أوهن البيوت
قوله تعالى ((مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)) العنكبوت: الآية 41 أوهن البيوت لأنه من نسيج خيوط لا تقيه برداً ولا حراً ولا يمنع منه عدواً ولا تخفيه عن أعين الآخرين وغير ذلك، فهذا ما يقولونه من وهن بيته كأنهم أخذوا في مفهوم البيت تركيبه المادي خاصة فكان وهناً لأنه تشكل عن مواد ضعيفة واهنة، وهذا ما يثير الضحك من أن هذا أمر تكويني رتب العنكبوت عليه ولا دخل له فيه، فكيف يصبح محلاً لتشبيه إتخاذ الكافرين أولياء من دون الله حيث يكون الإتخاذ عمل إختياري تعمل فيه إرادة الإنسان بملئها، لأن هذا من بيت العنكبوت الذي لا يقيه من اي ضرر، ولو كان يإمكانه إتخاذ بيت أمتن وأقوى من هذا لاتخذه أكيداً. ومع عدم صحة التشبيه لا يصح هذا التفسير وإن كان هذا التفسير مما أشار اليه جملة من عمالقة التفسير كالسيد صاحب الميزان، وصاحب تفسير روح المعاني –الآلوسي-
قال في الميزان في قوله ((كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا)) الى اتخاذها البيت فيؤل المعنى الى أن صفة المشركين في إتخاذهم من دون الله أولياء كصفة العنكبوت في إتخاذها له بيتاً، وهم آلهتم الذين يتولونهم ويركنون إليهم كإتخاذ العنكبوت بيتاً هو أوهن البيوت إذ ليس له من آثار البيت إلا إسمه لا يدفع حراً ولا برداً ولا يكنُّ شخصاً ولا يقي من مكروه كذلك ليس لولاية أوليائهم إلا الإسم فقط لا ينفعون ولايضرون ولايملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً، الميزان ح ج16ص134-135
وعلى نفس النسق، وقد تكون الكلمات كذلك في تفسير روح المعاني للآية.
والذي أجده مناسب للتمثيل والتشبيه هو الرابطة القائمة بين المشركين وأوليائهم رابطة ضعيفة أضعف وأوهن من رابطة العنكبوت حيث يتبرأ المتبعون من الاتباع لو كانوا ينطقون، وإنهم لا قوة لهم بالمرة لأنفسهم فضلاً لغيرهم من المشركين العارفين لهم، فلا توجد اصلاً رابطة بين الطرفين، ولذا عبر أوهن أي أضعف من بيت العنكبوت ولا يراد به ما ينسجه لنفسه من الخيوط لجعل البيت، بل المراد ان الرابطة الأسرية (لوصح التعبير) للعنكبوت مفككة، وهي جارية على اساس أن الأنثى تأكل الزوج الذكر لو تعرضت لمجاعة وقد تأكل أولادها لنفس العلة. وعليه فالرابطة الأسرية مفككة ولكنها موجودة أساساً، وأما رابطة المشركين وأوثانهم فغير موجودة إلا بحسب رغبة المشركين، ومن هنا كان التعبير بأضعف مع بيت العنكبوت في محله.
وهذا وجه آخر لعدم إرادة المعنى الذي ذكره المفسرون، وهذا واحد من موارد عديدة أخطأ فيها المفسرون، وسار التابعون على نسق السابقون من دون الإلتفات الى أنه خطأ. وكم سار اللا حقون على نسق السابقين من أعمال تضر فيما قاله السابقون ومثل هذا وجدته في الرسائل العملية للفقهاء أعزهم الله بعزه. وقد تأتي في أعداد لا حقة على ذكر موارد أخرى في التفاسير، وربما في الرسائل العملية.
الكمامة
وضع الكمامة على الفم في هذه الظروف المسماة بظروف كورونا لوقاية الشخص الواضع من خطر الإصابة بالفايروس وهذا أمر جيد للحد من إنتشار الفايروس وإصابة الشخص الواضع كما يدعى، لكن وضع قطعة من القماش -كمامة- على الفم والأنف هل يمنع دخول الفايروس الى أحد هذين الموضعين أو لا؟ سيجيبك الأطباء وأهل الخبرة، بنعم يمنع، إلا ان التدقيق في الأمر يوحي بأن قطعة القماش لا يمنع من نفوذ الهواء الذي قد يكون محملاً بالفايروس ولا يستطيع أحد الجزم بمنعه من نفوذ الفايروس ودخوله الى الفم أو الأنف وقد يحسن من مادة الكمامة بجعل القطعة محاطة بمادة تمنع ما ذكرته لوجود مسامات فيها ومع وضع هذه المادة العازلة أو قل التي لا مسامات فيها سيواجه الأمر صعوبة، صعوبة تنفس الفرد اللابس.
