You are currently viewing نشرة النهج العدد ( 78 )

نشرة النهج العدد ( 78 )

وجهة نظرنا

منعاً للخراب

تعيش معظم العوائل العراقية بعض الممارسات اليومية ويغيب عن ذهنها مدى الضرر التي تسببه هذه الأفعال بالممتلكات العامة، وما هي الخسائر العظيمة التي تحدثها للمال العام أو للمنشآت العامة، ومما يؤسف له أن جملة من هذه العوائل بعض أفرادها من أهل الاختصاص والخبرة في نتائج هذه الممارسات السيئة، وإن كانت تُفعل من بعض العوائل بدون قصد الإساءة، ولكنها لم تكن لتفعلها في السابق حينما كانت الدوائر المختصة- كدوائر البلديات والماء والمجاري- تغرم المسبب غرامة مالية هو مضطر لدفعها، وبعدها لا يتجرأ على إعادة فعلها.

ترى ما هي الممارسات تلك؟! وقد نسأل كيف غابت عن أذهان الآخرين من مسؤولين وعموم أفراد الشعب؟ ربما غيابها لانشغال المعظم بهموم شخصية عائلية قد أخذت معظم أوقات تدابيرهم وشؤون حياتهم بما لا يبقى ما يهيئ للالتفات إلى ذلك، أو لعدم الشعور بالمسؤولية العامة، أو لاستخفاف الناس بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي لو أهملت فستنعكس نتائجها على المستخف أو أسباب أخرى لا حاجة لعرضها تفصيلاً.

والممارسة المستخف بتأثيرها العام هي جريان الماء من داخل البيوتات إلى الشوارع المبلطة، الأمر الذي يعرفه أهل الاختصاص والمهندسين بفاعلية تدمير المياه الراكدة للطبقة الإسفلتية للشارع، واكلها لهذه الطبقة مما يترك حفر متفاوتة الحجم في طبقة الإسفلت مدمرةً إياها، وحيث لا تعالج بسرعة فهي تستمر بحفرها للشارع حتى تحيله إلى مجموعة متناثرة من القطع الإسفلتية المحفرة هنا وهناك، وهنا يأتي أصحاب السيارات ولوعتهم من هذه الحفر وفعلها بإدامة سياراتهم واستهلاكها للعديد من أجزائها، ولكن هل نبس احدهم بكلمة رادعة أو منبهة لهذه الممارسات، ولو إشارة إلى جيرانه أو أقربائه أو أصدقائه.

كلا، ما له وهذا الأمر، وحيث يقع عليه ضرره يصرخ مع نفسه ناقماً على وضعه ومتأسفاً على حالته، وقد يلعن وقته وزمنه الذي أتى به في هذا الوقت بالذات! فهو يصرخ ولكنه يصرخ بعيداً عن المشكلة ولم يفتش لها عن حل أو يسعى لردع الممارسين والمضرين بالموارد العامة، الشوارع، سيارات الناس، فضلاً عن السابلة من كبار السن والمرضى الذين تكون الحفر مصائد لهم، ولتكسير عظامهم.

إن الشعور بالمسؤولية فضلاً عن كونه امتثالاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه شعور وطني يتحسسه الخيرون وأهل القيم، والمريدين لبلدهم الخير والصلاح.

ومن واجب مسؤولياتنا الأخلاقية والعرفية والشرعية، نقدم حلاً عملياً بسيطاً مريحاً للجميع شعباً وحكومة، وهو أن يعمل كل دار فتحة تصريف قريبة من خزان القاذورات أو قريبة من (منهول) تصريف المياه القذرة إلى الشبكة الرئيسية في مناطق شبكات التصريف وهذه الفتحة تعمل من داخل الدار وقرب الباب الرئيسي التي يسيل من تحتها الماء إلى الشارع، وحينئذ سيتجه الماء إلى الفتحة التصريفية لتقذفه إلى الخزان أو إلى شبكة المنطقة.. ويكفي الله الخيرين شر العسرة، وتقصير العمل، وستبقى شوارع مدننا نظيفة محافظة على إنشائها واستوائها.

فهل هذا بعسير على أصحاب الدور؟ كلا بل بسيط إلى الغاية ولا يكلف إلا مبلغاً بسيطاً ميسوراً عند الجميع.

وعلى الدوائر المعنية أن تتفاعل مع هذا العلاج خدمةً للصالح العام، وتصدر أوامرها بانجازه ومحاسبة المقصرين فيه.

وكاتبكم أول من طبق هذا الأمر قبل إعلانه كما طبق ما ذكره سابقاً من الشتلات الزراعية.

