You are currently viewing نشرة النهج  العدد 70

نشرة النهج العدد 70

العدل في الحياة الاقتصادية

من المميزات البارزة للنظام الإسلامي بشكل عام ولدولة الإمام المهدي عجل الله فرجه بشكل خاص صفة العدل في الحياة الاقتصادية والمالية، فالثروة تقسم بصورة عادلة ومتساوية بين الناس، وكل فرد يتناول من نصيبه المحدد له ويتصرف به.

وهذا ما نفخر به أمام كل الديانات والاطروحات في العالم لأن الشريعة الإسلامية الحقة هي الشريعة الوحيدة التي تؤكد على العدل في كل تفاصيل الحياة وأبعادها كالعدل في البعد الثقافي والبعد السياسي والبعد القضائي والبعد الاجتماعي والبعد الاقتصادي.. الخ.

ومن هذا المنطلق الذي نؤكد فيه على العدل في الجانب الاقتصادي ونحن نعيش بناء دولة إسلامية حديثة في العراق تدعي أنها تحمل قيم الإسلام والسلام بحسب النظرية، ولكننا على مستوى التطبيق لا نرى آثار واضحة للعدل بكل مستوياته وخصوصاً الاقتصادي منها، فهل هناك عدل في توزيع الأموال من قبل الدولة ومن قبل الوقف الشيعي على سبيل المثال لا الحصر بل الأنكى من ذلك أن هذا الداء وصل إلى أهم مؤسسة تحمل اسم الإسلام والدفاع عن حوزته وهي الحوزة العلمية حفظها الله من شر الأشرار وكيد الفجار؟ فأين العدل الاقتصادي الذي نُنّظر ونكتب عنه كثيراً ولا تجد كتاباً أو أطروحة تتكلم عن الإسلام وعن الإمام المهدي عجل الله فرجه إلا وتطرقت لهذا الجانب المهم والخطير والذي يعتبر عصب الحياة، فهل هو مجرد كلام وترف فكري وتشدق بالمصطلحات أم هو مجرد خيال وحلم نعيش على انتظاره وتقع مسؤوليته على عاتق الإمام المهدي عجل الله فرجه فقط، وكأننا بمنأى عن هذا التطبيق ولا تقع مسؤوليته في أعناق الكل كي نساهم بالإعداد الحقيقي على مستوى النظرية والتطبيق لدولة العدل الإلهي ونكون من الممهدين لهذه الدولة ومن مقوية أركانها.

ولنتدبر ونتأمل في الروايات التي تتحدث عن العدل الاقتصادي في دولة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف لنجعلها دستوراً حقيقياً نستنير به، فقد ورد انه عليه السلام (.. ويقسم المال صحاحاً) أو (.. ويقسم المال بالسوية)، ففي رواية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: (أبشركم بالمهدي.. يقسم المال صحاحاً، فقال رجل: ما صحاحاً؟ قال صلى الله عليه وآله: بالسوية بين الناس)، وعن أبي جعفر عليه السلام انه قال: (إذا قام قائمنا قسم بالسوية وعدل في الرعية.. يجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم فيه ما حرم الله، فيعطي شيئاً لم يعطه احد كان قبله).

وعن الإمام الصادق عن أبيه عليهما السلام انه قال: (إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع) والقطائع جمع قطيعة، وهي ما يقطع من الأرض الخراج من قبل السلاطين تؤخذ من أيدي الناس تعطى لواحد يسكنها ويعمرها.

كان هذا بعض مما روي في ما يخص العدل في الحياة الاقتصادية للمجتمع الإسلامي، فالثروة للناس جميعهم، والحياة والرفاهية لهم جميعاً، وهذا لم ولن يتحقق إلا في عصر الإمام المهدي روحي له الفداء، وفي أكمل صورة.

ومن الجدير بالذكر إن الثروة التي تقسم بين الناس في عصره عجل الله فرجه ليست من الثروة الخاصة تؤخذ من أصحابها وتعطى لعامة الناس لا ليس كذلك، فالإسلام لا يلغي الملكية الخاصة بل يمنحها الصيانة القانونية، حيث جعل حرمة أموال الناس كحرمة دمائهم، ولا يجيز اخذ مال الناس ولا التصرف فيه بغير طيب نفوسهم ورضاهم. وليس من المعقول أن الإمام عليه السلام يفرض على بعض الناس أن يأتوا له بأموالهم لأجل تقسيمها على باقي الناس هكذا، فلهذا الفرض نتائج فاسدة كثيرة، فخلال عشرات السنين، لم تنجح الشيوعية في العالم في تحقيق شعارها في إلغاء الملكية الخاصة وإنشاء الاشتراكية وملكية الدولة، فمنيت بالفشل الذريع في أواخر القرن العشرين، وتلاشى المعسكر الاشتراكي.

