أمريكا والظلم
{وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}النساء112
لا يختلف اثنان في عالمنا المعاصر بان الولايات المتحدة الامريكية هي أكبر الطواغيت والظلمة، وهي من تصنع الشر عبر افتعالها الازمات وصناعتها للاشرار أمثال الطالبان وداعش ومن لف لفهما، وهي من ترم به في حواض دول أخرى تمهيداً لتدميرها واحتلالها، وفي العراق وافغانستان غنى عن كثرة الكلام، وفي سوريا الان تأكيداً لذلك وإتماماً.
وإذا علمنا جازمين بأن الظلم لا يمر دون عقاب إلهي دنيوي قبل الاخرة فهمنا ان الكوارث الطبيعية التي تبرز في هذه البقعة وتلك هي مظاهر للعقاب المستحق لهذه البقع الارضية، والتي تبتعد اذهان الناس من الحكومات وشعوبها عن معرفة واصابة اسبابها فتذهب وراء سراب بقيعه علّها تجد حلاً لمثل هذه الكوارث، فتجده لا شيء والشاهد القرآني واضح جلي {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الروم/41
وما إعصار ارما الذي يضرب الآن الولايات الجنوبية لأمريكا إلا واحد من مظاهر الفساد والظلم الذي ترتكبه أمريكا، وشعبها على الشواطئ بما يندى له جبين الإنسان من مظهر الخلاعة والمجون لا يفعلها حتى الحيوان.
إننا ننصح أمريكا والعالم ان يتوقفوا عن ظلم الآخرين والتلاعب بمصائرهم وثرواتهم وإلا فالعالم مقبل على كوارث لا يعلم تأثيرها الا الله ولا طاقة لأمريكا وحلفائها بردها أو دفعها عن بلدانهم..
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} غافر/44
19 ذي الحجة 1438
النصيحة خشنة
في رد للإمام الرضا (عليه السلام) على بعض مواليه من اقاربه وغيرهم حينما أخبروه بأن بعض من هو قريب عنه يرتكب ما لا يناسب ولا يجوز، فلو نبهتهم ونصحتهم فأجاب أن النصيحة خشنة، بالمضمون.
ومع خشونة النصيحة فقد تكون مما لا بد منها إذا تطلب الموقف والامر ذلك وكان بدرجة عالية من الخطورة والنتائج السيئة والتي لا يعذر فيها من يحتمل فيه التأثير ولم يفعل، كما إن القول بعدم مؤثرية النصيحة والموعظة في مثل هذه الحالات بدعوى عدم التأثير وانحسام النتيجة، ليس بصحيح لقوله تعالى ((مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)) في اشارة الى قول جماعة للواعظين بأنه لا فائدة من وعظكم للآخرين لأن الله معذبهم أو مهلكهم فكان الجواب ما تقدم.
والمشكلة القائمة بين المركز والاكراد فيما يتعلق بالاقليم نقرؤها بتشاؤم لأننا نرى بحسب قرائتنا للمشهد بأن النتائج كارثية على العراق والكرد بالخصوص وستذكرون ما أقول لكم، ومن هذا فأنا انصح الاخوة الكرد :-
1- أياكم وإن تكونوا من الثقاة على ثقة فكيف بثقتكم بالشيطان الاكبر الذي سينكص ويقول لكم بلسان سيده الاكبر ((ما أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) إبراهيم/22.
2- من حاول استثمار الظروف غير السليمة وقع في المحذور غير المنظور.
3- من لعب بالنار أوشك ان يحترق فيها.
4- العافية في ضمن بلد كبير كالعراق أثمر وانمى من الغافية في ضمن كيان صغير وضعيف حيث ستكونون طعمه للآكل وبلغة للطامع.
5- لا تمنوا على العراق انتمائكم إليه فإن ذلك صنيعة من خارج وضريبة دفعها العراقيون في هذه العقود المتمادية.
6- الحق ان يكون مستقبلكم نابع من اراء جميع العراقيين لا من الاكراد خاصة.
فإن انضمامكم كلفهم من النفوس والاموال ما يجعل لهم حقا في تقرير مصيركم وإلا فأنهم معنا في الخيرات وعلينا في الازمات.