والله من وراء القصد…

ناصحكم وخادمكم الأمين

 



  • ليبيا في دهاليز الفوضى

القارئ لخطابي منذ مدة وقد ذكرت فيه أن التراجع أمام المجتمع الغربي سيجر إلى المزيد من التداعيات وسيخسر البلد وقيادته زمام المبادرة في بناء بلدهم على أسس صحيحة، أهدافها الحرية والعدل والمساواة، فأية طريقة للحكم تحقق هذه الأهداف كانت أجدر من غيرها بالتحقيق والبناء.

وما حصل في العراق وتمادي نظامه المقبور في مواجهة المجتمع الدولي والتراجع أمامه شيئاً فشيئاً حتى وصل الأمر إلى اخص خصوصيات النظام، ما كان ليحصل لو قامت هذه الأنظمة على دعم شعوبها والسعي لخدمة مصالحها، ولكنها سعت بغرور جهلها وقلة احترامها لشعوبها، واعتزازها بالتطمينات الغربية، هي ليست واقعية بل وهمية حدها انتهاء المصالح أو الإشراف على مصالح أعلى لم تقدر هذه الأنظمة على تحقيقها لها.

وستكون لعبة القوى العالمية وشعاراتها البراقة من حقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها، وهي ليست قائمة موجودة بصورها الحقيقية في نفس بلدانها كما أخبرتنا بذلك التظاهرات الأخيرة في لندن وكيفية مواجهة الحكومة لها، والغض الإعلامي عن تناولها أو إعارتها أهمية كالأهمية المعارة لما حصل في البلدان العربية أو دول ما كان يسمى بالعالم الثالث.

إن السيناريو المتوقع في ليبيا بعد رحيل طاغيتها الذي يجب أن يحاكمه الشعب الليبي نفسه على جرائمه ومغامراته في أموال بلده الضخمة طيلة اثنين وأربعين عاماً من الاستبداد والتقامر بالمال العام لنزوات شخصية وتصريحات إعلامية، ومغامرات شبابية والشعب الليبي هو الشعب منذ أول تسلم القذافي للسلطة الأمر الذي يكشف انه لم يعتن بشعبه إلا بقدر ما يطبل له لضرورة وجوده كقائد للثورة لهذا الشعب البائس كما حصل عيناً في قائد الثورة العراقي المقبور، وهو ليس إلا انقلاب عسكري أعانهما عليه الغرب.

وبعد السقوط وسقوطه كسقوط صدام، وجريان أحداثها كالتي هي بتبديل قيادة المسقط من أمريكا إلى فرنسا وصراعها مع بريطانيا في قيادة حملة إسقاط نظام القذافي.

وهذا غير مهم، وإنما المهم أن يلتفت الشعب الليبي ويعتبر من شعب العراق وما حصل له وما سيحصل له، حيث ستبدأ الفتنة الشعبية سواء أكانت طائفية كالعراق أو عشائرية كما في اليمن أو مناطقية، ولكنها ستبدأ بعد حين، حين اطلاع القوى الغربية ودراستها للمجتمع الليبي عن قرب، وتكوين صورة واضحة عن طبيعة العلاقات الاجتماعية التي تحكم شعب ليبيا وما هي العوامل التي تؤثر عليها سلباً وتفكك صورة وحدتها عملاً.

وستبدأ بحوادث جزئية يتصد لها مواقع حساسة فيها تنوع مذاهب للتشاحن والتباغض بأدنى مناسبة، فإذا ما حصد الإرهاب المنظم المدار من قبل القوى الكبرى ونقولها بصراحة وواقعية، والعرض الإعلامي لبعض المسميات أو المنظمات إنما هو شماعة العرض، وذر الرماد في العيون كي لا ترى وجه الحقيقة، وتبقى تسير وراء السراب الذي يصنعه ساسة الغرب.

واذكر القارئ بمقولة الرئيس الأمريكي السابق بوش، بأنه جعل العراق ساحة لمواجهة الإرهاب، وهذا من المنظار الأمريكي للسياسة القائمة انجاز كبير، حيث جعل ساحة المواجهة بعيدة عن ساحة الولايات المتحدة وتضاريس أراضيها.

وأول الغيث لهذه اللعبة ستكون المنظمات الإنسانية لمساعدة الشعب الليبي، وهي مجهولة الهوية الحقيقية ولكن المؤكد فيها أنها تمول من نفس الدول المسقطة للقذافي.

وهي بوجه إنساني يخفي وراءه وجه مخابراتي وقراء للمشهد الليبي بخبرة سنين ومجموعة بحوث ودراسات مقدمة لمراكز بحثية في هذه الشعوب.