إذن المسألة تدور بين أمرين كلاهما غير سديد، أما كمامة بدون بطانة،وتسمى لغة شعار فهذا لايمنع نفوذ الفايروس والتسبب بإصابة الشخص، وأما أن تطعم بمادة غير مسامية وهذا يمنع التنفس للفرد، فيضطر الى خلعها.. فما هو السبيل؟
قد يكون وضعها مما لا فائدة فيه وحينئذٍ ينفتح سؤال وجيه عن سبب لبسها وبهذا الإجراء العام.. فهل من ثمة سبب وراء ذلك؟ قد يقول القائل إنه إجراء لتدريب البشر على لبسها تحسباً لطوارئ قد تطرأ على الوضع البشري، فتكون ظاهرة كورونا قد ولدت وعياً لدى الناس وإلتزاماً منهم بضرورة لبسها بما لا حاجة الى مزيد من الدعوى والنداءات الى لبسها حيث تكون متعارفة اللبس عند الناس وهذا الأمر على نحوين، أما هو طارئ خارج إرادة البشر، لبعض الظواهر الطبيعية المناخية التي قد تلزم الإنسان لبسها توقياً من غازات أو أتربة أو مواد غازية سامة أو غير ذلك.
وقد تكون بشرية وبإرادة البشر أنفسهم، حينما يفكرون بالقيام بالحرب وهي ستكون مدمرة لا محالة وبأسلحة فتاكة، يكون من الضروري بمكان إلزام الناس بلبس الكمامة حفاظاً على حياتهم من التسمم بالغازات أو الإشعاعات القاتلة، وتكون من قبيل الإستعدادات البشرية والإشعارات النفسية المتهيئة لخوض الحرب.
وذكر أحد الأطباء المتخصصين بأن لبسها لمنع إنتشار الفايروس من المصاب فلبسها للمصاب لا لغيره.
وقد يكون وضعها لفائدة وقد عرفت أن الفائدة المدعاة لا وجود لها، فأية فائدة أخرى وراء ذلك، نذكر بعضاً منها، إخفاء صورة الرجل الواضع لها إذ قلما يلتفت الى أنه الشخص الفلاني مع الكمامة ولذا بدأت الآن في بعض مناطق العالم جعل الكمامة شفافة لا تخفي ملامح الشخص.
وأما لماذا الإخفاء فهذا له حديث أخر مسؤوليتي التنبيه عليه فقط.
ومنها إنشغال الناس وتركيز إهتمامهم على الكمامة مما يجعلهم مستغرقين في هذا الأمر وغافلين عن غيره هو أهم من ذلك.
ومنها إشغال أجهزة الشرطة والأمن بمتابعة الناس ومحاسبتهم على عدم لبس الكمامة، مما يفضي الى فراغات أمنية في هذه الأجهزة وغيرها من الفوائد.
