You are currently viewing نشرة النهج العدد 62

نشرة النهج العدد 62

 

 

كن مستقلاً

المواطن العراقي معني أكثر من غيره من الساسة ورجال الدين بالانتخابات القادمة، وهو وحده لا غير من سيحدد وجهتها ومصيرها، والى أين سترسو باخرة العراق وعلى أي شاطئ ستحل، وبقدر ما يكون رأي الناخب مستقلاً ومبتعداً عن تأثيرات الآخرين الإعلامية منها والسياسية والدينية من طرف خفي، فإنه سيقترب من الاستحقاق الواقعي للفوز فيها بعد دراسته لشخصيات المرشحين ومعرفة خصائص كل واحد منهم من حيث البيئة والثقافة والاستقلالية في القرار، وتجنب الدعم المالي من الغير ومتابعة تاريخ كل مرشح وقرب مشربه من طبيعة الشعب العراقي وعرفياته.

وإن يستعين بربه وعقله قبل الاستعانة برأي غيره في التدقيق والفحص، فهو المسؤول في حال إعلان نتائج الانتخابات، إن خيراً فهو مشارك فيه ومصيب منه نصيباً، وإن شراً فهو داخل فيه وموزور منه قدراً طبقاً للقاعدة الشرعية، بل والعرفية المرتكزة في النفوس (( من سنّ سُنّة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ سُنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)).

فانتخاب الخيّر هو من السنة الحسنة، شرعاً وعقلاً وعرفاً وعقلائياً، وفي المقابل منه انتخاب السيئ. ويترتب على ذلك بوضوح حرمة انتخاب السيئ، حرمة شرعية، عرفية، عقلية، مع الانتباه للحيلولة دون تدخل وسائل تعريف أخرى، قد تغير رأي الناخب أو تجعله يتحرك بإيحاء منها جرياً مع الآخرين، وكما يقول المثل ((حشرٌ مع الناس عيد)).

عليك يا أخي العراقي أن تذهب لتشارك بوعي، لا أن تذهب بدون وعي، فإن ما تحصده على الأخير أسوأ بكثير مما تزرعه بالذهاب إلى صناديق الاقتراع واسع لتؤشر على الأشخاص الذين تفحصت عن شخصياتهم وتاريخهم وجدارتهم وقربهم منك، وابتعد عن التأشير على القائمة ككل، فإن صوتك قد يذهب إلى من تكون سنتك فيه سيئة.

وألزم مرشحك، بمراعاة حقوق الأمة والشعب بمراقبته على الدوام دعماً لموقفه الوطني، وردعاً لموقفه الشخصي إذا ما تقاطع مع الموقف الوطني.

ويكون ذلك من خلال إلزامه بفتح مكتب له في المحافظة نفسها، يديره يومان في الأسبوع على اقل تقدير يتواجد فيه ليستمع لعموم أبناء المحافظة وينصت لمشاكلهم، ويحاول بحكم منصبه قضاء حوائجهم وحل مشاكلهم.

واعلم أن الرائد لا يكذب أهله.. فاستمع لما أقول.

حيرتي عند رجعتي

في حياتنا الاجتماعية العديد من القصص والأحداث ما أن يفتح الإنسان ميله ومشاعره عليها لتبديد حيرته، ودفع حالة الشك عنه، تراه يثني عطفه، خائباً حسيراً رجع بمثل ما أتى به، فقد جاء بحيرة ورجع بأخرى بل اشد منها، فحينما يسأل شخص طبيب مثلاً عن طبيب ليراجعه من جهة كونه حاذقاً وبارعاً في تشخيص مرضه وإعطائه الوصفة الدوائية التي تعالج مرضه بسرعة فيعود إلى عافيته خلياً من كل داء.

ترى طبيبنا المسؤول، يجيبه استخفافاً أو تهكماً أو ضحكاً على الذقون، اذهب إلى الطبيب البارع والحاذق الخبير، فترى جوابه عين ما سأله السائل وأراد من وراء سؤاله دفع حالة الجهل والاستفهام عنده، بمن يراجع ولمن يعود.

وهكذا لو سألنا محامياً ومدافعاً عن حقوق المواطنين وحل مشاكلهم؛ يا أستاذنا: لمن نراجع في حسم قضيتنا وحل اشكالياتنا القانونية؟ فهل نجد من محام نوكله للترافع عنا ومتابعة قضيتنا قضائياً؟! فتراه يجيب بالرجوع إلى أذكى المحامين ومن يحسم القضية قانونياً بجهود يسيرة وبكلفة قليلة، فأرجعه إلى حيث بدأ سؤاله، وحيّرهُ أكثر مما حيّره نفس السؤال.