فالمقصود من الأموال التي تقسم بالسوية بين أفراد المجتمع إنما هي الأموال العامة من معادن وكنوز ومال الزكاة والخمس و.. الخ، والتي تشكل بيت مال المسلمين، وتكون تحت نفوذ الإمام المهدي عجل الله فرجه، إلا انه مهما كان توزيع الثروة واسعاً وشاملاً، لا تنفذ أموال بيت المال، بل سيكون فائضاً دوماً بالأموال العامة، حيث تصبح كنوز الأرض ومناجمها جميعاً تحت تصرف الإمام عليه السلام.

فهلا استفادت حكومتنا الموقرة من المليارات التي تأتي عن طريق المراقد المقدسة لكن أين تذهب وفي أي جيب تقع، نتركه لفطنة القارئ اللبيب.

وسيقسم الإمام عجل الله فرجه الشريف الأموال بالتساوي بين الناس، وهذا لا يعني أن الكل يأخذ بقدر واحد في كل ما يعطي، بل أن المساواة تكون في غير الأجور والجعائل التي تعطى على حسب التخصص والسعي والمهارة في ميادين العمل المختلفة، وإلا فلو كان الكل يأخذ من الأجور بمقدار واحد فستخبو الهمم للعمل، ولا يرغب الناس في المثابرة والجد، بل إن ذلك يعد ظلماً وجوراً وليس من باب العدل، فلكل حسب ما يحسنه من عمل وتخصص.

فالأموال العامة إذاً هي التي تقسم بالسوية بين الناس، وهنا نشير إلى مسألة، وهي عندما تكون الثروات العامة محدودة، فالالتزام بالقسط والعدل يلزم الدولة بأسلوب توزيع آخر يكون بموجبه العطاء للمناطق الفقيرة أكثر وأسرع من باقي المناطق في المجتمع، لكنه مع الفرض بأن الأموال العامة في عصر الإمام المهدي ستكون تحت تصرفه ولا تكون محدودة بل هي متوافرة ومتنامية، لذا سيكون توزيع الثروة بصورة متساوية للجميع أمراً مقبولاً.

وفي بعض الروايات ورد:(.. يملأ الأرض عدلاً، يفيض المال فيضاً). فالأموال في عصره تزداد ولا تنقص، ولا نفاذ لها فلا وجه للاحتراز من قلة الثروة وتقسيمها حسب الأولويات وللحديث تتمة.

حسين الزيادي

 

قصة قصيرة

حنيحن

اسم يستلطفه العراقيون وربما لا يدركون السبب في هذا الاستلطاف، فقد يكون من ناحية تضمن هذا الاسم شيئاً من الحنان، وحاجتنا إلى الحنان وجدانية. وقد تكون من ناحية التنحنح المتضمن إشعار المقابل بقدوم المتنحنح ليأخذ في استقباله والترحيب به على أحسن ما يكون. ومع ذلك فهو لا يخلو من سالبة من ناحية ثالثة لتضمنه معنى التنحي، أي الطرد والإبعاد، والأقرب إلى ذوق أهل العرف من العراقيين هو الأول منضماً إلى الثالث؛ فهو حنيحن من اجل أن ينحّي غيره ويطردهم عن سعيه.

ومن هنا فهو على الدوام هادئ الروع، ساكن الكلمة، ثقيل الفعل، يربض على قلوب الآخرين كسباً لودهم بداعي التحنن لهم، والتغرير بتقديرهم، وإذا طُلب لملمه فهو على هدوئه، رابضاً على سعي واندفاع الآخرين.

ومنه نعرف السبب في تنحيه الآخرين لدخول الحاء  في إطار الكلمة ولولاها لكان حنين، وهذه اللفظة تعطي حزمة من الحنان للآخرين، ولكن من دون تنحيهم وقتل اندفاعهم كما يفعل لفظ حنيحن.

وعلى هذا يمكن إطلاق القاعدة التالية إذا كان المضمون على ما هو ممكن أن يطلق عليه أو يبرز له اسم حنيحن، وإذا كان اللفظ على هذه الصورة فهو متضمن المعنى المذكور، وحيث يكون اللفظ إبراز للمعنى والمضمون فالأصل هو المضمون، ويبقى اللفظ مبرزاً له، والنتيجة انه يمكن إطلاق اللفظ لكل من يتضمن هذا المضمون وإن لم يكن اسمه حنيحن.

وتذكرني هذه اللفظة بقصة لطيفة كانت ترويها لنا أيام الطفولة والصبا إحدى قريباتنا تغمدها الله برحمته، وهي في قصصها التي نأنس لسماعها ونفرح لسردها نستخدم ألفاظاً من قبيل: حلبوص، حنيحن، مسعدة، وكاعد حظها..الخ. وما بقي من صفحة ذهني ومن أوراق ذاكرتي القديمة من هذه القصص قصة حنيحن وفيها عبرة لم استوعبها إلا مؤخراً بعد مرور أكثر من عشرين سنة على سماعي للقصة.