7- التبجح بالدستور يلزمكم التزام بنوده واحترام مشاركتكم في اقراره، وهو ينص على وحدة العراق، وهذا ما الزمتم انفسكم به.
8- سيركم وراء اليهود والامريكان يضعكم في دائرة الاتهام ولو كنتم برآء واقعاً ومساكين سابقاً ومنبوذين لاحقاً.
9- أمامكم مشهد جنوب السودان وكيف اصبح في خبر كان وأمسى داراً للبوار واعتباراً من دون استعبار فخذلهم من سيخذلكم ولات حين مناص قولكم الاتي ياليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً.
10- الأكل على مائدة العراق أدوم وأبرك من الاكل على فتات الاحلام وصدقات ما تتصورون انهم اخوان، وليسو الا ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً))
هذه عشرة كاملة اقرؤوها وعوها جيداً لعل فيها ما تحفظون به ماء وجوهكم وحياة شعبكم وجغرافية كيانكم، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري الى الله سبحانه، فقد أخذ على العلماء الا يقروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم.
قاسم الطائي
يبعث سلاماً لجميع العراقيين
وهو الناصح الامين
25 ذي الحجة 1438
الطيار العراقي (رحمه الله)
مقتل الطيار العراقي المتدرب على الطائرة الأمريكية F16 ليس بالحادث العفوي وهو تكرار لحادث سابق، ولا حاجة الى تعليل أنه قتل بعملية مدبرة (يهودية – عربية) بل وبعض ضعاف النفوس من العراقيين والله لهم بالمرصاد، ولعل اللبيب بالاشارة يفهم.
إننا نطالب الحكومة بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث وهو يتكرر على هذا النوع من الطائرات الأمريكية التي لم يستلم العراق الا ما لا يتجاوز أصابع اليد، وهو متعاقد على أكثر من ستين منها.
كما ونلفت نظر أهل الشهيد الى متابعة ومقاضاة وزارة الدفاع الامريكية والتدقيق في كل المهندسين العاملين في مصانع هذا النوع ولعل الله يهدي الى القاتل..
((وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً)) الإسراء/33
20 ذي الحجة 1438
الى الخطيب الحسنيني
رعاك الله برعايته وأنت تخوض غمار جولة جديدة من الوعظ والارشاد والتعريف بقضية الاسلام الكبرى، والقضية التي غيرت وجه التأريخ وأفرزت الاتقياء من المنافقين وميزت الصالحين من الطالحين واعادت للدين وجهه الحقيقي وللاسلام صبغته المحمدية الاصيلة، أنها قضية أبي الاحرار الحسين (عليها السلام) الذي رسم للحرية طريقها وحدد ملامحها وبين وسائل تحقيقها وكرس مبادئ الحصول عليها، في كل زمان ومكان وها هو زماننا وقد أخذت المفاسد فيه أعلى جولتها والباطل اعلى دولته، وهو يجوب البلدان، إلا من منازل أو مبارز حتى إذا رفعت بعض الدول رأسها وحاولت بخجل تأكيد ارادتها قصفتها صواريخ دولة الباطل فدمرت خير بنائها وقتلت كفاءة ابنائها واعادتها الى ما قبل البعيد، وداست على كرامة بلدها وكبرياء دولتها.
خطيبنا الغالي، وأنت على اطلاع تام لما يدور في فلك كوكبنا من مظالم ومفاسد تقرب نزول البلاء وتقطع الرجاء، وتديل الاعداء، وترفع بركات السماء، وقد يقول لك وجدانك، بأن هذا لما كان ليحصل لو لا ان الناس تسير على غير هدى من الله ورسالته ومنهج أهل بيته (عليهم السلام) فصار الجرم مغنماً، والانحراف مكسباً، والميوعة رجولة، والخيانة وطنية والتخاذل بطولة، وبيع الذمم معلماً، حتى بات كسب درهم من حلال أهون على المؤمن من الضرب بالسيف، واضحى الناس حيارى وما هم بحيارى، وإنما اتخذوا شيطان انفسهم ولياً دون الله سبحانه، وما في بلدنا من كوارث وارهاب واحتراب ودسائس وسخط وبطالة.