ومتى ما استكملت هذه المنظمات بعدها البحثي وهي لن تستكمل بعدها الإنساني بل سيظل وضع الحاجة والفقر قائماً، تبدأ عملية وضع لمسات المشهد الجديد الذي سينقسم فيه الليبيون بكل تأكيد إلى داعم لعملية التغيير، وإلى معارض لها، وسيختص كل بعنوان واسم خاص هو ما سيعرض على فضائيات الأخبار، ومن مراكز التمويل الإعلامي (رويترز وأخواتها).

وسيتحرك الشعب الليبي بوعي أو بدونه على الأرجح على أنغام هذه اللعبة، وحينئذ ستبدأ الفوضى وسيعم الخراب.

ثم تبدأ مرحلة تأسيس قواعد عملية ديمقراطية، وفق المقاييس الغربية لا الاستحقاقات الواقعية للشخصيات المرموقة في ليبيا، وستنتخب الشخصيات المشاركة وفق الرغبة الغربية لا الإرادة الشعبية، ومنه تنشق عملية تأسيس أحزاب وقوى بدعوى توسيع رقعة المشاركة في الحكم، وما كان من معارضة فسيقدم لها كل التسهيلات والتراخيص لجرها إلى دائرة المشاركة وتخليها عن السلاح لمقاومة الوجود الغربي بأية صورة وجد في ليبيا.

وستوزع هذه التشكيلات وفق دائرة وسعة نفوذ القوى الغربية المشاركة في التغيير، وستعمد هذه القوى على جعلها على مستوى من القوة والنفوذ على السواء، لتبقى جميعها بحاجة إلى دعم الغربيين ومن يسير في ركابهم.

ثم تأخذ الفوضى السياسية بالبروز، وسترفع بما يسمى بالمحاصصة أو بالتواق الذي يعنيان الشلل التام للعملية السياسية، ثم يصار إلى دعوات التغيير ولكنها غير جادة ولا تملك من القوة النفوذ للبروز على سطح الواقع السياسي، وستبقى مجرد بالونات لتفجير الأوضاع واستفزاز الشركاء كلما دعت الحاجة ونامت الأزمة منادية بالحل.

وسيظل سيد الموقف الليبي هو القوى التي أطاحت بالرئيس القذافي وتخلت عنه وهو في اوج حاجته إليها كما فعلت بصدام وأمثاله.

إن هذه القراءة التي استعراضها لم تكن وليدة نظرتنا اليوم بشؤون الساحتين المحلية والإقليمية أو العربية بل كانت قراءة دونتها في دفتر ملاحظاتي قبل أكثر من عشرين سنة عندما أطيح بالرئيس الأفغاني الموالي لموسكو آنذاك، وتبعه الإطاحة بالرئيس الصومالي، وحينها حدثت الفوضى في هذه البلدان وقلنا في حينها ستكون هي هي للدول التي يتحكم بها دكتاتور أو مستبد.

وها هي الأحداث أصدقت قولنا وثبتت قراءتنا.

  • إذن ما هو الحل؟

فإن هذه القراءة صادقة إلى حد ما وتحتاج لبعض الوقت لتصدق في ليبيا، واليك أيها الشعب الليبي خطوات الحل كجزء من مشاركتنا لكم في تحقيق تطلعات شعب ليبيا الشقيق، وأداءً لحقوقكم علينا كمسلمين حيث نسمع واعيتكم ولم ننصركم ولو بالكلمة الطيبة.

  • الخطوة الأولى:

 قطع كل تدابير الاتصال الأجنبي خارج إطار العلاقات الدولية المتوازنة المبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، والأخذ بنظر الاعتبار أن أية علاقة ينفذ من خلالها الطرف الآخر إلى شُعبة التدخل في الشأن الداخلي ينبغي تجريمها وإحراج القائمين عليها والساعين لها، كل هذا وغيره ليبقى القرار بيد الشعب الليبي خاصة، نعم لو الاستعانة بداعي طلب المشورة من الغير وبدون مقابل من ابتزاز سياسي أو اقتصادي، أمر مطلوب.

 

  • الخطوة الثانية:

إخضاع مشاريع الإعمار والتنمية لضوابط الجودة والمتانة، والجدوى الاقتصادية منعاً للانفلات والعشوائية في انجاز المشاريع وبمزاجات شخصية حصيلتها هدر أموال طائلة من دون طائل، وهذا العراق حاله أمامكم مليارات من الدولارات ولا كهرباء.. أين ذهبت؟ وكيف صرفت؟! وضرورة أن تخضع مشاريع الإعمار لخطة تنموية إستراتيجية ولتخطيط عمراني يأخذ بنظر الاعتبار متطلبات الشعب الليبي وحاجاته الأساسية، وبناء بلد متطور وعلى مستوى موارده المالية.