أنها تستعمل هذه الألفاظ للصغار وقصار الحجم والقامة لا مطلق الصغار بل لخصوص من يحمل شيطنة أو يُحمل شيطنة أو يتصف بالبلادة، والقصير الذي لا يرغب إلا أن يكون طويلا عندما توحي إليه نفسه بأنه أطول من غيره.

المهم إن حنيحن كان فقيراً ومعدماً ويستعطف غيره رغيف الخبز حتى وصل إلى سن الزواج والإنجاب فهو يقف على بيوت الآخرين ملتمساً قراهم وقد يبكي إذا لم يصل إليه شيء من موائدهم ونقودهم وهو يمني نفسه الصبر ويحثها على الكسب، وفجأة اختفى حنيحن، وأضل الطريق، فالتقطته حيتان الأرض، وبدلاً من أكله اكّلوه وهيئوه لغاية في أنفسهم وحاجة في سعيهم، وقد وصل سعيهم النجاح وعملهم التفوق، فكبر حجمه وسما نجمه، وبرز اسمه، وقد واجه أبطالاً قد أكلتهم المنية أو خذلتهم الرعية، وابتلعهم السلطان، ولكنه على هدوئه وتحنحنه تاركاً لهم تنحية الآخرين من طريقه فاستعان بتنحنحه لكسب ود الآخرين واستظهر بتنحية حيتان الأرض منافسيه وحينما استقر له الحال واستفرد بالقرار، جاؤوا له بعجل سمين يأكل ما قدموه له وينهش فيهم أقرانه وذويه وقد قاموا له بفرح كبير ليعرفه فيه الصغير قبل الكبير، ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يطبلون له ويزمرون، حتى غدا وحيد دهره وفريد زمانه وهو مستغرب من وصوله إلى هذا الحال، ومنبهر بما آلت إليه الأمور، حيث اتسقت له وراح يصول ويجول.

وغفل أن ما يقدمون له هو سم بطيء يقتل كل شيء في طريقه ثم يبتلعه بعد حين، ثم مهدوا له طريق التواصل والاستمرار مع أقران له وأتراب، يغررون بهم العامة ويشيعون بأنهم وحدهم من لهم الكلمة الفصل والرأي الحتم.

وذات مرة ابتلع طوفان كبير القرية فأخذ يهلك نسلها ويخرب حرثها بدعوى التفتيش عن خطر موهوم، وقد هبت القرية عن بكرة أبيها تسأل حنيحن عن ماذا تفعل، فأغلق بابه، واعرض بجنابه عنهم قائلاً لهم: القرية قريتكم ولست منكم. فرجعوا يقلبون أيديهم أسفاً على قلوبهم الضعيفة ويقول لسان حالهم، أعطيناك الموالاة والطاعة واحترمنا قولك في الجماعة، وردتّنا من ساعة، حيرى لا نعرف ماذا نفعل وقريتنا تأكلها المجاعة.

وعندما استقر الطوفان، وسيطر على مواقع القرية، واحكم قبضته عليها، راح يخطط لإفساد أبناءها وتدمير ممتلكاتها، والضرب بقساوة لتمزيق وحدتها، فأبدع خدعة شيطانية حينما كسر وتد سرادقها، فانتفض بعض أبناءها يقتلون البعض الأخر، وهو في هدوئه بديع وعلى اتزانه ضليع قد استوعب الدرس فإن موقعه مع الطوفان مضمون ولا يهمه احترقت القرية أو تعافت، ذهب الطوفان أو يبقى، لأن المهم عنده تربعه على عرش العامة مستغلاً تنحنحه، وكاسباً ود الخاصة بحنانه.

ولما رأى أصحاب الطوفان إن اهتزازاً قد يحصل في القرية في أية لحظة، فتشوا لهم عن شركاء يديرون شأن القرية من خلالهم على أن لا ينسوا اخذ البركة من حنيحن، وأمل القرويون خيراً في وضعهم الجديد، وتركوا الفأس يحرث أرضهم لوحده، ويستعطي الجيران لرفده وقد فاتهم إن لم تكتف فستُذل وأية ذل والهرج والمرج يعم القرية، وحنيحن يقف ضاحكاً وقائلاً سنأكل ما تقدمون ولنا فيء قريتكم، وهنا توقفت قريبتنا العجوز رحمها الله وقد أخذها التعب والنعاس، وقالت في نهاية القصة أمر مخوف، وعندما تكبرون ستعرفون وإذا عرفتم فستسكنون، وإذا سكنتم فستتحيرون وإذا تحيرتم فستفسدون وإذا فسدتم فستحرمون.

 

سأقول لكم

سأقول لكم، أن ميزانية العراق وعلى تقدير بقاء صادرات النفط بهذا المستوى وعلى فرض عدم زيادة أسعار النفط العالمية، فأن موارد البلد من الصادرات النفطية سوف تستهلك معظمها إن لم يكن جميعها في رواتب السلطات الثلاثة والسلطات المحلية بعد ضم المقدار التصاعدي للمنتهية ولايتهم، فقد قدرنا فيما سبق إن القائمين على السلطة وقد استثنينا منطقة كردستان تستهلك (7) مليارات دولار سنوياً ناهيك عن الايفادات والضمانات الصحية، والخطوط المفتوحة للاتصالات، والسيارات الحكومية، ونثريات المكاتب.