وهكذا عندما يسأل فقيه أو عالم، مولانا لمن نرجع في التقليد بلحاظ الأعلمية، والسؤال عن الأعلمية ومن هو الأعلم؟ فيجيبك ارجع إلى من تعتقد بأعلميته من الفقهاء فكانت دائرة الجواب هي غير دائرة السؤال.

نعم هنا قد يعتذر الفقيه بالجواب من جهة عدم أخلاقية الإشارة إلى نفسه فيما لو كان يعتقد بأعلمية نفسه، فيوكله إلى الغير ممن يقدر على التشخيص ويكون موضوعياً في الطرح، ممن حضر أبحاث الخارج عند محتلي الأعلمية أو قرأ ما لديهم من انتاجات في الشأن الاختصاصي للتقييم.

ولكن ثمة جواب قد يجمع بين الأمرين ويدفع حيرة السائل، مع خلطه بشيء من الفحص والتتبع لمعرفة ما يصدق عليه الوصف أو يمثله البيان عندما يرشد السائل بالرجوع إلى أوصاف عامة قابلة للفحص والتدقيق، ولها ما يصدق عليها خارجاً. كقول الإمام (عليه السلام) في المشهورة ((أما من الفقهاء ما كان صائناً لنفسه محافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه)).

عندما سئل عن من يرجع إليه في زمن الغيبة، وهنا أجاب (عليه السلام) بوضع ضوابط معينة على المكلف أن يبحث عنها ليجدها في من يدّع الفقاهة.

وهذا فيما لو أريد من السؤال تأسيس ضابطة معينة يستعين بها السائل وغيره ممن يخطر في باله عين السؤال أو تكون الحاجة هي الداعية إليه.

وأما فيما كان السؤال عن تشخيص ما هو المصداق من جهة عدم معرفة السائل أو ضعف تشخيصه أو قلة خبرته في تقييم الأشخاص أو اعتقاداً منه بصحة تشخيص المسؤول وضرورة الالتزام به، فالواجب هو تعيين المصداق أو إعطاء الضابطة القابلة للبحث والتفتيش عنه في دائرة المسؤول عنه.

ومثاله السؤال عن من ترشح، فالجواب ينبغي أن تكون بوضع ضوابط ترشد السائل وغيره للاهتداء إلى الطريق الصائب، لا أن تتركه في دائرة الحيرة.

عمومية القانون

 

من اللطافة الوطنية في عمل دوائر الدولة ومؤسساتها هو عمومية القانون الذي تريد تفعيله أو تنفيذه، وبقدر ما يكون ذلك عاماً يشمل الجميع بلا استثناء بقدر ما يكون عملها قوياً وثابتاً لا يتأثر بالتصريحات والتلويحات التي تأتي بحق من طالهم قانونها دون سواهم مع اشتراك غيرهم في هذا الإجراء، من المساءلة والعدالة أو النزاهة أو غيرهما.

ولكن طالما يكون التطبيق انتقائياً والدوافع متعددة بعيداً عن روح القانونية، وإجراءاته التنفيذية، فإن المؤسسة ستتعرض للاهتزاز والتشهير، وقد يصل الحال بعملها إلى التصفير، حينما تعجز بالتمام عن إقرار قراراتها وانجاز أعمالها.

ولا يكون ذلك إلا بضغوطات تأتي من هنا وهناك لإيقاف إجراءاتها أو تأجيل عرض ملفاتها، لسبب وآخر.

وعندما يصبح الإجراء المتخذ عاماً فإن الذين شملهم قانونها وانطبق عليهم لأدلة وثوابت مقبولة ومعقولة، تنقطع حجتهم وتخرس ألسنتهم طبقاً للمقولة الشعبية (إن المصيبة إذا عمّت هانت).

ومن جملة إجراءات اتخذها بعض تلك المؤسسات وأهمها هي المساءلة والعدالة والنزاهة، مع تداعياتها الإعلامية والسياسية وتظلم البعض أو تشفي الآخر، يبقى للمؤسسة أن تؤكد عدالة قضيتها وصحة إجراءاتها بتعميم تلك الإجراءات وأن يمتلك القائمون عليها شجاعة وطنية فائقة لفتح ملفات شائكة على الكثير ممن عاث في ارض العراق فساداً سابقاً أو تلاعب في المال العام حالياً وكأنه دولٌ عليه وأتباعه دون سواهم.