ولا ندعي ان هذا كله بسبب ما كسبت ايدي الناس بل معه تكالب أمم الشر على بلدنا وتظافر جهود شياطين الارض على ارضنا لنهب ثرواتنا وتقسيم بلدنا.
وهذه الصورة غير خفية عليك يا خطيبنا، ولكن الذكرى تنفع المؤمنين.
وأرشدك ولك حق علينا في هذا والنصيحة للمؤمنين، ان تعالج في مجالسك الأمور التالية:
1- بيان آثار الذنوب ونتائجها في الدنيا قبل الاخرة وانها ليست إدانات تسجل في صحيفة اعمال الانسان يحاسب عليها يوم القيامة، بل آثارها مدمرة ونتائجها عامة، تصيب المذنب وغيره، والواجب على الجميع المنع من تأثيراتها وأثارها على الجميع.
2- يتفرع على السابق، انكشاف وجه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبيان خطورة المناكير المنتشرة على أرض بلدنا، من ضعف الوازع الديني وإنعدام الزاجر الاخلاقي وسريان المغريات والمميّعات من خلال وسائل التواصل الحديثة، وأكثر الموبقات انتشاراً – جريمة اللواط – فأنها تؤثر على عالم التكوين لقاعدة الترابط بين عالمي التشريع والتكوين، وإنها تتطلب الاستئصال، تجد ذلك من خلال الحد الشرعي المقرر لهذه الموبقة، من القتل بالسيف أو الرمي من شاهق أو الحرق وذر الرماد، وقد وجدت ان الماسونية العالمية اليهودية تحاول بكل امكانياتها لمعرفة بدمار آثار هذه الجريمة على نشرها في مجتمعنا.
3- يتفرع على سابقه ان المسؤولية تقع على الجميع لأن الاثار تطال الجميع فلا يقول المعترض على تفعيل فريضة النهي عن المنكر (مالك) وغيرها من كلمات الاعتراض ويكون الجواب أنني ادافع عن نفسي وعائلتي وديني لأن الاثر سيدخل بيتي لا محالة إذا تركتُ النهي عن المنكر.
4- ويتفرع عليه إن البلاء النازل الواقع قد يكون عقاباً لما كسبت ايدي الناس، وما قدمته من الذنوب والآثام، كما قد يكون اختباراً وامتحاناً فهو للمؤمن على الثاني، وللفاسق على الأول، فلا حاجة ليندب أحدنا حظه العاثر أو يلعن وقته وزمانه أو يتحسر على عدم موافقة الاسباب له.
5- وأذكر أخيراً بالبلاءات الحاصلة في أمريكا وأنها سترحف الى ولايات أخر وهي مدمرة كلية كما تنقل أخبارها وما ذلك الا بسبب ظهور الفساد عندهم في البر والبحر واقترافهم المنكرات والمظالم على بلدان الارض، وترهيب شعوبهم وارعاب ابنائها وابتزاز ثرواتها ورسم انصياعها لسياسات بلدهم الظالمة والتي لا يسلم منها حتى شعوبهم، للتمايز العنصري الجاري عندهم.
فالظلم نهايته الخسران في الدنيا قبل الآخرة ولا بد من الجزاء قبل الارتحال الى دار القرار والتأكيد على هذه النقطة قد ينبه الغافل ويرجع التائه ويرشد الضال الى الطريق السوي.
يجب تفهيم الناس بأن الظلم حبله قصير وتبعاته باقية ما لم يصلح البشر وضعه ويتق ربه.
6- ان ميوعة شبابنا تقع على عاتقكم لأن كلامكم مسموع ويصل الى أكبر شرائح مجتمعنا فالجاري من التخنث والتشبه بالنساء أو بالرجال مطلوب التنبيه على خطورته وحرمته بل وعدم لياقته لأبنائنا الذين هم نواة مستقبل بلدنا وديننا، ويتحمل الاباء والشريحة التعليمية ورؤساء العشائر الحصة الكبيرة من نتائج هذه الميوعة وعليهم ان يعدوا لأنفسهم ما يمنع مساءلتها يوم الارتحال وقبله.