ونحن الآن نملك ثلاث حكومات متقاعدة وحكومة صاعدة، وعلى هذا القياس بعد دورتين أو ثلاثة تصفر الخزينة الوطنية كرامة لعيون السياسيين، مع إن التقاعد المالي لهم غير قانوني ولا دستوري لان الموقع مكانة سياسية وليست وظيفة عملية ليستحق عليها التقاعد، ولو سلم فينبغي أن يمر عليه مقدار من السنين المطلوبة لصرف الراتب التقاعدي للموظف، وإن السنتين أو الأربعة لا تشكل أساساً قانونياً لصرف التقاعد لو تجاوزنا عقبة المهنة والوظيفية.

سأقول لكم، إذا أردت التعرف على مكانة شخص عند الله سبحانه، خصوصاً إذا كان من الخيرين والعلماء فابحث عنه في مرقده فإن وجدته مكتظاً بالزائرين، ومحتفاً بالمحبين والموالين فاعلم انه من أولياء الله سبحانه قد اختصه لنفسه بمقدار إخلاصه لربه وتفانيه في إطاعته، وتفعيل أحكامه، المعطلة منها بالخصوص، والاهم منها على الإطلاق هو حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ هو نوع دفاع عن الله سبحانه وعن رسوله صلى الله عليه وآله، فإذا ضم إلى هذا قوله تعالى، وهو اصدق القائلين {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} الرحمن60، عرفت كيف يحسن الله سبحانه لعبده إذا أحسن لنفسه، وبرحمته نسبه إلى الإحسان إليه سبحانه ولو بالفهم العرفي، والمرتكز عندنا بأن أحسِن إلى من أحسن إليك، وهو تعالى يطبقه على نفسه قبل إرادته تطبيق الغير له، فيحسن لأوليائه ما لا يتوقع غيره سبحانه.

وهذا مؤشر حسي ووجداني لتعرف قيمة رجال الدين ومراجع الأمة وستجد ذلك باعتبار ما قلناه آنفاً؛ وبعبارة عامية ((الذي يكاون لله يكاون الله له)) في حياته وبعد مماته، فهو حي بين أموات الحياة، وبنظرة بسيطة إلى مرقد سيدنا الشهيد مقارنة مع غيره شاهد صدق على ما أقول.

سأقول لكم، أن ثمرة النجاح والتطور في الحياة الاجتماعية هي التصافي بدل التحاسد، والتعاون بدل التشانج، والتآخي بدل التعادي، والألفة بدل الفرقة، والحب بدل البغض، والإحسان بدل الجحود والنكران، والإنصاف بدل التهميش والتضييق، والرحمة بدل الانتقام والنقمة، والتقدير بدل التحقير، والضيافة بدل الصرافة، والإصغاء بدل الإعماء، والتشجيع بدل التقشير، والتكريم بدل التغريم، والدعاء بدل الازدراء، والنصيحة بدل القطيعة، والتودد بدل التحدد، والتعاون بدل التهاون، والتشاور بدل التنافر، والنفقة بدل الشفقة، والمبرة بدل المعرة، والتزاور بدل التعاور، والرقة بدل الدقة، والنجدة بدل الردة، والابتسام بدل التبرم، والتسديد بدل التنديد، والمقاومة بدل المساومة، والتعضيد بدل التفنيد، وكل معروف بدل كل منكر.

 

نقمة أم نعمة

خدمة الكهرباء هي من أهم الخدمات التي تقدمها حكومات الدول لشعوبها، وهي ابسط خدمة من حيث التجهيز والتصنيع خصوصاً لبلدان تملك موارد مالية هائلة كالعراق الذي لا زال يعاني من نقص حاد في تجهيز الطاقة الكهربائية من جراء سياسات خاطئة وإدارات فاشلة لهذه الخدمة، وكأن سبع سنوات من ما يسمونه التحرير- وهو الاحتلال واقعاً- لم تكن سبع سنوات لأن الطاقة الكهربائية تراوح بمكانها من حيث ساعات التجهيز إن لم نقل تراجعت بعض الشيء عما كانت عليه فيما سبق.

وبالرغم من كل التعثر في هذا الاتجاه، نجد نوعاً من القناعة عند الشعب المسكين، وأنه قد رتب أمره وهيأ نفسه لهذه الحالة المستثناة عن شعوب الأرض، غنيها وفقيرها. وها هي الأردن لا تملك معشار موارد العراق ولم تنقطع عندها الكهرباء، فشعبنا قنوع ويرضى بالقليل وقد اُستُغلت طيبته إلى الحد الذي صار به مَعبراً لسياسات الجهلة والناس من هذا القطاع وغيره، ومن قناعاته فهو يعتبر هذا المقدار الميسور من الطاقة الكهربائية المجهزة نعمة تستدعي شكر المنعم-الله- عليها، وقد نظم شؤون حياته للاعتياد عليها وألفتها بعد أن لم يجد معيناً وناصراً عندما خرج في مظاهرات احتجاجية على سوء الخدمة فيها، وكان معظم المتظاهرين من أهل الجنوب، وانطلاقاً من البصرة بالذات، وكيف لا؟ وهي المحافظة التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبانية التي لقنت طواغيت البعث من صدام ومريديه درساً لم ينسوه ولن ينساه تاريخ العراق المعاصر.