إذ بالشجاعة سوف يتخطى القانون مسافة المجاملات والمحسوبيات التي تحصل على حساب مصلحة البلد وحقوق الشعب، وإن التخطي للمسألة الأولى المثارة سيوفر حالة من التجاوز عن هذه المجاملات وستضع القائمين على رأس المسؤولية في هذه المؤسسات على الطريق الصحيح لخدمة بلدهم وناسهم. وإن كانوا سيواجهون في بداية الأمر بعض الضغوط من هنا أو هناك لكنها لا تعادل بما سيحققه القائم من مكاسب وطنية لأهله ومن مكاسب سياسية لشخصه، فإن مواقفه ستذكر على الدوام في حواريات الناس وجلساتهم وستنطبع عندهم صورة الرجل المخلص، والمسؤول الأمين، اللذيَن ضاعا في ظل فوضى عمت مؤسسات البلد في كل مناحي الحياة حتى أصبحت الأمور تدار على أسس معكوسة وضوابط مفقودة.

إن على هيئة المساءلة والعدالة أن تدقق في شخصيات المرشحين لأننا ومعظم أفراد الشعب يعرفون أن بعضهم كان من أزلام النظام السابق حزبية ولكن ارتمى بأحضان بعض الكتل والكيانات للاحتماء بها والاستقواء منها على تمشية أموره. وإن لم تسمح الفرصة لتدقيق حال البعض، فإن هيئة الانتخابات عليها أن تقرر بأن الفائز سيخضع لضوابط دقيقة اشد وتلغى نتائج من ثبت في حقه الانتماء للحزب المقبور – البعث.

وأن عليها أو على هيئة النزاهة أن تجري على المنوال السابق لتدقيق مالية كل مرشح. وأن تفتح تحقيقات بحق كثير من دوائر الدولة، وبدون حراجة أو مجاملة، ولعل ديوان الوقف الشيعي أكثر استحقاقاً لفتح سجل نزاهته، ويتبعها الهيئة العامة للحج.

وإنما اخص هذين بالذكر لما فيهما من جنبة دينية تقع في دائرة اختصاصنا، وأما الدوائر الأخرى فجنبتها سياسية أو إدارية من اختصاص الآخرين أو هم اقرب تشخيصاً منا بحالها، وان تحقيقاً يفتح لها أو لا يفتح.

وللتأييد على ما ذكرنا، فإن رئيس ديوان الوقف الشيعي تجاوز على الأصول المعمول بها من الخطابات الرسمية وعلى مقام المرجعية، المتمثلة بالفقيه المهندس قاسم الطائي عندما رفض الجواب تحريرياً على كتاب طلبات طلبة الحوزة – التي بلغت أكثر من ألف وخمسمائة طلب- الموجهة إليه وإن شفعوه بكتابٍ ثانٍ، قد ازداد فيه السيد جرأة عندما استنجد بقوات الأمن لمنع مقابلته. وقد اعترف في ضمن كلامه في لقاء الطلبة الأول بأن هناك موقوفات شيعية مخصصة لطلبة الحوزة، ولكنها – حسب دعواه- قليلة، وقد استثمرها وإن لم يف بما وعد الوفد المقابل له فانه سيأتي بالجواب رسمياً وتوصله بنفسه لمكتب الشيخ الفقيه.

وثانية الأثافي رئيس الهيئة العامة للحج فقد همش على كتاب وصله قبل أكثر من خمسين يوم بأنه لم يصله إلا متأخراً بعد أن حسم توزيع المقاعد على أحبابه ومريديه بلا رقيب ولا حسيب، فأي إنصاف حيث يبعث لبعض المكاتب مع ضعف نشاطها الاجتماعي الحوزوي أكثر من عشر مقاعد أو عشرين بل خمسين مقعداً، ويسدد بغضه وتهميشهم لبعض مكاتب ممن شهد المشهد العراقي بفاعليته ومتابعته لقضايا الناس والأمة فضلاً عن نشاطه الحوزوي المعروف.

فهل هذا إنصاف من يرتدون الزي الديني ويدعون أنهم من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)؟!

الجواب نحيله على هيئة النزاهة، وهيئة المساءلة.. وعليك بالنظر إلى صورة الكتابين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8

برامج انتخابية أم فوضى صورية

في اللعب الانتخابية هناك برامج انتخابية تقدمها الأحزاب السياسية، في حملتها الدعائية وتجند لها كل الوسائل التعريفية، لتقديمها إلى جمهور الناخبين عبر وسائل الإعلام بمختلف صورها، ومباشرتها لجمهورها علانية أو في لقاءات خاصة، وعبر رسائل من النشرات أو البيانات أو الخطابات، وقبل مدة غير يسيرة من موعد الانتخابات ليتسنى للناخب معرفته بشكل واضح وبالتالي سيتحرك في إعطاء صوته للبرنامج الأكثر توافقاً مع طموحه وأمنياته في صورة الحكومة المقبلة وسلوكها المطلوب.