مع إلزام الشركات الأجنبية بإشغال العمالة الليبية كسباً للخبرة، ومشاركة ومساهمة في بناء بلدها لإشعارها بأهمية ذلك وتنبيهها على ضرورة حرصها على بناء البلد.

  • الخطوة الثالثة:

 الحيلولة دون الارتباط بالمؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي، وتدخلاته بشؤون البلد وتوجيهه سياساته وفق متطلبات لا تلائم طبيعة الشعب الليبي وتخلق له أكثر من أزمة وهذا واضح للبيان في سياسة العراق النفطية والاقتصادية.

وتشجيع الاستثمارات المحلية، والإبقاء على النقد الليبي والعملات الأجنبية متحركة في ساحة النشاط الاقتصادي الليبي، وإلغاء فكرة استثمار ملايين بل مليارات الدولارات خارج ليبيا كي لا يأتي عليها يوم تقيّد بالتجميد من قبل الحكومات الأخرى فيما لو حصلت أزمة بينها وبين تلك الدول أو حصل فيها ما لا تريده تلك الدول حيث تكون عصى التجميد بيد تلك الحكومات.

  • الخطوة الرابعة:

الالتفات إلى مطالب الشعب الليبي في حياة حرة كريمة ذات خدمات متوفرة ورفع حالة الفقر المستشري في صفوف الشعب بتوفير فرص عمل للعاطلين أو كفالة غير العاملين، من العاطلين عن العمل منعاً للفقر الذي يجر إلى الإرهاب والانسياق وراءه تأميناً للقمة العيش، مع احترام كافة الفئات الليبية وخصوصياتها العشائرية أو المناطقية أو الدينية منعاً للاختلاف المؤدي إلى فك الوفاق، ومحاولة إعطاء فرص متساوية للجميع.

  • الخطوة الخامسة:

إطلاق العفو العام عن الجميع وإشعارهم بأن فترة القذافي قد انتهت إلى غير رجعة والاستفادة من خبرات العاملين في دوائر الدولة، وتطمينهم على أنهم مواطنون لهم ما للآخرين وعليهم ما عليهم.

نعم فيما يتعلق بجرائم القتل والتدمير عليكم حلها بالعقل وحسن التدبير لا بالانتقام والتشفي كي لا ترجع هذه الجماعات إلى تنظيماتها السابقة وهي تملك المال والإعلام والنفوذ، وستكون عقبة يصعب تجاوزها فيما بعد أن لم تتدخل الدول الغربية في مشاريع مصالحة وهمية قد تفرض على الحكومة الليبية او الشعب قبول هذه الجماعات كجزء من الحل.

وقبولها على الإرغام أسوأ بكثير من قبولها على التفضل والمنة عليهم، وليكن شعاركم (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) من دخل دار الوطنية وحسن التصرف فهو آمن.

  • الخطوة السادسة:

 طلب الحاجة من الدول العربية والإسلامية فيما لو دعت الضرورة ذلك، والابتعاد عن طلبها من الدول الغربية، وقطع الطريق على بعض الدول العربية التي تساير الركب الغربي وتدعم مشاريعه وتدخلاته في بلداننا العربية.




  • لكي نتعافى

المعافاة شرطها الأساسي للمسلم بالخصوص هو ترك المحرمات واتقاء شرها، فإن الذنب المرتكب بسببها أسرع إلى المسلم من غيره كما ورد في بعض الأخبار الواصلة إلينا من أهل بيت العصمة عليهم السلام، ومعنى أسرع إلى المسلم إن نتائجها ستحصل بسرعة تتناسب ومقدار التزام وتقوى المسلم، وكلما كان أورع واتقى كان عقاب الذنب أسرع إليه من غيره، فتراه يجده في ولده أو ماله أو بيته أو علاقاته مع الآخرين أو سوء تدبيره مما يعرضه لاهتزازات مالية أو اجتماعية أو نفسية.

هذا وقد وجدنا العديد من الذنوب المرتكبة هي قائمة على قدم وساق ومنتشرة في أوساطنا الاجتماعية بما لا حريجة في ارتكابها وكأنها شيء مباح، وقد وجدنا الواجب علينا التنبيه عليها ونصح إخواننا وأبنائنا بترك ارتكابها، إذ لو عمت دمرت واتت على كل شيء جميل نلتمسه لحياتنا، ووصل حالنا إلى أن ندعو فلا يستجاب لنا.. استعرض الآن بعضها بحسب خطورتها.