نحن نعتقد أن ملف الإعمار ومنه ملف الكهرباء لا زال بيد الأمريكان، وقد أثبتت تجارب السنين السبع استخدام الكهرباء من قبلهم كوسيلة ضغط وتأديب للمواطنين عندما تحدث مواجهات مع هذه القوات، والدرس هو الدرس السابق للنظام المقبور.

والمشكلة انه لم ينبس احد من المسؤولين بكلمة لإيضاح أمر الكهرباء للعراقيين الذي خرجوا بمظاهرات سلمية كأي شعب متحضر يطالب بحقوقه المشروعة وفق الأسس والضوابط التي يكفلها الدستور، ولكن حتى هذا المقدار قد استكثر عليه من قبل من أوصلهم إلى مواقع سياسية وإدارية عالية وقد خاب ظنه بهم وندب حظه العاثر في أن يكون كبقية شعوب الأرض.

وهذا المقدار من النعمة قد استكثروه عليه فأبدعت قوى الفكر لدى الإخوة المسؤولين، قراراً خدمياً بارعاً برفع سعر الوحدات الكهربائية بداعي تنبيه المواطن على ترشيد الطاقة، وقد نسى المشرع البارع أن هذه الدعوى فرع وجود الطاقة، وأين هي هذه الطاقة التي تراد من المواطن ترشيدها؟ إن مثل شعبنا المسكين كمثل الأحول الذي صبر عشر سنين ليُعمل له عملية ليرجع بصره إلى وضعه ولما عملها وحمد الله على إرجاع بصره إليه، وجد نفسه في حرج شديد وعار جديد ذلك بأنه كان في خلال العشر سنوات الماضية يذهب بالأشياء التي يتسوقها إلى جيرانه، وكانوا يحمدونه على معروفه وفعله الخير فانقلبت عنده نعمة البصر إلى نقمة السخرية والاستهزاء إن لم نقل لحقه عار الغفلة ومثار الشفقة من قبل الآخرين.

وحينما ترتفع الوحدات إلى رقم كبير قياساً بدخل المواطن المسكين الذي استنزف قسم كبير منه إلى بنزين مولدة، ومولدة شارع إن قدر على دفع تكاليفها، وقد يصل المجموع ببركة القرار الحكيم لوزير الكهرباء إلى ما يعادل دخل المواطن شهرياً.

انه قراراً مجحف بحق المواطن ولا يحمل مبررات موضوعية لسنّه وليس فيه بعداً إنسانياً للمواطن ولا يمثل روحية خدمة المواطن والسعي لتقديم أفضل الخدمات إليه.

إن قرار مثل هذا ينبغي سنّه حينما تتحسن الطاقة ويستمر التجهيز ويرى المصمم ان سنة الاستهلاك قد فاقت معامل الأمان الذي وضعه عند تصميمه الشبكة وما توفره من طاقة بحسب الاستهلاك الاعتيادي للمواطن، أما وأن الكهرباء معدومة تقريباً في ساعات الصيف المحرق لا تسمن ولا تبرد ماءً ولا تحفظ غذاءً، فأمر مؤسف.

وقد سمعنا بعض المسؤولين يستكثرون على العراقيين التمتع بوسائل الحياة العصرية من المكيفات الهوائية والتي لم يعرفوا حتى اسمها فيما سبق، وقد استخفوا بهم وبأحقيتهم في العيش الكريم فقد تلسن بعضهم قائلاً إنه ممكن لعائلة كبيرة أن تجلس في غرفة ويكيفها مبردة صغيرة، وأنا متأكد بأن هذا القائل لا يكفيه (سبلت) إلا ما يسمونه الكنتوري الذي يرجعه إلى الشتاء البارد وأنت في صيف العراق القائض.

أما من مخافة الله، أما من خجل من الناس، أما من غيرة على شعبكم، أما من همة لتحسين صوركم، وقد اتخذتم الشعب معبراً لمواقعكم وما أن وصلتم إلى مبتغاكم فقد خلفتم الشعب وراء ظهوركم مستهزئين به.

ألستم مسلمين وترددون حب لأخيك ما تحبه لنفسك، أم إنكم قلبتم الحديث إلى حب نفسك ما لا تحبه لغيرك، أم إنكم حين وصولكم إلى مكاسب عظيمة من المال والجاه، قلتم ما قاله السابقون (اذهب وربك) واندب حظك إننا هاهنا متنعمون.