7- لاحقوا الاخطاء الكارثية في التعليم عندنا، فإن اساس الدول وسلامة بقائها هو التعليم فإذا ما استقامت شؤون البلد، وإلا كان مصيره الى خراب، وقد يصل الى زوال وبينوا خطأ وخلل ما يجري في مؤسساته المختلفة وخطورة دعوى الاختلاط التي ينادي بها البعض، أو لا يكترث من سموم آثارها على اخلاق ابنائنا.
8- اثيروا في نفوس الابناء والشبان دفائن فعل الخير وابقاء المعروف بين الناس وعدم ضياعه فإنه يؤول الى الى الربا، لأن علة الربا أو حكمته كما يقول سادتنا من الائمة عليهم السلام هو ضياع المعروف، وإن أخذ المال لعمل موظف حكومي وهو يتعاطى راتباً من دائرته حرام وأكلاً للمال بالباطل.
9- أكدوا على اثارة الغيرة والمرؤه عند الناس وخزي العار فهي موانع حتى لمن لا يلتزم بالشرع، فقد وجدنا ضياعها وزوال آثارها في ضبط السلوك الفردي والاجتماعي.
وقد خاطب امامنا الحسين (عليه السلام) بالرجوع الى احسابهم وانسابهم كرادع عن المضي الى قتله (سلام الله عليه) ولولا أهميته لما ذكَّر به.
10- ابقوا المنبر الحسيني وسيلة هداية واشعاع روحي وصفاء قلبي وليونه نفسية بعيداً عن المهاترات السياسية، والميل الى كفة دون أخرى، بل الابتعاد عن جعله إداة للدعوة الى شخص ولو كان مرجعاً وليكن كلامكم بالعنوان العام من دون المساس بالعنوان الكذائي فإن ذلك اثاره غير محمودة العواقب والتي اخطرها تفرق الناس عن المنبر الذي قزم عنوانه العظيم الحسنيني الى منبر جماعة فلان وعلان، وبالتالي سنخسر أهم منافع المنبر وهو قدرته على استقطاب الناس واجتماعهم على قضية لا يختلفون في حقانيتها والدفاع عنها ألا وهي قضية الحسين (عليه السلام).
هذه عشرة كاملة خذها وكن من الشاكرين لرب العالمين ..
أخوكم
قاسم الطائي
27 ذي الحجة 1438
النجف الاشرف
اين الانصاف
نسمع من خلال اخبار بعض الفضائيات انتصار ما يسمى محور المقاومة وهو بحسب هذه الأخبار متمثل بسوريا وحزب الله لبنان ، وايران وروسيا وقد سمعته أكثر من مرة، واستغربت لذلك كثيراً، فإن الانصاف يقتضي بل يلزم ان يذكر عنصراً آخر كان له اليد الطولى في المقاومة ومواجهة الظلم والاستهتار الغربي – الامريكي – بالتحديد، الا هو عنصر المقاومة العراقية التي لم أجد لها ذكراً في أدبيات هذه الفضائيات لا في نشرات أخبارها ولا في ندواتها ولا في تحليلاتها، مع ان هذا العنصر ولا نبالغ القول بأنها مادة اساسية لبعض ما ذكر من هذا المحور وهذا أمر معروف يعرفه القاصي والداني.