وسيكتشف الناس سر لبس الكمامة وحقيقة هذا الإجراء ولكن بعد حين -كما يخبرنا القرآن ((فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) غافر:الآية44
التردي المجتمعي
أزلية المجتمع والمتسلطين عليه معادلة معكوسة حيث ان المجتمع يرمي كرة التدهور المجتمعي على السلطة، وهي ترميها على المجتمع لعدم تعاونه معها ولم يترك لها فرصة القيام بمهامها، ولاحاجة لأعطاء أحد الطرفين صحة جوابه على الآخر إعتماداً على التحليل العقلي والقراءة الميدانية للمشهد بشكل عام فهذا المقدار لم نقربه منذ مدة تجاوزت الأربع سنوات، فلا حاجة للتحليل ولا الإستنتاج وإن كان في العديد من المواقف صحيحاً وأثبتت الأيام صحة اقوالنا وإستقامة تحليلاتنا، ولكن لا حياة لمن تنادي، إنما الكلام في هذه الأسطر مشتق من لسان الشارع لتقييم المشهد المجتمعي في علاقته مع السلطة، ونذكره على شكل نقاط:
النقطة الأولى: إن السلطة إفراز طبيعي لكل مجتمع له أرض مختص بها وروابط مجتمعية وعادات وتقاليد معينة تميزه عن غيره من المجتمعات وما دامت إفرازاً طبيعياً فهي، تبرز من المجتمع وتظهر عليه وتتولى امره، ومعنى أنها مبرزة من مجتمعها فهي على شاكلته وصورته، فإذا كان مجتمعنا صادقاً وسليماً وساعياً بهمة لتنمية بلده فالسلطة كذلك، إذ فاقد الشيء لا يعطيه، واقرٍّبه بمثل هل وجدت طبيباً يصادق (مصلح عجلات – فيترجي- أو وجدت مهندساً يصاحب مطيرجي لا تجد إلا إن كل صنف يميل الى صنفه معاشرة وصداقة، فالسلطة والمجتمع كذلك وجهان لسلوك واحد، وهذا تصوره المقولة عن أئمتنا – كيفما تكونوا يولى عليكم، فإذا أردت أن تغيّر فماذا عليك أن تغيّر.
النقطة الثانية: وهي مترتبة على الاولى، ان تغيرك لأمر بلدك يبدأ من تغيير نفسك، والوسيلة التغيرية ماهي؛ قد تقول مواجهة السلطة ولو بالسلم كالمظاهرت والإعتصامات وغيرها، كلا لأن زوال ملك قبل أوانه أهون من زوال جبل من مكانه كما يخبرنا أئمتنا (عليهم السلام) وحيث لا يُعلم زمان زوال الملك تبقى المظاهرات مشكوكة النتائج فقد تؤدي الى خسران أرواح واموال وممتلكات بدون أن تتأثر السلطة، وهذا أمر معاش
وحينئذٍ ماهو السبيل للتغير – هو أن تبدأ بتغير نفسك طبقاً للنص القرآني ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ)) الرعد:الآية11.
ووسيلة ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو طريق الإصلاح الذي سار على نهجه إمامنا الحسين (عليه السلام) بقوله المشهور ((إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر واسير بسيرة جدي وابي، وقد فصلنا القول في فريضة الأمر بالمعروف والنهي على المنكر بالبحث الخارج وخرج مطبوعاً في أجزائه الأربع بحمد الله.
النقطة الثالثة: إذا صلح المجتمع فينبغي طبقاً للنقطة الأولى صلاح السلطة على نحو كلي كلا نعم على نحو جزئي وهي حينما تكون السلطة ذات مؤهلات علمية وعملية عالية ترتقي فيها على غيرها، وهنا لا بد من وضع ضوابط تعززها وجود من يحق له إرتقاء السلطة ولو عبر صناديق الإقتراع، لا أن تكون الأمور مجردة عن شروطها وظوابطها فلا يحق لمن لا يتوفر على شروط الترشيح لأنه سيفسد أكثر مما يصلح، ويرشدك الى ذلك كلام يوسف (عليه السلام) لعزيز مصر، ((قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ )) يوسف:الآية 55 ولو لم يكن قادراً ومتمكناً لما قالها.
النقطة الرابعة: هب أن المتوفرين على الشروط كثيرين، فهل نجعل السلطة لهم جميعاً أو للبعض منهم: لهم جميعاً يعني عدم الإستقرار وصعوبة الإيصال الى قرار حكومي عام بفعل تجاذب الأطراف، وهذا غير ما لو حصر الأمر في شخص فبإمكانه ان يقرر بسرعة ويتخذ القرار بسهولة وهو قرار قابل للتصويت في مجلس النواب.
وهذا المعنى تصوره الآية الكريمة ((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)) الزمر: الآية 29.
وحينما يكون التسلط محكوماً لدستور أو أيمان، بخلق، ومدته محدودة فلا مجال للتخوف من عودة الدكتاتورية، بل هو محكوم بجملة ظوابط إذا خرج عنها خرج عن السلطة وهذا ما تحدثه الآية ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45).. )) الحاقة الآية:44،45
التجاوزات التركية
لليوم الرابع لا زالت القوات التركية تخترق السيادة العراقية في شمال العراق وتقصف مناطق متعددة منه ودخلت في العمق العراقي، وغاية ما فعلته الحكومة العراقية هي الإدانة والإستنكار وإستجداء دعم من دول الأرض والمنظمات الدولية ومن زاوية الأقليم فلم نسمع برد فعل مناسب لهذه الإنتهاكات، ولم تتحرك البيشمركة بقصد الدفاع عن أرض العراق –ارض كردستان- والعلاقة الأمنية في حركة القوات معقدة وربما لم يسمح للقطعات العسكرية الحكومية بالتحرك داخل الإقليم ولكن بإمكانها أن تتحرك الى الموصل الذي هو الآخر محل لهذه الإعتداءات.