وشيئاً من هذا القبيل لم يحصل في حملات المشاركين بالانتخابات ترشيحاً، فلا اثر لمشروع وطني وبرنامج سياسي واضح تتبناه إحدى الكتل أو الكيانات، وقد وظفت له بعض وسائل الإعلام المرئية أو المقرؤوة تطرحه أمام جمهور الناخبين، وتلتزم أمامهم بأنها في حال فوزها ستسعى بكل قدراتها إلى انجازه وأنها مستعدة لتحاسب نفسها عن تقصيرها في تنفيذه أو الاعتذار لجمهورها عن عدم إتمامه.

أو تغيير مسارها وبرنامجها فيما لو وصلت إلى السلطة نظراً لظروف وعواقب لم تكن بالحسبان عند وضعها البرنامج وهو ما يحصل غالباً، وإن كان يحمل في طياته قصور في قراءة حقيقة الأمر والظرف الذي يمر به البلد.

ولكن بقاءها على صورة عهدها التي عاهدت جمهورها عليه ضرورة يقتضيها العمل السياسي الصادق مع الناس ومع الظروف.

والأمر الأسوأ أن أفراد كتلة أو قائمة واحدة كل واحد منهم يعلن عن نفسه دعائياً بأن له برنامج، وعليه استحقاقات انتخابية سينجزها فيما لو وصل، ولا يعرف الجمهور أن هذا البرنامج للكتلة ككل أو لشخص هذا المرشح، وقد يكون لمرشح آخر برنامج يتقاطع مع الأول بدون ضابطة مشتركة وقراءة صحيحة لوضع البلد.

وما يمكن انجازه في المرحلة القادمة، وهذا الأمر تجده في صور المرشحين وملصقاتهم وهو يفسر لنا أن مجموعة المرشحين مضافاً إلى عدم امتلاك حزبهم برنامجاً واضحاً، أنهم غير مرتبطين به في مجال السلوك السياسي وإنهم يخوضون الانتخابات بدوافع شخصية ومن اجل مكاسب ذاتية، وأن المرشح لا هم له في هذا الوقت السابق لموعد الانتخابات إلا أن يستحوذ على مواقع حساسة في بعض الطرق والساحات وواجهات العمارات ليلصق اكبر عدد ممكن من صوره وبوستراته. فهي معركة التصور ومظاهر الاستعراض للمرشحين بدلاً من أن يكون مضماراً للتنافس السياسي النزيه والإرادة الحرة في تنفيذ برامج سياسية وإصلاحية واضحة المعالم عند الناس قبل وبعد الانتخاب.

إن الحقيقة التي تصرح عن نفسها وتعلن عنها بكل شجاعة وثبات أن الموجود في الشارع الآن مضمار للتسابق على إلصاق الصور المطعمة بعبارات استرضاء للناس الذين تركوا في ساحة العراق الكبير بلا رعاية وعناية إلى وقت قريب من الانتخابات حيث تتوجه إلى مواطنهم ومناطقهم شخصيات المرشحين مواعدين إياهم بأحلام وردية وحياة نعيمية، ولكنها من الأحلام، أحلام الانتخابات حتى إذا ما انتهت وأغلقت صناديق الاقتراع صحت النفوس عن تلكم الأحلام حسرة على ما فرطت في جنب مصالحها وانتخاب الخبرين من أهلها.

إن الأموال التي تصرف على الصور قد تتجاوز بعدة مرات لو وضعت الكيانات حملاتها الدعائية من خلال وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة مكتفية ببرامج توعوية لتعريف الناخب عن برامجها السياسية وأهدافها الإنسانية.

وبهذه الطريقة سيتعرف الناخب على شخصيات هذه الكتل وثقافاتهم ومقدار ما يمتلكون من قدرات خطابية وأساليب بيانية لإقناع الناخب الذي تتحرك مشاعره تلقاء من تجده أكفأ من غيره في هذه الأدوات التي لا تحركها الصور بالمطلق إلا بما تثير اشمئزازها وتدفعها للسخرية والاستهزاء بعد أن لدغت بالمرة السابقة وهي غير مستعدة للدغة أخرى في هذه الانتخابات.

(( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم))

الفتح قادم

أكد العراقيون ذو السلائق البسيطة والفطرة النظيفة التي لم يبتعد كثيراً عن مفاهيم أهل البيت(عليهم السلام)، أكدوا أنهم الشعب الأمثل لقيادة العالم في مستقبل الأيام، أن شاء الله تعالى فقد أرتقوا عن كل خصوصيات التفرقة والتشرذم التي عملت أيدي الظلمة وبكل جبروت قوتها وإمكانياتها الخرافية، أن تجعلها ملكة تلتصق بالعراقيين، بعد إن أخذت تفتح لهم أكثر من باب للتفرقة والتصادم، فتارة باسم الديمقراطية وأخرى باسم الطائفية، وثالثة باسم حقوق الإنسان، ورابعة باسم التبعية لبعض الجوار وخامسة بنبزهم بالصفوية، وهكذا فماذا وجدوا؟! غير رد فعل عفوية أصطف فيها العراقيون خلف العنوان الذي لا يمكن أن يختلفوا حوله أو يزاودوا عليه، أو يخسروا صفقة الانتماء اليه، لأنه عنوان الفتح الحسيني، عندما أصطف أكثر من (14) مليون عراقي في تظاهرة أخلاقية، اجتماعية، سياسية، دينية، لم يشهد لها تاريخ الإنسانية مثيلاً، حتى اصطكت أسنان المحللين اليهود في تحليل خطورتها على تنامي الوعي الديني للعراقيين، وأن البعثيين والعلمانيين هم الأقدر على مواجهتها.

وقد غفل هؤلاء المحللون كما غيرهم على غفلة من الأمر أن العراقيين متدينون وبأفضل صور الدين التزاماً الا أن ظروفاً استثنائية وحسابات دولية، وأخرى عالمية تبعثر عليهم شعور الإيمان وحلاوة التدين فتتعثر حركتهم الدينية، وتتذبذب التزاماتهم، وقد يكون لانفتاح الدنيا على البعض سبباً آخر في هذا التبعثر، ولكن ما أن يعود المحرم وأربعين الإمام الحسين(عليه السلام) حتى يذوب تبعثرهم ويستنفر التزامهم في انضباط ديني لم يشهد له التأريخ مثيلاً له، وسيزيد صورة مليونية،و التزاماً أخلاقياً ودينياً، قد التمس الجميع ثماره وأثاره في هذه الزيارة ولما لم يجد أعداء الشعب والإنسانية مخرجاً في مواجهة هذا المشهد بعد أن أطلقوا ألسنة البعض ممن يتصف بالتشيع بعد أن عجز غيرهم في تغيير مجرى الالتفاف الإنساني حول الحسين(عليه السلام)، والارتباط به عقائدياً واجتماعياً.

راحت قوى الشر والظلام بعمليات إرهابية إجرامية أمام مرأى العالم المتمدن –عفواً- المتخلف الذي لم يدرك إلى هذه اللحظة مدى علاقة العراقيين الاصلاء العرب بالإمام الحسين (عليه السلام) وبمبادئه وقيمه وأنه على استعداد دائم في ترخيص كل شيء من أجل الحفاظ على شعائر الارتباط به والانتماء اليه والاعتقاد بإمامته، وأهل بيته (عليهم السلام).

فماذا وجدوا؟! مرة أخرى

غير الاستمرار بالمسيرة والتسابق لنيل شرف الشهادة والالتحاق بركب الإمام الحسين(عليه السلام) الذي صنع أبطال التأريخ، وعزز قيم الشهادة والتضحية.

وإذا كنا نعجب من تدافع المؤمنين في السنين الغابرة من تقديم الأيدي لتقطع كأجر لزيارة الإمام (عليه السلام) فان شعبنا اليوم مستعد وعلى أعلى مستويات الاستعداد ليقدم التضحية بالأجساد تفجيراً وبالنفوس قتلاً وبلا مقابل حتى بلا أشلاء فإننا سنضحي بها كرامة للحسين، ومخالطة لدمنا بدمه الطاهر لتستمر ملحمة كربلاء على طول التأريخ الإنساني إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

هنيئاً للذين سقطوا الشهادة وحسرة على نفوسنا أننا لم نحظ بها إلى الآن.

وستكون الحسرة متنامية ومتصاعدة إلى أن يكرمنا الله بالشهادة، فإننا على مقالة الإمام الحسين (عليه السلام) كرامتنا من الله الشهادة، وان القتل لنا عادة،وهو فعلاً عادة لشعب العراق الذي يستهدف يومياً وبأبشع الأساليب وحشية وخسة، والعالم المتبجح بمقولة حقوق الإنسان، صامت، لان القضية الحسينية هي الآن أكثر خطراً يتهدده، حتى من الإرهاب نفسه.

