن مخرج من الدين وأحكامه، وقد وجدوا بعض من يبرر لهم ذلك أو يقنن لهم فعلهم من علماء سوء وفقهاء سلطة وهم موجودون على طول تاريخ الإسلام بعد إنحسار الحكم الحق الذي مثله أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكوفة، حيث أحاط السلاطين انفسهم بمجموعة من علماء الدين وظيفتهم الأصلية هي التفتيش في النصوص الشرعية لإيجاد مبرر لفعل الحاكم حتى وإن أهلك الحرث والنسل وغيّر الأحكام وبدل النصوص، ما دام فيه رضا للحاكم، خشية منه أو طمعا فيما عنده من مال وقد يعبر القرآن عن ذلك بشراء الآيات بثمن قليل، وقد أشار الى ذلك بالنسبة الى علماء بني اسرائيل ((وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42) ..)) البقرة
وقال تعالى: ((وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (95))) النحل
ويشير الى ما أعدّ لهم من جزاء بقوله تعالى:
((إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(77))) ال عمران.
وفي ما روي عن الإمام العسكري (عليه السلام) يصف عوام اليهود وعلاقتهم بعلمائهم في كلام طويل منه: ((وعرفوهم بأنهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف في قلوبهم الى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق، لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله وكذلك عوام أمتنا ـ اذا عرفوا من فقهائهم الفسق، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها واهلاك من يتعصبون عليه …..الخ))
وهذا ناتج من تبعية العلماء للحكام ومنه ينتج تحكم السلطان بهم، وجميع الآيات والروايات تشير الى لزوم استقلال رجل الدين وتحرره من التبعية أياً كانت، والا فقد موضوعيته واعتباره وسلامة فتاواه لأنها ستميل شاء أم ابى الى رضا من يتبعه ويميل اليه، وهذا هو اول خطوات بل أهم خطوات انحراف الدين وجعله خاضعا للأهواء والمصالح الذاتية والشخصية للحكام وأهل السياسة.
وقد روي عن الصادق (عليه السلام): العلماء أمناء الرسل ما لم يأتوا أبواب السلاطين.
وقال (عليه السلام) فيما روي عنه: ((إذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا الى ابواب السلاطين فاتهموهم)).
وقال الرسول (صلى الله عليه وآله) فيما روى عنه الصادق (عليه السلام): الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فأحذروهم على دينكم))
واذا لم يجد السلطان ما يوقفه عما هو عليه من تمرير الدين على هواه بواسطة علماء السلاطين، ساد الظلم في العباد وانتشر في البلاد الخراب، وحصل الانحراف عن مسيرة الدين التي فيها خير الدنيا وفوز الآخرة، ولينظر كل فرد من يتابع فغد سيقال له: ((يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ..))
الدكتاتورية
هي وصف ارتبط بالقسوة والبطش واختزال كل مقدرات المحكوم في شخص الحاكم بحيث يكون أمره ونهيه بل وكلامه العادي دستور يجب تطبيقه ولو بالقوة ويعتبر المخالف لنصوص كلام الدكتاتور خارجاً عن القانون يجب محاسبته لأنه مدان بمخالفة تعليمات الدكتاتور وفي كل ذلك يراد انصهار الشخصيات المجتمعية في شخصية القائد الذي قد يصل به الأمر الى امتلاك الحياة والموت للمواطنين كما عن نمرود ((قال أنا أحيي وأميت)) أو يدعي الألوهية كما عن فرعون (وما علمت لكم من إله غيري)
وقد تكون الدكتاتورية شخصية وقد تكون أوسع دائرة كما لو كانت حزبية لحزب واحد أو أكثر من حزب واحد يتعاوران على سلطة البلاد كل دورتين على الأكثر، وهذه هي النماذج السلطوية المسماة بالديمقراطية في البلدان الغربية المعروفة، فأن السلطة أيضاً محتكرة لهذين الحزبين عملياً وإن كان من الناحية النظرية هي ليست كذلك حيث يسمح لأشخاص بالترشح والمصير هو الفشل لأن مقدرات القوة من الاعلام والمال و الاستثمارات هي للأحزاب المتصدية على الدوام، ومن أمثلته، بريطانيا بسيطرة حزبي العمال والمحافظين على السلطة واحتكارها وفي أمريكا سيطرة حزبي الجمهوريين والديمقراطيين، وهذه دكتاتورية بتوسيع دائرة السيطرة من ان تكون شخصاً لتكون اشخاصاً يعبر عنهم بالحزب الحاكم، ويبقى شرائح المجتمع الاخرى تحت سيطرة هاذين الحزبين على الدوام وإن كان وصف القوة والبطش أضعف في هذه الدكتاتورية من دكتاتورية الفرد، وما يتعلق ببقية الأمور تبقى الغلبة لدكتاتورية السلطة على الشعب المغلوب، وبذلك ترتب حياته على اوضاع ظاهرها الحرية ويقصدون بفهمنا الحيوانية من الانهماك العملي والتحلل الجنسي وثقل المديونية للمواطنين وغيرها مما تفقد الانسان انسانيته وتقيده على الدوام برباط المديونية للبنوك والشركات، ويستمر المواطن في معاناته وضيق جهده في تغطية حاجاته مما يضطره الى الاقتراض من البنك ولا يقدر على تسديد مديوناته، لأنها ترتفع بسبب الفائدة.