فإن هذا المحور لم يكن لينجح في مواجهته للإرهاب العالمي وراعيه – التحالف الدولي- بقيادة أمريكا لولا المادة الفطرية من مقاتلي العراق الذين أخذتهم الغيرة على الدين والمذهب والإسلام، فلم يكن لإنتصارات الجيش السوري، وهذا المحور لولا الضخ الكبير من قبل أهل العراق ومقاتليه وقد فتح بوابة الدخول في معترك هذه المواجهة مع الارهاب بعد ان كان مغلقاً سماحة المرجع الفقيه قاسم الطائي بخطوته الجريئة ودخوله الساحة السورية الملتهبة في اقسى ظروف المواجهة وانكفاء هذا المحور أمام الانتشار الداعشي حينما دخل الاراضي السورية عبر مطارها وبدون تأشيرة دخول، وأعطى مشروعية للعديد من الاخوة المؤمنين الذين اعجزتهم الحيل في أخذ الأذن للدفاع عن مرقد العقيلة زينب سلام الله عليها، فقد اغلقت ابواب الجميع امامهم، فمن مُحرم للذهاب، ومن مُقلِل من قيمة هذا الدفاع، ومن مستخف بالمرقد الشريف وأنه مجموعة من طابوق البناء يمكن اعادته ومن أعيته الحيل فجعل الذهاب دفاعاً عن بشار الاسد ونظامه، ولم يقرأوا المشهد جيداً فكان الاذن من قبل الفقيه بمنزلة ماء السماء على الارض الجرداء فانبتت خضراً وزهوراً من مقاومين ابطال استشهد منهم من نال حظ الشهادة وبقي من كتب الله له البقاء ليعيش حالة النصر.
ومن نافلة القول: بأن الشيخ الطائي كان ذهابه في أوائل عام 2013 قبل المشكلة الداعشية في العراق، وقد اغلقت المكاتب العلمائية في حي السيدة زينب بدمشق، وقد فتح هو مكتبه الخاص الذي أصبح ملاذاً لكل المدافعين عن المرقد الشريف.
وهذا هو ديدن الشيخ فأنه يصنع الحدث ويفجره لا ان يتفاعل معه بعد وقوعه، وقد سبق هذا فتواه الشهيرة في مواجهة الاحتلال الامريكي بعد ان لم يجرؤ الواحد من التفوه بكلمة الاحتلال وكانت موضة قوات التحالف أو الصديقة هي الدارجة، ومن خلال الفتوى أنتفض المقاومون من التيار الصدري بعد حصارهم في مدينة النجف، وها هي الان عناوين متعددة لهذه المقاومة، وهم من لقن الاحتلال دروساً في شجاعة المواجهة مع فارق الامكانيات العظيمة واصطفاف معظم أهل السياسة والدين ضد المقاومة للاحتلال في وقت كانت قوافل الارهابيين تدخل عراقنا من بعض الدول، ومع هذا التاريخ بسابقه ولاحقه لم يُذكر أهل العراق فأين الإنصاف، وأين الحقيقة لتاريخ الاجيال اللاحقة.
27 ذي الحجة 1438
الحدود و نظام التكوين
المعروف عند أهل الدين عموماً بأن ترابطاً واضحاً بين عالمي التكوين والتشريع بحيث إذا التزم بعالم التشريع استقر واستقام عالم التكوين، وأفاض من بركاته على المتدينين وبقية الناس من الخيرين، ولست بحاجة الى استعراض بعض الآيات والروايات التي تدلل بشكل سليم لا يقبل التشكيك بالترابط المذكور، وفي فقرات دعاء كميل بن زياد عن الذنوب غنى لمن ألقى السمع وهو شهيد.
وهذا معناه ان اثر الذنوب قد يكون عاماً في أحيان كثيرة فتتطلب من الجميع التدخل لقلع مادتها والتقليل من آثارها وإلا عمت البلوى الجميع وأخذ الكل من النصيب لأن الساكت عن الظلم والراضي به ظالم أيضاً فيناله لاتصافه بالظلم ما يكون عقاباً له وهذه من نكات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كي لا يقول الجاهل، ما عليك ودع الآخرين فهم أحرار ونحوها من العبارات المتداولة والدارجة في أعرافنا الحالية وكأن العالم مفتوح للمذنب خاصة يفعل به ما يشاء ولم يكن من مشاركين له في هذا العالم يتلوثون بآثار ذنوبه وعليهم منع ذلك.
ولنذكر مثالاً لذلك فإن علاقة الذنب مع عالم التكوين والناس كعلاقة السفينة بإعمال الخراب التي قد تحدث فيها من قبل بعض من فيها، إذ بقاء أعمال الخراب من دون رادع قد يجر الى غرق السفينة وهلاك من فيها جميعاً.