أن قراءتنا لملحمة الزيارة الأربعينية انها تجسيد حي لما لم يستطع النظام الماركسي انجازه بكل تنظيراته وأنظمته وبطشه ووحشيته، عندما اعتبر الشيوعية المرحلة النهائية للعالم وأنها تأتي بعد مرحلة الاشتراكية وقد اثبت التاريخ فشل وسقوط مرحلته الأولى قبل ان يلمس المرحلة الثانية أو يصل إلى حافتها.

وهاهي الزيارة تجسدها حية نابضة بالحركة والحياة، عندما اصطف كل العراقيين الا من خسر خطه وباع عراقيته، وحدة شعبيه واحدة لا تعرف لتمايز طبقي فيها من أثر فالرئيس كالرؤوس والغني والفقير واحد، والغذاء مبذول من الجميع والى الجميع، والتسابق في تقديم الخدمة سمة الكل والتفنن في العطاء صورة الكرم العربي العراقي الذي لا نجد لمثله مكاناً في الأرض.

وهاهي الوحدة الوطنية بلا تضميد مصالحة ينادي بها من ليس مقتنعاً بها، ولا من أهلها، وإنما هو من يتخذها لعبة سياسية، وطرقاً احتيالية لنيل مكاسبه وتمرير مخططات من يقف خلفه داعماً ومؤيداً.

ولو أصطف الآخرون من أبناء العراق البررة لكانت أكبر صفعة يوجهها شعبنا لكل المتآمرين عليه من داخليين وخارجيين لضرب وحدته الوطنية.

وأننا ندعو الجميع كما دعوناهم بالأمس إلى ضرورة المشاركة فيها والاغتراف من مائها الإنساني والوطني الصافي، ولا زالت الفرصة للالتحاق بركب الشعب العراقي في الزيارة متوفرة للجميع، بل لما هو خارج العراق من العراقيين وغيرهم، ومن العرب وآخرين بل ومن غير المسلمين، فإنها مدرسة العقل الإنساني لإفاضة القيم الوطنية على النفوس المظلمة.

كما انها ملحمة ومدرسة الأخلاق العملية بلا حاجة إلى مدرس أو متمرس، فأن الفعل الأخلاقي أكثر دلالة وتأثيراً من القول الكلامي الذي لا يدخل إلى القلب ما لم يخرج من القلب وفي ملحمة الأخلاق العملية تتجسد التحية وإفشاء السلام، وانفتاح القلوب على الخير وإنقبار البغض والحقد والحسد والشر بكل صوره وألوانه إذ لا موضع للشيطان في نفوس المشاركين، وانحفاظ الحرمات، وغض الأبصار عن المحرمات، واحترام الكبار، وتقدير الصغار، وحالات الإيثار متفشية في النفوس، وصور الكرم تتسابق إلى التألق من دون التمييز بين فقير وغني، فالكل في ميدان السباق يتبادرون.

فهل شاهدت مشهداً إنسانيا لم يكن للشيطان فيه موضعاً في النفوس، ولا النفس الأمارة تأثيراً في الخبث غير مشهد الارتباط بالحسين (عليه السلام).

أننا لو قسمنا بالأيمان المغلظة أن السماء شاركت العراقيين في هذه الملحمة لم نكن بمجانبين للحقيقة، ولكنه أحساس يجده من شارك المسيرة وعاش حلاوة الفتح.

أن على العالم أن يتعلم من الشعب العراقي حزمة القيم المكرسة في زيارة الأربعين وأن يفتح معاهد للدراسات التخصصية في بلدانه لدراسة هذه التظاهرة والاستفادة منها لحل أكثر المشاكل تعقيداً في الأرض، وهي مشكلة الغذاء التي تعاني منها أكثر دول الأرض، بسبب استغلال الكبار خيرات الأرض نهباً واستثماراً وسيجد العالم بكل ما يمكن أن نأكده اعتقاداً.

أن فوائد جمة وحلول قيمة سيخرجها من هذه الدراسات، والفائدة الأكثر لو جاهد نفسه وشارك فيها عملياً، قبل أن يأتي اليوم الذي سيضطر العالم للمشاركة فيها، ولكن الفائدة أقل مما لو شارك طواعية وبتمام اختياره ورغبته لا أن تلجئه الحالة إلى المشاركة.

وفي هذه اللحظات العظيمة حيث نسأل المولى أن يديم بركة هذه الزيارة ، وأن يتغمد الشهداء بواسع رحمته وان يحشرهم مع الحسين (عليه السلام)وأصحابه الميامين بعد أن خلط دمهم بدمائهم، كما اشتركت أجسادهم بأجسادهم تقطيعاً.