وهذا النموذج لا يختلف عن نموذج الدكتاتور الفرد الا من جهة معاناة الفرد المواطن فهو في الفردية مقيد اليدين وملجوم اللسان في حديثه وقوله الا بحب القائد وتمجيده من دون أي حق له في التعبير وأبداء الرأي بل حتى في تقديم النصح للدكتاتور لأنه فوق النصيحة والويل له ان نطق ببنت شفة دون أذن الدكتاتور، ومعاناة المواطن في دكتاتورية الحزب هو أنه مقيد العهدة والذمة بالقروض المالية التي تتراكم فوائدها باستمرار وهو يبحث عن عمل يغطي ديونه فلا يقدر الا بديون جديدة وفي كليهما يكون الانسان مطيه لرغبات الدكتاتور ومنهجه في تسيير دفه الحكم.
فلا يغرنكم ما يرفع من شعارات عندهم عن الحرية واحترام حقوق الانسان الذي يرمى في دور العجزة من دون روابط اسرية ورعاية اجتماعية تحترم فيه انسانيته الا بما يسد حاجته من ادامة حياته المملة والثقيلة على نفسه الى يوم وفاته ان لم يمت متشرداً في الشوارع تنقل جثته بلدية المنطقة الى مثواه الاخير وقد خسر الدارين.
وإما الحل، فيكمن في عدم احتكار السلطة لا بيد شخص ولا بيد مجموعة حزبية بل يفتح الطريق لكل مؤهل قد توفرت فيه شروط المرشح وفق ضوابط القانونية الدستورية ولعل النموذج الحي في وقتنا هو نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث الفرصة متاحة للكل ممن هو مؤهل قانوناً للترشيح والوصول الى السلطة بلا أي مورد لإحتكار ودكتاتورية مقيته.
المبادرة الروسية طائية بامتياز
طرح الرئيس الروسي بوتين قبل مده وجيزة مشروع أقليمي لمواجهة خطر داعش المتنامي في المنطقة والتي لم تستطع طائرات التحالف الدولي من ايقاف تمدده في العراق وسوريا بضخ تركي لآلاف من المقاتلين يعبرون الأراضي التركية متوجهين الى سوريا ومنه الى العراق، ويتضمن المشروع بعد تنامي هذا الخطر وأصبح يهدد الدول الداعمة للإرهاب في العراق وسوريا وهي تركيا والسعودية المختلفتين اصلاً في دعم ومحاربة الاخوان المسلمين، اصطفاف هذه الدول مع سوريا والعراق لمحاربة تنظيم داعش الارهابي، وهو جمع بين متعاديين أو متحاربين، سوريا تركيا من جهة والعراق والسعودية من جهة أخرى.