إن إعادة عافية العراق بحاجة إلى كفاءات عملية وعلمية لها من الخبرات في مجال اختصاصها عشرات السنين، لأننا بصدد بناء دولة من الأساس، ومن لا يملكون الخبرة والكفاءة فهم عالة على المجتمع وبناء الدولة ويستحسن إزالتهم وتنحيتهم عن مواقع السلطة وبناء البلد.

 

رسالة طبيب

وجه طبيب الروح كلماته الى طبيب البدن، قائلاً له: وفق الله من عمّر أبدان خلقه وزرع في نفوسهم الفرحة وعلى وجوههم البشرى حين يضع يده على دائهم ملتمساً من رحمة ربه رحمة يطبب بها أعضاء وأبدان مرضاه.

وهو في هذا منصور مبرور قد دعا له الخلق بالتوفيق وفتح الله له أبواب مغفرته ورحمته وأتم النعمة على يديه ليعيش موفور الراحة، ومأنوس الجانب في بيته وعيادته، قد ساعد الناس بمعاملته وكسب قلوبهم برأفته ومداراته.

وفي كل ذلك هو لا يخاف فوت المال الحلال والرزق المدّار، يعطيه المريض بنَفسٍ طيبة، وكلمة جميلة، ودعوة مقبولة، وسمعة مشكورة.

أما من جحد النصيحة وخالف الوظيفة وكان همه جيب المريض وانتهاز فرصة استنزافه، فيدفعه طمعه الى تأجيل علاجه بالمستشفيات الحكومية الى أخرى خاصة، فقد خان الوظيفة واندفع إلى محرم الكسب واحتجاب الرزق فإن المعصية عقبة أمام نزوله إليه، وعائق عن حصولها وما أخذ من هذا الطريق قد يذهب إليه، وإذا ازداد توقاً إلى جمع المال تقسّى قلبه وأضاع خطه من الرحمة إلى النقمة ومن الشفاء إلى الشقاء كل ذلك لدراهم معدودة ستأخذ منك عاجلاً أم آجلاً، وستلقى تبعاتها حين الموت وسؤال منكر ونكير.

أخواني الأطباء نناشدكم رحمة بالمواطن وعطفاً على المساكين، ومراعاة جانب الفقير، وإن الهدف هو العلاج دون المال، فلا يؤخر علاج لأجل الدفع فأن المريض إذا مات فقد يتحمل الطبيب مسؤولية ذلك أمام الله والتاريخ وإن كان القانون الوضعي لا يحاسبه لأنه ينظر بعين الأعور الذي يرى مصلحة الطبيب على حساب مصلحة المريض.

أعلموا أن من طلب الدنيا خسرها والآخرة ومن طلب الآخرة ضمنها والدنيا فتأتيه فاتحة أذرعها له بكل خير وبركة قائلة له لبيك رحيم المساكين.

 

إني وجدت

إن الناس تتحرك بإيحاء الإعلام، حقاً كان أم باطلاً، فإنهم يضعفون أمام الهالة الإعلامية وتلبيسها الأمر على العامة، وتوجيهها الرأي العام وفق حسابات خاصة قد لا تخضع في معظمها لمعايير أخلاقية أو إمكانيات نفسية، أو أرصدة علمية أو سجلات تاريخية، ووجدت أن هذا الإعلام تقوده أيدي خفية تريد السيطرة على توجهات الناس بما يحقق مصالحها ويهيئ الوضع لقبول مشروعها، فمن شخصيات متدينة لا رصيد لها من تاريخ ولا ثقل لها من وجاهة اجتماعية، ولا وعي لها من ثقافة، ولا بعد لها من علم، ولا رابطة لتواصلهم وجدتها تقصد الإعلام بمختلف وسائله، وفق إثارة خفية تخفي وراءها ما هو مستور غير مكشوف وهو بيت القصيد الذي يراد له أن يتجه على بوصلة المخفيين، ومن…. ، ومن…. .

كما وجدت الناس ليسوا بأصحاب طويلة في صحبة أخوية وصداقة عرفية، فكثيراً ما تقطع أواصر الإخوة والصداقة أمام هزة بسيطة تتعرض لها العلاقة وقد يكون بإيحاء من واقع أو من خلال فهم مغلوط يرتب صاحبه الأثر تلو الأثر عليه، وبغض النظر عن عديد من المواقف الجميلة والأيادي الممدودة، والإعانات المعدودة، وجدتهم يهتمون بمصالحهم الشخصية الضيقة أكثر من مصالحهم العامة، غافلين عن أن المصلحة الشخصية لا تتحقق بشكلها السليم المعافى من كل نقص إلا من خلال المصلحة العامة، وهم على الدوام يضيّقون دائرة اهتماماتهم العامة إلى أخرى أضيق منها تخلق فاصلاً بين الإخوة والأصدقاء يتحرك كل واحد منهم بإيحاء من دائرته الصغيرة، كدوائر العشيرة المتعددة بدل من دائرة البلد الكبير.