أننا أيضاً ندعو المسؤولين لعمل تماثيل تذكاريه لمواقع التفجيرات التي استهدفت زوار الحسين(عليه السلام) ليبقى شاهد صدق على عظمة الشعب العراقي وخساسة أعدائه وتبقى تعزز الوعي الشعبي بضرورة التضحية في سبيل مبادئ الحق والعدل.

وإذا لم تتفاعل السلطات مع هذا العمل التذكاري فأننا على استعداد لمشاركة أهالي الشهداء فيما لو قاموا بهذا العمل التذكاري تقديراً واعتزازاً بشهدائهم شهداء المسيرة الحسينية.

الاستفتاءات

سماحة الشيخ الأستاذ الفقيه قاسم الطائي (حفظه الله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد ان ثبت عندنا صناعة الجيلاتين – ومن خلال اقراص مصورة- من جلود الخنازير مع دخوله في اكثر المواد وخصوصاً المواد المشفرة بالحرف (e ) والتي تجاور عادة عبارات علمية خدّاعة مثلاً: ليثين الصويا، زيت بذور اللفت، النخيل وبذور الكتان، حليب، مكونات نباتية. والتي تدل على احتواء المنتج على دهون الخنزير، نعرضها على سماحتكم لبيان رأي الشارع المقدس فيها؟

يقول الدكتور امجد خان: كان احد الأصدقاء يعمل في منطقة بفرنسا (بيغال قسم الأغذية) وذلك في قسم الغذاء، وعمله يتطلب أن يقوم بتسجيل كافة الأدوية والسلع والأطعمة، فإذا قامت أي شركة بإنتاج سلعة معينة يجب أن تُصدّق من قبل قسم الأغذية وهذا الصديق يعمل في قسم مختبر جودة الأغذية، وبالتالي من الواجب عليه أن يقوم بفحص كافة المنتجات ومحتوياتها. بعض مكونات تلك الأغذية كانت عبارة عن أسماء علمية بحتة، ولكن البعض الآخر منها كان عبارة عن أرقام، وعندما سأل صديقي عن السر في تلك الأرقام للمسؤول رد عليه قم بواجبك فقط وبدون أي أسئلة!!. أثارت هذه الإجابة الشك في ذهن صديقي وقام بالبحث في الملفات والتحري عن أسباب وطريقة التسمية التي تشكلت بأرقام فقط وما اكتشفه كان كافياً لإدهاش جميع المسلمين في العالم، أن في معظم البلدان الغربية الخيار الأساسي للحوم هو لحم الخنزير حيث توجد العديد من المزارع لتربية الخنازير وتوليدها، ففي فرنسا لوحدها توجد أكثر من (42000) مزرعة للخنازير والأسباب أن الخنازير توجد بها كمية عالية من الدهون فأين تذهب هذه الكمية الهائلة من الدهون إذاً؟ لقد فكروا في استعماله والاستفادة منه ولكن ليس لهم لكن لغيرهم!

أولا: جربوا في إنتاج الصابون منه، ولقد نجحت التجربة.

ثانياً: قاموا بإنشاء شبكات تجارية دولية لمعالجة هذه الدهون كيميائياً، فتم التصنيع والتعليب والبيع! وقامت شركات التصنيع الأخرى بشراء هذه المنتجات، وقامت العديد من الشركات الأوربية بإدخال هذه الدهون بالعديد من مكوناتها الأساسية الطبية والصحية ومواد التنظيف والغذائية وبذلك أدخلت هذه المكونات التي تحتوي على دهون لحم الخنزير على أنها تحتوي فعلاً على تلك الدهون في أوروبا ولكن ظهرت مشكلة عندما أرادوا تسويق هذه المنتجات الصحية والغذائية وغيرها والتي تحتوي على دهون الخنزير في البلاد الإسلامية، حيث أن الخنازير ومشتقاتها ممنوعة من الدخول إلى تلك البلاد تحت أي مسمى بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد أدى منع تسويق هذه المنتجات من الدخول إلى البلاد الإسلامية إلى عجز تجاري!