وبغض النظر عن الجانب السياسي- فقد إرتأينا عدم التدخل فيه منذ مدة – ومثل هذه الإعتداءات تتطلب موقفاً وطنياً بعيداً عن الصراعات السياسية فيما بين الأطراف لأن الخطر يهدد الجميع وعلى الجميع أن يقف ضده، وإن كان الدستور يعطي الحكومة المركزية الحق بالتحرك في جميع الأراضي العراقية، وخصوصية الأقليم لا تمنع ذلك، وعلى هذا نقترح بعد الوجهة الدينية والوطنية القاضية بوجوب الدفاع عن كل شبر من أرض العراق، والإختلاف في تحديد المسؤليات لا يرفع هذا الوجوب، ومسألةصد الإعتداء أما أن توكل الى المركز ويشارك بها الإقليم بكل قواته تحت القيادة العامة، وأما أن يتصدى الأقليم بكل قواه وتدعمه الحكومة بكل قواتها ضمن تنسيق عالٍ بين الطرفين في مواجهة المشكلة، ومجرد الإدانة والإستنكار لا تغني من رفع الإعتداء شيئاً، وإذا توقفت فسيعاود ولو بعد حين.
وإذا كانت من ثمة إتفاقيات أمنية مع الجانب التركي فلتعلن على الملأ ليعرفها المواطن العراقي الكردي والعربي، ولا يتخذ موقفاً مشوشاً ورد فعل غير مناسب لجهله بالحال.
وليعلم جميع القائمين على الشأن السياسي من المركز والإقليم بأن هذا الحدث إختبار لوطنيتكم ومكانتكم السياسية، وإعتباركم الإجتماعي، وأهمية مستقبلكم السياسي، وإخلاصكم لشعبكم، وإحترام لموقعكم بين شعبكم والشعوب.
اللهم إنا نرغب إليك في دولة قوية تعز الشعب وتحفظ الهوية، وتدفع عن أهلها الظلم الفرية ياعزيز ياكريم
29 شوال 1441
21/6/2020
إسمع نصيحة ناصح جمع النصيحة والمقة
الكثير على شبكات التواصل الإجتماعي كلام فيه الغث والسمين وفيه الكذب والغيبة وفيه التزلف والتملق، وفيه المحاباة بلا إستحقاق وفيه، وفيه…
وكل قسم من هذه الأقسام الكلامية لها مضمون، المتكلم محاسب عليه قد يكون في الدنيا خاصة وقد يكون في الآخرة وقد يكون في الدارين، فالكلام مالم يكن مضمونه حقانياً ونافعاً ومفيداً فعلى الإنسان أن يجنب نفسه ورطة الوقوع في نتائجه، وعليه أن يحصر كلامه في ما هو فيه ونافع للآخرين، ولا أعتقد أن الآخرين يختلفون في كون المفيد هو كلام الشارع … سبحانه، في كتاب ومحمد وآله في رواياتهم، فهو مع كونه مفيداً فإنه ما ينتفع به المتكلم أو الناشر في الآخرة أكيداً حينما يجد نفسه وحيداً ولا قرين معه إلا عمله وقوله، حيث ينجيه أو يضره ( يعذبه) أي يكون سبباً للعذاب و المحاسبة.
ويعلم الجميع بأن الكلام لا يؤثر على الآخر بقدر ما يؤثر على متحدثه كما مر، فإن الآخر إن كان فاسقاً أو ظالماً أو سارقاً فالله يعلم به وهو الشاهد عليه والحاكم به فهو الشاهد الحاكم فلا يحتاج لشهادة شاهد أو قول متكلم وسيأخذ جزاءه بما هو مستحقه (( ولا يظلم ربك أحداً )) فإذن الكلام لا قيمة له بقدر ما يورط أو يتورط صاحبه في الغيبة أو البهتان أو رمي التهم جزافاً بلا حجة أو برهان، وقد يُرفع ضده دعوى قضائية بقصد التشهير أو الإسقاط أو الإفتراء والإرتكاب وغير ذلك.