وليس غريباً أو مستبعداً ان يكون هذا المشروع قد أخذ من كلمات الشيخ الطائي الذي طرح عدة حلول قبل فترة لمعالجة أزمات المنطقة والعراق وكان منها تشكيل قوى أو تحالف أقليمي يضم هذه الدول في مواجهة خطر داعش الذي تنبأ وصول تأثيره الى تركيا والسعودية، وحصل ما توقعه وقد نشر هذا العلاج في عدد النهج (116) قبل شهرين من طرحه من قبل الرئيس الروسي، وبذلك يسجل الفقيه المهندس الفقيه المهندس سبقاً كما عودنا في صناعته للأحداث وفي مشاريعه بما لم يسبقه سابق ولم يلحق به لاحق وهو قد فهم اللعبة الداعشية بكل تفاصيلها وخيوطها ومن يمسك برؤوس خيوطها ومن يحرك أدواتها ومن يحرك أدواتها ومن يعبأ أعلامياً لها، ومن هو المستفيد من ديمومتها واستمرارها، ومن يقف خلفها، وقد شخّص هذا الداء قبل أكثر من ستة سنين حينما قرأ أحداث الساحة العالمية، وحدد بوصلة الصراع في السنين الحالية، بعد انهاء الصراع العربي اليهودي والبدء بمشروع صراع جديد داخل الدائرة الاسلامية بألوان طائفية، وذكر تعليلاً دقيقاً وموضوعياً لهذا الصراع الذي تقف خلفه، بريطانيا بالاساس وبادوات أمريكية وخيوط يهودية ماسونية.
فلله دره من فقيه ما أذكاه ومن عالم ما أسناه، ومن كريم ما اتقاه ومن انسان ما اخفاه ومن مهندس ما أروعه، ومن مؤمن ما أقدمه، ومن عرفي ما أدراه ومن عشائري ما اعرفه، ومن أكاديمي ما أفهمه، ومن متواضع ما اغراه، ومن شجاع ما اثناه، ومن مجاهد ما ابطره، ومن زاهد ما احلاه، ومن مضياف ما أوسعه.
فهل تجد له مثيل متوافر أو عالم متكامل أو انسان متفائل يريد للجميع الخير ولا يحمل في نفسه ذرة حقد على الغير وإن غلّ فيه أو غيّبه، فكلماته نور يستضاء بها الساسة قبل العامة، وقد خاض الغمار وتبحر في الديار، وسبق في ما خاض فيه، فهو أول من شرع لمقاومة الاحتلال ويشهد له كل الاخيار، وأول من فتح بوابة حماية مرقد السيدة زينب، وأول من طالب بحقوق الأمة في ميدان التحرير عام 2011، وأول من رفع الاذان بالشهادة الثالثة في سامراء بعد الاحتلال مباشرة في جمعتها، وأول من أدان السراق والمفسدين وأول من تلفظ بقوات الاحتلال وافتى بوجوب مقاومتهم بعد ان كانت صديقه او ائتلاف وأول من حصل على الاجتهاد بعد خمس سنين من دراسته المكثفة والتي وصل دروسها فيها الى ثلاث عشرة درساً يومياً مقسمة بين دراسة وتدريس، وأول من أرخ للحرب وقرأ الاحداث، وأول من صلى الجمعات في محافظات العراق المختلفة وأول من طالب بمستحقات طلبة الحوزة من الموقوفات الشيعية وأول من مشى اربعينية الامام الحسين من علماء الأمة، وأول من خاض العلمين ونجح في الاثنين وتفوق في الموقعين وترك فيها بصمة للعاملين ورايته واضحة لذي العينين، ذلك هو أبو اليمينين قاسم خريج مدرسة الصدرين.
السيد سعد المولى
8شوال 1436
سياحة في عقائد الشباب
تنتشر بين الاوساط الشبابية في وقتنا الحاضر وفي مواقع الدراسة الأكاديمية بين الطلبة بعض الافكار العلمانية التي مهمتها التشكيك في الدين، والاستخفاف به وأنه غير قادر على إعطاء إجابات مقنعة عن بعض التساؤلات التي تعرض على اذهان الشباب فيقفون أمامها حيرى لا يأتون جوابا، ومحور هذه التساؤلات تدور حول لماذا خلقني الله، واذا كان يعلم بأني سأكون من أهل النار فلماذا جاء به الى الحياة، وهو ارحم الراحمين، وإن دخولي النار مع علمه بذلك لا يكون عدلا، والله عادل؟ ولماذا؟ ولماذا؟
وهي اسئلة ليست بجديدة فقد طرحت في فترات سابقة ولكنها في هذا الوقت بالذات أخذت طابعا مؤثرا أكثر من ذي قبل بسبب تداولها بين الاوساط الشبابية بكثرة من خلال التواصل الاجتماعي عبر شبكاته، حتى أسست في نظر قاذفيها نصرا لهم على الدين وعلى علمائه، إذن هنا سؤالان.