تقديم الخدمة والوساطة بمقابل مالي، وأمثلته كثيرة كالتعيين بالمال، وله وسطاء كثر لا يؤدي بعضهم عملاً إلا أن يرفع التلفون إلى مسؤول تربطه به علاقة أو صداقة أو قرابة وهو بمجرد تلفون يتقاضى من بعض الأفراد المتقدمين للتعيين مبالغ مالية قد استدانها معظمهم من الغير، والتحويل لمشاريع من خلال التلفون على بعض الجهات مقابل موارد مالية ضخمة، والتقديم للبعثات الدراسية وقبول المتقدم، والتوصية بالبعض لدرجات وظيفية غير مستحقة، ونقل بعض المراتب العسكرية من مكان لأخر، وشراء بعض المواقع بمبالغ مالية ضخمة لأنها موارد لاستنزاف المواطنين، والترشح من قبل الكتل والكيانات لقاء التزامات مالية ضخمة يقدمها المرشح واستقطاع بعض رواتب المتعينين من قبل بعض الأحزاب بدعوى دعم الحزب، وغيرها قائمة طويلة الذيل يعرفها معظم أبنائنا.

ووجه الحرمة أنها أموال تؤخذ بلا مقابل من جهة أو عمل أو مال، وإنما تؤخذ بعنوان أنها معروف يقدمه الآخذ فاستحق عليه المقابل من المال، والمعروف ينبغي أن يسود بين الناس ويضع قربه وحسبه طاعة لله، لإشاعة الود والاحترام وحسن المعاملة وقضاء حوائج الناس، والقيام بخدمتهم احتراماً لجانبهم الإنساني والوطني.

وأما أن تقضى حوائجهم بمقابل مالي فهذا معناه ضياع المعروف بين الناس، وهذا من أهم حِكَم وملاكات حرمة الربا، حيث يعبر الشارع المقدس عن سبب حرمته وأنه اشد من سبعين زنية في بيت الله الحرام في ذات محرم من اجل أكل درهم من الربا.

علله بضياع المعروف بين الناس فإذا قامت هذه العلة أو ما يحلو للبعض أن يسميها حكمة كانت النتيجة حرمة الفعل المؤدي إليها كحرمة الربا المؤدي إليها أو المضيع لتأثيرها في العرف الاجتماعي.

 ثم ما بال الآخذ وهو يأخذ الأموال في مقابل (جرت قلم) أو مكالمة هاتفية حصل على تأثير فعلها من موقعه وهو في الدائرة- أي أن عنوان كونه موظف أو وزير- هو ما دعا لقبول قراره أو تعيينه ولو كان مجرداً عن عنوان الوظيفة لما كان له أن يقرر مثل ذلك شيئاً، فإن عنوان الوظيفة هو ما استوجب القبول لرأيه والتنفيذ لقراره ولولاه لما أمكن ذلك، وهذا العنوان هو لا يملكه ليستحق عليه اخذ المال.

وهذا غير ما قلناه في حرمة العمولة (القمسيون).

ومنها: رفع أسعار المواد المشتراة من قبل مسؤولي المشتريات في دوائر الدولة، وقد يكون بتعاون من البائع حيث يقدم من غير ماله خدمة لمسؤول المشتريات، ويعينه على سرقة الأموال العامة، وبهذا الأخذ للزيادة محرم شرعاً ومضمون وضعاً، وعلى كلا الطرفين من البائع والمشتري، وإن كان من البائع تكليفاً لا وضعاً إذا لم يحصل على زيادة يسجلها في سعر بضاعته التي يبيعها لغير موظفي الدولة.

ومنها: اخذ شيوخ العشائر والذين يسمون بـ(الفريضة) بعض الأموال من الذين يذهبون معهم فإنهم يستغلون وجاهتهم وتأثيرهم العشائري إلى حل المشكلة أو الإصلاح بين الطرفين، حرجاً لا ورعاً كما هو المتعارف في أوساطنا العشائرية والعرفية، وقد يفرض بعضهم مقداراً من المال على حسب ما سيؤثر في تقليل الدية أو إلغاء الفصل العشائري.وحرمته من جهتين، عدم المقابل، وضياع المعروف، وإنهم يحكمون بما لم ينزل الله من سلطان.وقد يتورطون في أكل مال الأيتام وهم بذلك كآكلون ناراً وسيصلون سعيرا.

ومنها: استغفال البسطاء والسذج، من خلال عمل عوذة أو رقية أو عمل سحري أو فعل جني! أو استغلال نسبي لبعض  السادة أو غير ذلك بإيهام المقابل بأن حاجته قد قضيت، ومشكلته قد حلت، وليس الأمر كذلك بل غاية ما هناك هو تطمين نفسي آني سرعان ما يزول وترجع الأمور إلى ما كانت عليه عند السائل، واخذ المال في مقابل ذلك حرام لعدم صحة النتيجة وحصول الغرض ويكون اخذ المال أكلاً له بالباطل.