ووجدت أن الناس الفت أن تكون الأمور جاهزة تتناولها بدون تعب وجهد ومشقة من دون أن تشعر نفسها شرف المشاركة والإحساس بلذة الانجاز والمساهمة، ولذا فهي على الدوام تبحث عن أمر جاهز، ومن هنا فهي تلتف حول الأقوياء سياسياً واجتماعياً وحوزوياً، ولكن أنست نفسها أن هؤلاء الأقوياء لم يكونوا في يوم ما أقوياء وأصبحوا أقوياء بطريق المثابرة تارة، والاستعانة أخرى، والإرث ثالثة، فما بالكم انتم وأيديكم صفرات من أحدى هذه الثلاث، تنتظرون جاهزية الأمر والمشاركة في النتائج من دون مساهمة في المقدمات أو في خطوات طلب القوة والجاه.

ومن هنا فهم مقودون دائماً لا يسعون أن يكونوا قواداً فقد استخفوا بأنفسهم وضيعوا مكاسب تاريخهم.

ومن نافلة ما وجدت أن الحوزة لم نعتقدها كما كانت سابقة، كتلة من حركة علمية، جهادية، إصلاحية، إرشادية، آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر، فقد ركبت موجة الحياة العصرية وأساليب العيش الرغيد ومنها فقدت بريقها وقوة تأثيرها، فطلب المعالي مركبه الجد والاجتهاد وسهر الليالي ومفارقة المعتادات إلا الضرورية منها على حد المجزي، فاخذ بعضهم يهتمون بالجانب الاجتماعي العشائري وواجباته، فيما اخذ آخرون يهيمون بوضعهم المالي ووجاهتهم الاجتماعية التي حصلوها من ارتدائهم العمامة، ووجدت غيرهم همهم التستر وراء الزي لتصيد المتعة والزواج بالثانية والثالثة، وقد انشد غيرهم إلى التزلف إلى السلطات ومباشرة السياسة، وآخرون همهم الدفاع عن ما يعتقدون به بكل قوة وسداد والأولى بهم استخدام قوتهم للدفاع عن الدين والمذهب.

 

وجهة نظرنا : تقاسم السلطة

وردت عبارة تقاسم السلطة في وسائل الإعلام المحلية، بقسميها الرسمية والأهلية، بعد تعقد المشهد السياسي العراقي، فراح المعظم إن لم يكن الجميع من المشاركين في العملية السياسية، سواءً الفائزين منهم أو الخاسرين، أقصد غير المؤهلين لتسلم منصب رئاسة الوزراء لانعدام الاستحقاق الانتخابي الذي يؤهلهم للمطالبة لهذا المنصب فضلاً عن إدارته، يطلقون في مؤتمراتهم ومقابلاتهم عبارة تقاسم السلطة –وقصدهم التنفيذية خاصة- وهو مفهوم غير واضح دخل الساحة بعد مصادرة مفهوم الشراكة الوطنية، ومن حق الجمهور أن يسألهم ماذا تعنون بهذه المفردة الجديدة، وخصوصاً التقاسم؟ وهل السلطة العليا للبلد تقبل التقاسم ثم إن هذا التقاسم هل يتعلق بموقع رئيس الوزراء حيث يتقسم الى أقسام بحسب الكتل الفائزة يتعاور عليه كل حين كما هو مقترح بايدن الأمريكي- صاحب مشروع تقسيم العراق- قبل أكثر من ثلاثين سنه، وهل هذا المصطلح يراد به تشبع ذهنية العامة بمفهوم التقاسم؟ الذي قد يزحف إلى تقاسم البلد وتحريفه بتمهيد نفوس العراقيين بقبول أصل الفكرة بغض النظر عن متعلقاتها، فقد  تكون السلطة كما هو المعلن على الساحة الإعلامية والسياسية، وقد يكون هو البلد وقد يكون هو الثروة وقد يكون هو المحافظات، ولابد من وضع اليد على متعلق جاهز للتقاسم وليس هو الآن إلا السلطة حيث الصراع بين الكتل على أشده ما بين قائل بالاستحقاق الانتخابي وما بين قائل بتفسير المحكمة الاتحادية للبند الدستوري فيما يتعلق بأكبر كتلة، وما بين ثالث يتصيد الفرص لينقض على أكبر قدر ممكن من كعكة العراق كما يعبر البعض، وحينما يتفاعل الوسط الإعلامي والسياسي مع هذا المصطلح ويتركز في نفوس المواطنين فقد يزحف الى متعلق آخر خطط له منذ أمد بعيد كما ذكرنا آنفاً ألا وهو العراق جغرافياً، وأول خطوات هذا المشروع كأي مشروع يتعلق بمصير شعب كبير هو تهيئة النفوس بقبول أصل الفكرة ثم تكريس بعض مفردات الواقع فيما يخصها، ثم إجراءات إدارية وقرارات ارتجالية تعمّق هذا المفهوم في النفوس وهي في نفس الوقت تعقّد المشهد وتجعل الحل مستحيلاً حتى يصار الى قبول الطرح وتقبله بلا مشاكل وتعقيدات فيما يتعلق بالوضع القانوني والإداري.