وقد وجدت ان العقوبات المقررة شرعاً من الحدود والتعزيرات تتناسب شدة مع شدة الجرم بحيث يستكشف من شدة العقوبة المقررة شرعاً لهذا الذنب أو ذاك شدته وعمق تأثيره في عالم الامكان بحيث يتأثر به كثيراً ويضطرب بسببه اضطراباً شديداً، وهذا ما حصل فعلاً بمقتل الاولياء والصالحين، والائمة المعصومين (عليهم السلام).
والنقل الروائي والتأريخي يثبت بما لا يقبل التشكيك أضطراب عالم الامكان وبكائه على جريمة مقتل الأمير والحسين (عليهم السلام) وبكاء السماء دماً على مقتل الحسين (عليه السلام) وفيه شواهد تأريخية في بقاع الأرض الأخرى، وبعض الذنوب تتطلب محو المذنب كلية وعدم ابقاء أي أثر له، حيث يحرق ويذر رماده حتى لا يكون له من أثر، وهذه هي عقوبة (اللواط) جريمة منكرة لا يفعلها حتى الحيوانات، ولكن من فضله الله عليها بالعقل يرتكبها مع عمق ما يحدث من اضطراب كوني لا يشعر به المعظم من البشر إلآ النادر منهم ممن صفت نفوسهم وطهرت قلوبهم وانفتحت اسماعهم لسماع مثل هذه التأثيرات.
ومن هنا كان العقاب صارماً وقاسياً لفاعل هذا الجرم، من الرمي من شاهق والحرق وذر الرماد أو القطع بالسيف على ما يقرره الفقهاء في رسائلهم العملية، وبعده الزنا وخصوصاً المحصن وقد استقرأت لكثير من الناس ممن وقع في هذا الحرام فوجدت ان المعظم منهم حرم نعمة الاولاد الذكور وكأن العقاب لقطع نسله وامتداد وجوده باولاده الذكور وإن رزق الولد فالبنات هي الغالب لمثل هؤلاء، واوضحهم مورداً ومصداقاً الممثلين وأهل الفن الماجن.
فالعقاب الالهي هو لتنقية عالم الامكان والتكوين من قذارات ذنوب عالم التشريع الذي يدخل اختيار الانسان فيه، وواضح من سرد بعض ايات الذكر الحكيم تشير الى ما يكسبه الانسان في عمله، ((ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ))الحج/10 ، ((فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ)) العنكبوت 40
25 ذي الحجة 1438
مفاهيم حسينية … الذكر
أول هذه العناوين بحسب تسلسل روايات صاحب البحار هو الذكر، فما هو الذكر؟ فقد ذكرته جملة من روايات الباب المتقدم هي الأولى، والثانية وغيرهما.
فعن الحسين بن فضال في امالي الصدوق عن الرضا (عليه السلام): من تذّكر مصابنا وبكى لما أُرتُكب منّا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذُكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
وفي تفسير القمي عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من ذكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر. والذكر هنا وقع مقدمة للبكاء أو سبب له، فما هو؟
الذكر لغة: عن الراغب من مفرداته قال: الذّكر تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتباراً بإحرازه، والذكر يقال اعتباراً باستحضاره، وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول ولذلك قيل الذكر ذكران: ذكر بالقلب وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان ذكر عن نسيان وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ، وكل قول يقال له ذكر فمن الذكر باللسان قوله تعالى{لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}الأنبياء/10 والتذكرة ما يما يتُذكر به الشيء، وهو أعم من الدلالة والأمارة .. الخ. والمتحصل من كلامه عدة أمور:
الأول: أن الذكر هو الهيئة النفسية التي يتمكن بها الإنسان حفظ ما يحوزه من المعرفة، وهو كالحفظ.
الثاني: فرقه عن الحفظ، إن الذكر يقال باعتبار استحضار معرفته فيما الحفظ يقال باعتبار احرازه، فإذا أحرزه فقد حفظه، والحرز من الصون، فهو بالتذكر يستحضره وبالاستحضار يصونه من النسيان أو الضياع أو التجاهل أو الغفلة عنه، وهذا ما أريد للقضية الحسينية ان تصان من الضياع أو التجاهل وإبقاء صورتها في أذهان المسلمين لتبقى حية تحرك وجدانهم نحو رفض الظلم والعدوان.