وستأتي البقية إن شاء الله تعالى.



  • رحمةً بالموظفين والطلبة

يعيش الموظف محدود الدخل وحاجياته لا تقف عند حد، وقد يضحك له الحظ يتوفر بعض المال علّه يحصل على قطعة ارض أو يتمكن من بناء دار أو يذهب إلى الحج أو يزوج ابنه أو.. أو..، فهو على الدوام مهموم مغموم لعدم قدرته على مسايرة متطلبات الحياة وتوفير الحد الأدنى من العيش المناسب له ولعائلته، وقد يجري باتجاه اخذ السلف من المصارف الحكومية أو مصارف دائرته لتغطية جملة من حاجياته الضرورية ولكنه يتفاجئ بالنسبة العالية لما يسمى في لغة المصارف بالفائدة، وبغض النظر عن جوازها شرعاً أو تخريجها جوازاً، تبقى عالية، منيعة عالية غير رحيمة بالمواطن قد تصل إلى أكثر من (30%) وإن كانت توزع على أقساط ولمدد بعيدة، ولكنها تبقى كثيرة ومرهقة للموظف وقد لا يسدد أقساطها خلال مدة عمره فيرتحل إلى الدار الأخرى وهو مديون لمصرفها.

ومن الحق أن نسأل بالرغم من الموارد الهائلة التي تدخرها ارض العراق وهي تفي بمتطلبات العيش الكريم لجميع العراقيين برفاهية وسعة ولا تؤثر على ميزانية البلد وخطته الشمولية.. إن وجدت.

ولذا نقول ارحموا الموظف، فإنه عراقي وأخ لكم في الخلق وشريك لكم في الدين، ومعين لكم في الوظيفة وخدوم لكم في الشدة ومساهم لكم في الفرح، ومقاتل في الجبهات ومستهدف للإرهاب، ومحاصر بالامراض وترهقه الحاجة وتعصره الحسرة.

وبدلاً من أن تكون الفائدة بهذا المستوى المرتفع لتساهم حكومتنا من رفع هذه الفائدة عن كاهل الموظف وتعتبر التسليف قرضة حسنة لديمومة المعروف وتأصيل العلاقات الإنسانية بينها وبين المواطن، وإذا كان لابد من فائدة فلتكن بمستوى اجر الموظفين العاملين بالمصرف وقطع وتغطية نفقاتهم في عملهم، وهذه في أعلى مستوياتها لا تتجاوز الـ(1%) من قيمة السلفة وبذلك سيشعر المواطن أن حكومته رحيمة به، ومتفانية في خدمته وسيكون كسبها منه هو مواطنته الصالحة وسيخدمها بقلب سليم ونفس جميل وسيكون نعم المعين لها في عملها وأداء واجباتها وستلمس أولى ثمار فعلها هو دعمها في ضرب الإرهاب وانعدام الجريمة وارتفاع الرشوة وزوال المحسوبية، وانقبار الفساد الإداري والمالي.

وهناك شرائح أخرى في المجتمع هي بأمس الحاجة إلى رحمة الحكومة وحنانها ألا وهي طلبة الدراسات الإعدادية المنتهية من الفرعين الأدبي والعلمي، فقد ضج العديد من طلبتنا الأعزاء من صعوبة أسئلة بعض المواد الدراسية في الامتحانات النهائية خاصة في الامتحانات وتقدمه فيها، وإذا به يفاجئ كما فوجئ أخوه الموظف بصعوبة الأسئلة وتعقيدها، مما أوقعه في إرباك واضح بدأً من حالته النفسية المتشنجة أساساً قبل الإقدام على الامتحان مما ولّد حالة من الاضطراب الفكري وعدم التركيز في معلوماته، فخرج معظم طلبتنا الأعزاء محبطين ومنكسرين بسبب عدم حصولهم على الدرجة المناسبة لمقدار الجهد الذي بذلوه للتحضير للامتحان، وفي هذا الأثناء يشعر الطالب بأن باب الحياة قد أغلق في وجهه.

والرحمة بهم ليست مطلوبة فقط بل واجبة على وزارة التربية، فإن العديد من الطبلة مستوياتهم جيدة والامتحان ليس مؤشراً لمستوياتهم الواقعية، فوقوع المعظم تحت التأزم النفسي والشد العصبي ذهب بجهد دراستهم وأوقعهم في تراجع واضح في لحظة الامتحان.