أنت عليك أن تكون جيداً ومحترماً والآخر الذي ليس على هذه الصفة سيتأذى ويسقط أو يرجع الى رشده وعقله إذا رآك عاقلاً ومحترماً.
وعلى ما تقدم أنصح ابنائي وإخوتي وأصدقائي أن:
أ- يكون ما ينشر في كلماتهم ما هو نافع ومفيد، وناصح من كلام الله سبحانه أو كلام أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فإنهم تكلموا في كل شيء وأعطوا كل شيء حقه ومداه فنشرك كلمة قصيرة لأحد الأئمة تنفع بها الآخرين وتنبههم على سبل دينهم فإذا عملوا بها يكون لك أجرها وأجر من عمل بها، وإذا تحدثت بكلمة تضل بها الآخرين فيكون عليك وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة.
مع إحتفاظك بإتزان نفسك وسموا أخلاقك وثمار نشرك من الثواب عند ربك إذا قصدت قربته ووجهه سبحانه، وجنبت نفسك نتائج غير محمودة في كلام غيرهم.
بـ- نبه على ماهو منكر من القول أو الفعل بقصد إنكاره فهو واجب وقربة الى الله بمواجهة المنكر، دون ذكر الإسم لتبتعد عن ماذكرناه من الآثار السيئة، وتكون قد شاركت في إصلاح المجتمع وكنت من الأمة الخير ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ))
جـ- أنشر المعلومة المفيدة لرفد ورفع الوعي المجتمعي والعام وإياك ونشر خبر لم تتأكد منه فإنه لا يخلوا أما أنه كذب أو غيبة، وهذه الغيبة مع نشرها فهي مستمرة الى ما لا حد له لأنه لا يمكن إيقاف وصولها الى كل واحد ويتحمل قائلها تبعاتها ولا تبرأ ذمته منها إلا إذا إعتذر من المغتاب وأبرأ المغتاب ذمته، ولا يبرؤه إلا إذا غلقت المعلومة وانى له ذلك.
على ان هذا الرد يقابله رد آخر وقد تستمر الردود بما لا فائدة منها لكلا الطرفين، وأنى هذا من الكلمة الطيبة، والمعلومة المفيدة والمسرة للآخرين.
والعاقل من يجعل نشره في الشبكات لزيادة الألفة وإبداء التعازي أو التبريكات أو أمراً بالمعروف ونهياً عن منكر، فخذها وكن من الشاكرين
8- ذي القعدة 1441هـ
لل.. درك ياشيخ هذا الأثر الفقهي الرائع وهو يعالج مشكلة إجتماعية قائمة وبعد إستشهاد السيد بسنة تقريباً،وقد عرضها على أحد المتصدين في حينه ولم يعلق عليها.
بسمه تعالى:
فيما يتعلق بعمارة القادسية (البهبهاني) في منطقة الشورجة ببغداد
قد يقال كما قيل بأن الوارث لا يسمح بأي تصرف للمستأجرين في العمارة المذكورة أقصد المستغلين لمحلاتها بأي نوع من أنواع التصرفات، وبالتالي تكون تصرفاتهم غير مشروعة ومحرمة قطعاً.
وكلامنا في الجهة الفقهية لهذا الأمر فقد يستدل بعدم السماح ولا مجال لتصحيح تصرفاتهم في ملك الغير بقاعدة السلطنة ( الناس مسلطون على أموالهم) فهم أحرار ومطلقو التصرف بأموالهم يضعونها حيث شاؤوا ولو أدى ذلك الى تلفها أو مصادرتها كما هو واضح بأدنى إلتفاته، بل قد يدعى إن المعصوم (عليه السلام) ليس له رفع يد المالك عن ماله خصوصاً بعد فرض كون المالك موجوداً ولن يسمح بالتصرف والإمام المعصوم لا ولاية له على التصرف بممتلكات الآخرين، والمقام منها.