الأول: لماذا خلقني الـ … ؟
الثاني: لماذا يعذبني وهو يعلم أني من أهل النار قبل خلقي؟
والجواب سيكون متناسبا مع فهم شبابنا الذين طرء على اذهانهم هذان السؤالان.
جواب الأول: نفرعه الى قسمين، قسم عن وجه السؤال من قبل الإنسان نفسه، وإن هذا القسم من السؤال ليس بصحيح، وما دام كذلك فلا معنى للجواب عنه، إما وجه عدم صحته، حيث يقال إن هذا السؤال من الإنسان قبل خلقه من قبل الله أو بعده، أما قبل خلقه فلا يوجد انسان ليسال، فهذا خطأ، وأما بعده، فقد وجد الإنسان وحينئذ لا معنى للسؤال لمَ خلقني؟، الا باعتبار ما هي الغاية من خلقي لا ما هو سبب خلقي لِمَ خلقني، لأنه تحصيل حاصل. فعلى كليهما يوجد خطأ في السؤال.
نعم السؤال هو ما هي الغاية من خلقي وهذا هو القسم الثاني من أصل السؤال وهنا لجوابه نشير الى بعض الروايات الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) لتوضيح فكرة خلق الإنسان.
جمع في كتاب البحار ج5 طائفة من الأخبار وضعها تحت عنوان علة خلق العباد وتكليفهم فنذكر منها ما ينفع في جواب السؤال المتقدم، ولا بأس باستثارة العقول ببعض آيات الذكر، قال تعالى ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا…))المؤمنون 115 ،بلا غاية ومن دون حكمة.
وقوله تعالى ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) ))الأنبياء، ولكن خلقناهما باتقان وبضرب بل ضروب البدائع تذكرة لذوي الاعتبار ولما ينتظم به أمور العباد في المعاش والمعاد كي يتشبثوا بها الى تحصيل كمالاتهم الدنيوية والأخروية.
وبعبارة جامعة ما كان بالإمكان أبدع وافضل مما كان، أي خلقه على احسن نظام ممكن، وكل الأنظمة مقدورة لله سبحانه وهذا افضلها.
الروايات: عن محمد بن عمارة عن ابيه قال: سألت الصادق (عليه السلام) فقلت له: لمَ خلق الله الخلق؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى، بل خلقهم لإظهار قدرته، وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم الى نعيم الابد.
وعن عبد الله بن سلام مولى رسول الله (صلى الله عليه واله) قال: في صحف موسى ابن عمران (عليه السلام) يا عبادي اني لم اخلق الخلق لأستكثر بهم من قلة، ولا لآنس بهم من وحشة، ولا لأستعين بهم على شيء عجزت عنه، ولا لجرّ منفعة ولا لدفع مضرة، ولو أن جميع خلقي من اهل السموات والارض اجتمعوا على طاعتي وعبادتي لا يفترون عن ذلك ليلا ولا نهارا ما زاد ذلك في ملكي شيئا، سبحاني وتعاليت عن ذلك)) والرواية لدفع إشكال هل ينتفع بخلقه؟
وأحسن توصيف ما ذكره امير المؤمنين (عليه السلام): حينما صعد المنبر وخطب الناس قائلا: ان الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة، وأخلاق شريفة، فعلم بأنهم لم يكونوا كذلك الا بأن يعرفهم ما لهم وما عليهم، والتعريف لا يكون الا بالأمر والنهي، والأمر والنهي لا يجتمعان الا بالوعد والوعيد، والوعد لا يكون الا بالترغيب، والوعيد لا يكون الا بالترهيب، والترغيب لا يكون الا بما تشتهيه أنفسهم وتلذّه أعينهم، والترهيب لا يكون الا بضد ذلك ثم خلقهم في داره وأراهم طرفا من اللذات ليستدلوا بها على ما ورائهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم، ألا وهي الجنة، وأراهم طرفا من الآلام ليستدلوا بها على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة ألا وهي النار؛ فمن اجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطا بمحنها وسرورها ممزوجا بكدرها وغمومها.