إن وزارة التربية مدعوة قبل غيرها، والكوادر التدريسية ملزمة بتخفيف الضغط على طلبتنا الأعزاء من خلال الاعتدال في الأسئلة، والتسهيل بمستوى في تصحيح دفاتر الامتحان، والاعتماد على أسس لا تعتبر صحة النتيجة مقياساً بقدر ما تعتبر صحة تفكير الطالب وتسلسل طريقة حله أساساً وإن لم يؤد إلى النتيجة المطلوبة.

إن طلبتنا وهم مقبلون على حياة جديدة تتحدد مسيرتهم في الحياة علينا، بأن نأخذ بأيديهم ونزرع في قلوبهم الأمل ونهيئ نفوسهم للدخول في معترك حياة جامعية يجد الطالب فيها ذاته وطموحه قد تحقق وأبواب الحياة لهم مفتحة، وسيطبع ذلك وجدانه بالقوة والحيوية لخدمة بلده والسعي في تطوير مفردات حياته من خلال الاختصاص الذي يمثل رغبة الطالب في الدخول لكلية رسم أحلامه من خلال الدخول في الامتحانات.

رحمة بالطلبة يا سادة ويا مدرسين، وانظروا إلى أنفسكم كيف كنتم حينما دخلتم الامتحانات وانتم في سنهم فإنه من المؤكد أنكم تحبون أن يتعامل معكم بما قلناه آنفاً والموروث الإنساني عندنا يقول:

(( أحب لأخيك ما تحب لنفسك واكره ما تكره لها))



1 عدم وجود تزاور بين العلماء ولم أرَ يوماً أن العالم الفلاني زار العالم الفلاني إلا القليل.

ج1/ هذا صحيح ومؤسف جداً، وسببه الأنانية الطاغية على نفوس البعض ممن يرى إن زيارته للآخر فيها شيء من عدم اللياقة أو أنها غير مناسبة للمقام أو أن ينتظر أن يبدأ الآخر بالزيارة كي يزوره، ومن الظريف أن الآخر أيضاً ينتظر منه أن يزروه ليرد إليه الزيارة، حتى ينتهي الحال الى عدم حصولها من أي منهما، وهو ما يعبر عنه بلغة المنطق الدور، وقد يثير عدم تبادل الزيارة عند الزائر من قبل مزوره إحساساً بالاستغراب الذي قد يترتب عليه آثاراً تذهب بنفسية وحلاوة وضرورة التزاور بين العلماء، وكل هذه وغيرها سببها الأنانية وحب التفوق والبروز، وأني أعلى مقام من غيري فينبغي أن أكون مزوراً لا زائراً وكل ذلك لغياب جانب الإيثار والتضحية والابتعاد عن كل ما يعكر صفو العلاقات الإنسانية والأخلاقية بين العلماء وزيادة أواصر التقارب والترابط، وبالتالي زيادة اللحمة والوحدة، وإتحاد الموقف، والتشاور في الأمر والاستعانة بآراء الغير، انطلاقا من مبدأ – هذا مبلغي من العلم – لا قد حققناه بما لا مزيد عليه.

1)    أصبحت مكاتب المرجعيات أشبه بالثكنات العسكرية ولا يستطيع المقلد أن يرى مرجعه أو يستفتيه وإن لقيه لا يسأل ولا يتكلم يُسلّم ويخرج فقط، يستثنى البعض منهم.

ج 2/ الاعتذار لهم بصعوبة وخطورة الوضع الأمني، واستهداف العلماء أصبح من أولويات الإرهابيين والقتلة وهذا يدفع باتخاذ إجراءات تشددية أمنية وإدارية، كما إن كثرة الطلبات أو المراجعات بما لا يسعه وقت استقبال الناس قد يؤدي الى الاكتفاء بالسلام في أغلب الأحيان، إلا أنني أعتقد إن عنصر الشجاعة ضروري في مرجع التقليد الذي ينظر إليه العامة من الناس بأنه ممثل الإمام (عليه السلام) في زمن الغيبة وإنه الممثل الشرعي له، وحيث لا خلاف ولا إشكال في اتصاف الإمام بالشجاعة فكذلك الممثل له.

وخصوصاً إننا نحتاج لهذا العنصر في هذا الوقت بالذات أكثر من أي وقت آخر. ثم أنه لا بد من إعطاء فرصة مناسبة لجمهور الناس المتعطشة للتعرف  عن قرب  بالمرجع وإثارة الأسئلة المناسبة في إطار حاجتها لمعرفة جواب الفقيه، كما إن العديد منهم قد يكون صاحب مشروع ورؤية في مجال اختصاصه يستفيد منها العالم في تشخيص كثير من الموضوعات المستجدة في هذا العصر.