وهذا الكلام وجيه لكنه لا يخلو من مناقشة في كلا شقيه، أما الشق الأول مما يمكن الإيراد عليه بوجوه نذكر منها:
الوجه الأول: إن القاعدة المذكورة معارضة بالضرر المنفي من حيث إن عدم السماح للآخرين بأستغلال العمارة عن طريق الإيجار ضرراً على نفس المالك بما ذكرناه آنفاً من تعريضها للمصادرة كما لا يخفى،
ان قلت ان تضرر الفرد نفسه لا يكون محرماً قلت: ان للضرر مراتب وكلما كانت المرتبة عالية ولو بنظر العقلاء فيكون محرماً، والضرر في محل كلامنا لا خلاف بينهم في كونه قبيحاً والإقدام عليه سفيهاً فيكون محرماً.
الوجه الثاني: الطعن بالكبرى مورداً ومضموناً، أما الأول فلم يثبت من طرقنا الحديث المشهور ((الناس مسلطون على أموالهم)) بل من طرق العامة وهو قابل للخدش من عدة جهات ليس المقام محل بيانها.
لا يقال: أن المضمون عقلائي وصحيح فلا يحتاج الى رواية أو خبر صحيح بل يكفي صحة مضمونه عقلائياً في قبوله.
فإنه يقال: هذا وإن كان صحيحاً ومعتبراً لكنه لا يفيد المستدل إذ هو على هذا يكون دليل لبي يقتصر منه على القدر المتيقن، وهو خارج هذه الصورة صورة تعريض المال للتلف أو المصادرة.
وأما مضموناً فإنه غير تام لو فسرنا الخبر على تقدير تماميته كما فسره بعض بعدم الحجر على المالك من التصرف في أمواله، ولكنه محجور عليه ولو ظاهراً لا واقعاً أو قل هو محجور عليه بشكل قهري، فلا يكون مشمولاً للقاعدة على هذا التفسير، ولكن الإنصاف ان التفسير خلاف الظاهر وهو حرية المالك على نقل وإنتقال أمواله بشكل شرعي ومقبول بأي صورة من صور النقل بيعاً أو هبةً أو أجارةً أو نحوها.
الوجه الثالث: النقض بكثير من موارد الفقه، وهذا الوجه وإن كان بحسب المضمون راجع للوجه الرابع الآتي وليس مقابلاً له من حكم الفقهاء بوجوب الخمس على من زاد بالصرف عن المؤونة بشكل خارج عن المتعارف واللائق بحاله الإجتماعي ولو كانت قاعدة السلطنة جارية هنا أيضاً كما هو المدعى لما حكموا بوجوب الخمس ولكنهم حكموا فينكشف منه عدم جريان القاعدة هنا.
الوجه الرابع: وهو عمدة الوجوه، إن القاعدة مقيدة في جملة من الموارد بحيث لا تثبت السلطنة المطلقة للمالك، منها موارد تعريض المال للتبذير والإسراف بدليل قوله تعالى ((وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً* إِنَّ الْمُبَذرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)) والمقام منها لوضوح ان عدم إستغلال تجار الشيعة لها وإخلائها تصار الى الجهة الرسمية أمرها وبالتالي تعرضها للبيع، ويكون بذلك ضياع مصالح مهمة لشريحة كبيرة من المؤمنين كان بالإمكان التحفظ عليها بتصحيح التصرف ولو بإجازة الحاكم الشرعي بإعتبار إنه مالك من لا مالك له ظاهراً لا واقعاً حيث لا يكون المالك الواقعي مسلط على ماله فبالإمكان إنتقال السلطنة الى الحاكم الشرعي.
الوجه الخامس: إنه مع دوران الأمر بين تعرض المال للتلف والتسبيب لحفظه ولو من باب وجوب حفظ مال المسلم فيتعين الثاني وهذا منها لأن إيجار أو إستغلال هذه البناية نحو تسبيب الى حفظها للمالك ويمكنه توكيل ثقة عدل ليدير مايتعلق بمصالح المالك في ملكه الذي لا يمكن له الوصول إليه، وهذا المقدار ثابت للفقيه الجامع للشرائط كما في كثير من الموارد مع الدليل عليها بالخصوص إلا من باب الأمور الحسبية، وأوضحها رعاية الأوقاف العامة. وهناك وجوه أخرى أعرضنا عنها، هذا كله في الشق الأول، وأما الثاني فهو واضح الدفع وتمام الكلام فيه موكول الى محله. والحمد لل.. أولاً وآخراً.
قاسم الطائي
21 محرم 1420