فتم تغيير الخطة! واستبدلوا عبارة دهون الخنزير إلى تسمية أخرى وهي (دهون××××ات) عبارة عن أبقار ومواشي وعندما استفسرت السلطات الإسلامية عن طريقة الذبح حرام اكتشفوا بأن ال (×××××ات) ليست مذبوحة وفقاً للشريعة الإسلامية فتم المنع مرة أخرى! مما أدى أيضا إلى عجز بمقدار (75%) من بيع المنتجات إلى البلاد الإسلامية وهذا يعني خسارة للملايين من الدولارات نتيجة للعجز عن التسويق لهذه المنتجات في البلاد الإسلامية وأخيرا بدئوا بطريقة التشفير، فدائرة الأغذية فقط هي التي تعرف طريقة هذه الرموز والشفرات لكي يتم التعارف عليها ومعرفة مكونات الأغذية والتي تبدأ بحرف (e ) والتي تدخل في العديد من مكونات المنتجات التي تصل إلينا نحن المسلمون ومنها: معجون الأسنان، كريم الحلاقة ومعجون الحلاقة، الشكولاتة والحلويات، البسكويت، رقائق الذرة، الأكل المعلب، الفاكهة المعلبة، فضلاً عن العديد من الأدوية التي تشير مكوناتها بوجود فيتامينات متعددة.

(e214, e100, e110, e120, e140, e141, e153, e210, e213, e334, e335, e216, e234, e225, e270, e280, e325, e337, e422, e430, e431, e326, e327, e440, e432, e434, e435, e436, e336, e479, e472, e473, e474, e475, e476, e477, e478, e631, e635, e482, e483, e491, e492, e493, e481, e904, e494, e495, e542, e570 )

وهناك مواد تسبب الألم للمعدة وهي: (e226, e224, e223, e211, e221 )

مواد خطرة ومحرمة في أمريكا وبريطانيا: (e127, e124, e123, e120, e110, e102 )

مواد تسبب ارتفاع ضغط الدم: (e320, e321, e250, e251, e252 )

مواد ممنوعة دولياً:

(e105, e111, e217, e239, e330, e121, e125, e126, e127, e130, e152, e181, e211, e213, e212, e214, e215, e103, e105 )

مواد تسبب السرطان:

(e142, e210, e211, e212, e213, e214, e239, e251, e330, e311, e102, e123, e124, e131, e215, e217, e220 )

مواد تسبب اضطراب معوي: (e221, e223, e224, e226 )

مواد تسبب طفح جلدي: (e230, e231, e232, e233, e312 )

مواد تزيد نسبة الكولسترول: (e320, e312, e463, e464, e466 )

مواد تسبب اضطراب الهضم:

(e339, e340, e341, e407, e450, e461, e462, e463, e465, e466, e330 )

مواد تسبب مشاكل للبشرة: (e250, e231, e232, e233, e311, e312 )

مواد تدمر فيتامين (ب 12): (e220 )

حسين الزيادي

7- ربيع الأول-1431

بسمه تعالى: قال تعالى ((وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء)) النساء89، ومن المعروف عند المسلمين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم بأن القرآن يجري مجرى الشمس والقمر وأن الآية ثابتة المدلول وإنها غير منسوخة إلا مع القطع والجزم، وعلى هذا فإن ما يقوم به الغرب من احتيالات أخلاقية ولا قيمة للأخلاق عندهم عندما يتعلق الأمر بمصالحهم المادية التي قيمتها الاعتبارية عندهم أعلى من قيمة الإنسان غير الغربي ولذا ما يضرهم ولا ينفعهم، يحتالون بتصديره للمسلمين تحت عناوين رمزية لإخفاء حقيقته المرفوضة عند المسلمين.

وبذلك تستنزف مليارات الدولارات من العالم الإسلامي اعواضاً لمواد محرمة من الناحية الشرعية، مع ما فيها من آثار مدمرة لأخلاق المسلمين وتدمير فطرتهم السليمة التي تتلوث ما أن تأكل الحرام وإن لم تعلم به، وما يستغربه المعظم من قساوة القلوب ودناءة النفوس وانحلال الأخلاق وضياع الأعراف وفقدان الغيرة، وانتشار الرذيلة بسبب تلوث النفوس من تناول المحرمات وإن لم تعرف، وكان المكلف معذوراً في تناولها مع الجهل، ولكنه يجهل آثارها التكوينية المدمرة على روحه ونفسه، كالذي يُقدم على الشراب وهو مسموم ولكنه لا يعلم السم فيه فهو إن لم يرتكب محرماً ولكن سيموت لا محالة لأن الأثر التكويني لمادة السم هو قتل البدن، ومثله المحرمات فهي تقتل الروح وتسود القلب.

ومن هنا فإننا نحرم استعمال هذه المواد احتياطياً وننصح أبنائنا وإخواننا بعدم تناولها وعلى التجار الامتناع عن استيرادها وعلى الحكومة مراقبة ذلك والتشديد عليه.

{وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}

قاسم الطائي