وغيرها تجدها في الكتاب المذكور … والله هو مبدع خلق الإنسان فلم يكن الا هو مشيئته وارادته في خلق الإنسان وهو ما يعبر عنه بالإضافة الاشراقية، التي ليس لها الا طرف واحد هو الله، لا طرفين فهل هذا السؤال صحيح أو هو خاطئ؟
أما جواب السؤال الثاني فيمكن توضيحه بشكل مبسط، ان هنا ثلاثة أمور: عالم وهو من اتصف بالعلم، ومتعلق هذا العلم يسمى المعلوم، ولنأخذ العلاقة بين العلم والمعلوم، وهي على نحوين: تارة العلم يكون تابعا للمعلوم، وأخرى يكون العكس وهو المعلوم تابع للعلم.
وعلم الله على الأول يسمى بالعلم الفعلي الذي يكون العلم فيه تابعا للمعلوم، فما لم يقع المعلوم ويتحقق لا علم بهذا الوصف ـ الفعلي ـ كعلم أحدنا بالمعلوم بعد وقوعه، كعلمنا بوقوع الحرب بعد حصولها، وعلمنا بسقوط المطر بعد سقوطه وهكذا، فهذا علم تابع للمعلوم، وهذا ما تشير اليه جملة من آيات الذكر الحكيم.
كقوله تعالى: ((فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) )) العنكبوت، وهو يجري مجرى الاختبار ولزوم العبد الحجة، ((لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ … )) (النساء:165) اذ بدون الاختبار لا يمكن ادخال العبد الجنة او النار، لإمكان اعتراضه لمَ تدخلني النار؟ والحجة هنا قائمة وهذا لا يعني ان الله لا يعلم بما سيكون مصيره بعلمه الأزلي، وهو ما يعبر عنه بالعلم الذاتي حيث يعلم بالاشياء قبل خلقها، ويشير اليه قوله تعالى ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ)) (الملك: 14) وهذا العلم ـ تكون العلاقة بالعكس وهو ان المعلوم تابع للعلم، كمن يصمم بيتا في ذهنه قبل انجازه على الأرض، فالعلم هنا متبوع والمعلوم تابع.
والمعلوم الالهي الانساني خلقه مختارا، هو يختار لنفسه أحد الطريقين، من الهدى والضلال والله يعلم اي الطرفين سيختار، ولكنه يكشفه بعلمه الفعلي، كالأب يعلم ان ابنه سيفشل بالامتحان لمعرفته بحاله ومستواه ولكنه يدخله الامتحان ليكشف له به عن فشله الذي يعلمه الاب، كي لا يعترض على ابيه، وهو مختار حين دخوله الامتحان في فهم وتحضير مادة الدرس، من عدمها، فمع اختياره قد علم الاب بالنتيجة.
وهذا مثال لتقريب الفكرة للاذهان والله يعلم ان يزيد سيقتل الحسين وانه مختار في ذلك ولكنه ليلزمه الحجة، فيختبره بالحسين ويتعرض لقتله مختارا والله لم يجبره على ذلك.
مع علمه به لأن علمه هنا تابع للمعلوم وهو اقدام يزيد لقتل الحسين مختارا.
وبهذا نفهم انه سبحانه خلقنا مختارين وبين لنا طريق الهدى والضلال واعطانا القدرة على انتخاب كلا الطريقين بارادتنا، وبعضنا يأخذ طريق الهدى والله يعلم ذلك بعلمه الازلي الذاتي الذي وقع على فعل الانسان مختارا، وكذا من يأخذ الطريق الآخر.
كما وضِّح بمثال الاب ومعرفته برسوب ولده ولا يعني ذلك ان علم الوالد برسوب ولده كان هو السبب في رسوب الولد بل السبب هو اهماله وعدم فهمه المطالب المتمكن بها.