الثالث: ينقسم الى ذكر قلبي وذكر لساني، وكل منهما ينقسم الى قسمين، ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة حفظ، فالأقسام أربعة هي:1- ذكر قلبي عن نسيان. 2- ذكر قلبي لا عن نسيان بل عن إدامة ما حفظه وأحرزه. 3- ذكر لساني عن نسيان.4- ذكر لساني لا عن نسيان بل لإدامة ما حفظه.
نعم قد يجتمعان في قوله تعالى ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)) البقرة/200 فهو ذكر قلبي، لساني، ومن الذكر عن نسيان قوله تعالى ((فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)) الكهف/63
الرابع: الذِّكرى، هي كثرة الذكر، وهي أبلغ منه قال تعالى ((رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ)) ص/43 {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات/55، ومن الواضح في الآية ان الذكرى هنا مصدر وليست أسم مصدر.
الخامس: التذكرة، هي ما يتذكر به الشيء، وهي أعم من الدلالة والإمارة.
وفي التحقيق في كلمات القرآن قال: والتحقيق أن الأصل الواحد في هذه المادة: هو التذَّكر في قبال الغفلة والنسيان، وهذا المعنى أعم من التذكر بالقلب أو اللسان.
فالذكر باللسان كقوله تعالى {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}الأنبياء/60
والذكر بالقلب كما في {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}البقرة/152
الذكرى: مصدر ذكرّته، وليس بأسم مصدر، قوله تعالى ((إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ)) الأنعام/90
الأنعام/80 و ((إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)) الأعراف/201
ولا يخفى أن الذكر هو وسيلة الارتباط، وعلامته الغفلة عما سواه ونسيانه، فمن اشتغل بقلبه ولسانه
بذكر الله تعالى فهو معرض عن الاشتغال بغيره وغافل عن هواه وعما تشتهيه. وللحديث تتمة
قاسم الطائي
الى سماحة المرجع الديني الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
م/ استبيان
هنالك علم يسمى علم الشفاء البراني أو علم الشفاء الاثيري الذي يعتمد على علم الطاقة الكونية والبشرية في علاج المرضى كما مبين في أحد مصادره الموسوم ((معجزات الشفاء البراني)) الذي اطلعتم عليه فهل يجوز من الناحية الشرعية إستخدام هذا العلم في علاج وشفاء المرضى وتحسين حالتهم النفسية ولكم كل الحب والامتنان
السيد ظافر مجيد الياسري
بسم الله الرحمن الرحيم
استخدام القدرات البشرية والطاقات الكونية في خدمة الانسان وعلاج أمراضه البدنية والنفسية أمر جائز ولا محذور فيه ما لم يستلزم المحرمات كالاضرار بالاخرين، واستغلال حالتهم المرضية للابتزاز والاطلاع على إسرارهم فأنه يحرم من هذه الناحية، كما ويؤكد تفعيل واستثمار هذا العلم على عظمة الخالق وقدرته اللامتناهية واسراره الكثيرة التي يبثها في كونه والتي لم يهتد الانسان الا الى جزء بسيط من هذه الاسرار العظيمة التي تصب في مصلحة الانسان لو أحسن التصرف فيها وشكر منعمها وابتعد عن الشيطان في تدخلاتها فيها.
وتحصيل نتائج جيدة وملموسة بهذا العلم يوفر فرصة جيدة لإهتداء العديد من الناس فيكون سبيلاً للهداية والايمان، لأن التأثير الحسي الملموس أوسع بكثير من التأثير غير الملموس كما هو واضح.
واعتقد ان هذا العلم قد ينفع في الكشف عن كثير من اسرار الشريعة والوصول الى ملاكات احكامها وسيعزز قناعة الكثير بحقانية الدعوة الاسلامية وانها العلاج الناجع لمشاكل البشرية والله الموفق للسداد.
قاسم الطائي
25 ذي الحجة 1438