إن السلطة لا تقبل التقسيم وإن قبلته فقد جردت الجميع من قوة السلطة وحكّمت الآخرين في الأمر.

السلطة لمن يستحقها وفق الأصول الدستورية والانتخابية وله أن يشرك الآخرين معه وفق أحجامهم السياسية وقبولهم الجماهيري، و لا حق للآخرين في دعوى تقاسم السلطة، وعليه أن لا يسمح للفضول الخارجي في التأثير على تشكيلة الحكومة وإلا كان سلطان بلا سلطة.

استفتاءات

سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

 

ما هو السبب برأيكم وراء هذا اللجوء المكثّف من قبل أبناء المجتمع لحكم العشيرة؟ ما هي الايجابيات التي رآها المكلف عند الاحتكام للعشيرة فصار يلجأ إليها؟

حازم الميالي             

بسم الله الرحمن الرحيم:

 

ج1: نعتقد بأن السبب الرئيسي هو لشعوره بالانتماء إلى ما يوفر له حماية حياته وحقوقه عندما تتعرض للخطر والتهديد ولا من معين حيث تكون الدولة ضعيفة وغير قادرة على توفير الحماية الكافية للمواطنين مما يضعف انتماءهم إلى البلد ويزيد من ارتماءهم بأحضان العشيرة التي ما زالت ولا تزال لها السطوة على أبناءها فتظهر وقت الشدة والأزمة والمشكلة مع الغير، خصوصاً بعدما وجد العديد من الناس أن المشكلة المستعصية لا يجد لها حلاً إلا في العرف العشائري وبه يدفع التداعيات القانونية، وقد شكل هذا شعوراً بالحاجة إلى الارتماء بأحضان العشيرة.

ولا زالت الأعراف العشائرية اطر اجتماعية يصعب تخطيها بل قد تكون في أحيان كثيرة أقوى تأثيراً من الالتزامات الشرعية، وهذا من أهم الايجابيات المقنعة للأفراد بالانتماء العشائري مع ما فيه ارتباط بالسلف من الآباء والأجداد، ومثل هذا الشعور الانتمائي وجداني يحسه كل احد.

 

قاسم الطائي   

سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

 

أثيرت مشكلة الإساءة لزوج الرسول صلى الله عليه وآله عائشة أم المؤمنين من قبل رجل دين شيعي في دولة الكويت وأقامت لها الدنيا هناك واتخذت السلطات إجراءات لطرد الرجل.

والسؤال هل تكون الإساءة مقبولة في منظور إسلامي أو لا تكون؟

أجيبونا مشكورين…

لفيف من المؤمنين المقلدين    

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يجوز التعرض لحرم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله فإن حقه علينا عظيم وفضله عميم ومن غير اللائق أن تنال بعض الألسن زوجاته بسوء، فإن الإساءة لها إساءة للرسول الكريم ما دامت مرتبطة بعلاقة الزوجية، وهذا من أخلاق العرب والمسلمين، فإن للمكانة الاجتماعية والوجاهة العلمية أهمية خاصة تنعكس على من يرتبط به، فلا يجوّز العرف تناوله بالسوء أو التلسن عليهم لأنه يعتبر ذلك تلسناً على الوجيه، والعالم.

الم تسمع المثل الدائر ( من اجل عين ألف عين تكرم) بل من اجل الرسول ملايين العيون تكرم.

نعم لا مانع من عرض التاريخ الإسلامي بشكل غير متشنج ولا يتضمن سباباً أو شتماً فإن المسلم لا يكون سباباً، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه: (اكره أن تكونوا سبابين).

ثم أن تفعيل مثل هذه المهاترات الكلامية لا تخدم الإسلام والمسلمين بقدر ما تخدم أعدائهم الذين ما انفكوا منذ مئات السنين يخططون ويعدون العدة للانقضاض على المسلمين لضرب قوة إسلامهم وقوانينهم الشرعية وأخلاقهم الإسلامية.

ناهيك عن أن استغلال الفضائيات لمشاحنات طائفية خُلق لا يرتضيه الإسلام يعرف ذلك لمن له أدنى إطلاع على حقيقة الإسلام ووجهه السليم.

كما وإنها تصب في صالح مشروع عالمي يخطط له في دهاليز السياسة العالمية ذلك هو إشعال صراع طائفي إسلامي ما بين السنة والشيعة، يراد له أن تكون طرفاه، إيران، والدول العربية، وهم يمهدون لذلك إعلامياً ويحشدون سياسياً ويحاصرون حربياً وقد يفعلون إذا وضعوا أوراق القضية الفلسطينية على طاولة الحل وإنهاء حقبة الصراع العربي اليهودي، وأنه لابد من نقله إلى صراع إسلامي ما بين اكبر طائفتين فيه..

{ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } القمر15.

قاسم الطائي