ولو قرر الوالد عدم اعطاء جائزة للولد جراء علمه برسوبه فان الولد سيعترض على الوالد بأنه من قال سأرسب بالامتحان فتكون الحجة للولد على الوالد واذا دخل الامتحان ورسب لم يكن للولد حجة على ابيه، وهنا علم الاب برسوب ولده كان تابعا للمعلوم وهو الرسوب وتحققه خارجا، واما علمه برسوبه قبل ذلك كان المعلوم تابعا للعلم وليس هو محل المؤاخذة ما لم يقع رسوب من الابن في الخارج.
هذا تبسيط للسؤالين بما يناسب حاجة الشباب، وهناك بحوث أخرى لا تناسب شبابنا المتعطش للمعرفة، والمكتب مستعد للإجابة عن اي سؤال وما يتعلق بما يعرضه اهل الحداثة والعصرنة مما يربك الشباب ويوقعهم في التردد.
الى سماحة المرجع الفقيه المهندس قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ماذا يقول سماحتكم في ما يحصل من تبديل جوامع اهل العامة في العراق وبغداد حصرا بجوامع أتباع أهل البيت، كلٌ في مناطق تواجده، بحيث يكون للوقف الشيعي تسجيل هذه المساجد في دائرته، وكذا يكون للوقف السني تسجيل الحسينيات والمساجد في دائرته في مناطق تواجد السنة، كما هو الحاصل في بغداد.
اجيبونا وفقكم الله لمراضيه وجعلكم ذخرا للأمة
المستفتي
جبار كاظم حسون الوائلي
بسم الـ … الرحمن الرحيم
المساجد من الموقوفات العامة المختصة بالمسلمين بغض النظر عن الطائفة والمذهب فهي دور لعبادة الواحد الأحد من حق جميع المسلمين الدخول فيها وإقامة شعائرهم العبادية غير المثيرة للاستفزاز، وهي تبقى على عناونها الخاصة بها، فيما يلحق منها بالوقف السني، أو ما يلحق منها بالوقف الشيعي يبقى على ما هو عليه ولا دخل للمنطقة الجغرافية وطبيعة سكانها في ذلك، ومصادرة كل منهما من قبل أحد الوقفين لا مسوغ له شرعي ولا يؤسس لجواز ذلك وستكون الصلاة فيها ذات اشكال من جهة عدم رضا اصحابها الواقفين أو الموقوف عليهم ان كانوا جهة خاصة بل حتى لو كانت عامة، كأبناء العامة عموما ما لم يحرز رضا الجميع أو اتباع اهل البيت خصوصا اذا جعلها الواقف لنشاط خاص لا يتجاوزه الى غيره.
هذا مضافا الى تداعياتها الاجتماعية الخطيرة المستلزمة للعزل الاجتماعي بين ابناء البلد الواحد وتخريب النسيج الاجتماعي، ولا يملك أيا من الوقفين حق في ذلك، لانحصار الحق بالمجتهد الجامع للشرائط الذي له الولاية على الموقوفات العامة بما فيها الموقوفات السنية.
وواضح للجميع بأن التعليمات الاسلامية تدعونا جميعا للوحدة والتراحم نبذ الفرقة و الخلاف وتريد تواددنا وتراحمنا ومثل هذه الاجراءات هي بالضد من ذلك كله، مع ما فيها من صنع حواجز نفسية وطائفية بين ابناء البلد الواحد وافراز جغرافي قد يؤدي بالبلد الى ما لا يحمد عقباه، ونشوء مشاعر للخلاف والفرقة، واستهدف كل طرف للآخر، ومجرد موافقة الوقفين لا يكفي اذ هما مجرد موظفان لإدارة شؤون الوقف، وضرورة المحافظة على واقع النسيج العراقي وابقاء الامتزاج الاجتماعي بدلا من العزل المقتضي للفرقة والانشقاق، مضافا الى تداعيات اخرى يعرفها اللبيب اذا كان محبا لأهل البيت (عليهم السلام) نبهنا عليها في أكثر من مناسبة.
((وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري الى الله ))
قاسم الطائي
11 شوال / 1436 هـ