3) تحكّم أولاد المراجع بالمكاتب وأيضاً بالأموال العامة وهو أمر جديد على الحوزة فأصبحت وراثية صرفة.

ج 3/ سمعت من السيد الشهيد الأستاذ (قده) الصدر الثاني يوماً، حينما ذكر أولاد أحد المراجع المتوفين، قائلاً (هي تركة الخلّفه) باللغة العامية، واعتقد أن السبب إن الابن يجد موقعه جاهزاً ومكاناً اجتماعياً متقدماً لا يمكن الى أن يصل إليه بمجهوده إلاّ عبر سنين عديدة وتعب مستمر، وها هو جاهز أمامه وعليه أن لا يفوت الفرصة أللهم ألا أن كان من أصحاب الفطنة والكياسة والنصيحة، ويذكرني موقف تعتز به الحوزة عندما توفي المرجع الديني الكبير السيد محسن الحكيم (قده) وطلب العامة من ابنه الأكبر السيد يوسف وهو عالم جليل أن يتصدى للأمر بعد أبيه، فكان جوابه رائعاً ها هو السيد أبو القاسم الخوئي فعليكم به، فلم يتأثر بالجاه العظيم الذي أسسه السيد الحكيم(قده) بعلمه وكفاحه.

2)    تستخدم العمامة لتسهيل الأمور في الوزارات الرسمية وتأخذ في المقابل أموال طائلة كالتعيين والوساطة وغيرها.

ج 4/ أخذ مثل هذه الأموال في نظري حرام، وسحت لأنه لم يفعل في مقابلها شيء يستحق عليه أخذ هذه الأموال وإذا كان رجل الدين لم يعمل المعروف إلا في مقابل من المال فكيف حال الآخرين، وهو يمثل قدوة وأسوة يتأسون به في تصرفاتهم، ثم هل تكون العمامة وسيلة لاكتساب بهذه الطريقة المسّفة التي تذهب بقيمتها الاعتبارية في التأثير في نفوس الناس نحو الطاعة والالتزام الديني، فإذا هي سقطت في مثل هذه الأجواء المادية واستغلت العمامة بهذه الطريقة البشعة فأية قيمة تبقى لها.

مع إن العمامة تيجان العرب كما ورد عن رسول الله الكريم (صلى الله عليه وآله)، ومثل هذا الفعل يدفع الآخرين الى محاولة عكس هذا الفعل على جميع المعممين وتوصيفهم بوصف لا يروق لهم ولا لمكانة العمامة، وقد ينجّر الى أعلى قيمة الهرم في الحوزة العلمية إذ لم يتخذ فتوى واضحة وصريحة في هذا الصدد، تدين إن لم تحرم هذا الفعل من المعمم الذي فتح الأفواه على الحوزة وقياداتها الدينية.

3)    يوجد من الطلبة من يقبض الحقوق الشرعية عوضاً عن الحاكم الشرعي ويصرفها بغير أذنه.

ج 5/ يقول النص القرآني (( ذلك بما قدمت يداك وإن الله ليس بظلام للعبيد)) الآية 10 الحج. وأرجع إلى القول بمسؤولية الناس في إيصال الحقوق لمثل هذه الشخصيات الذين لا يرون الأموال إلا مغانم لهم ولذويهم، ويذرون بعضاً منها قليلاً لبعض المساكين والفقراء إيحاءاً منهم بصرفها في وجوهها الشرعية، ولو علم الواحد منهم وأطلع على أهمية وخطورة هذه الأموال لما أرتكب ذلك إلا بعد التحرز والتثبت والاحتياط فيها كثيراً، لينظر الى قول الصادق (عليه السلام): ما أهون ما يدخل أحدكم النار، قيل، كيف؟ قال: بأكله درهماً من مال اليتيم ونحن اليتيم.

4)    ركاكة معظم الطلبة في الدروس مما يكشف عن قاعدتهم العلمية الضعيفة وكذلك لا يمتلكون المعلومات العامة فيكون فهمه فقط محصور بالدرس الفقهي وهذا الأمر يبدو جلياً عندما يرتقي المنبر الحسيني أو الحوارية العامة.

ج 6/ ربما لقلة الشعور بالمسؤولية الشرعية أو الاجتماعية، الأمر الذي يقلل من درجة حرص الطالب على توسيع دائرة معارفه الإسلامية ليغطي أكبر مساحة ممكنة من احتياجات الناس للمعرفة في مختلف جوانبها العقائدية والأخلاقية والفرعية، ناهيك عن التاريخ الإسلامي وغيره من اللغة والأدب والأعراف الاجتماعية والأبعاد العشائرية الذي يعتبر الإلمام بشيء منها مهماً ومفيداً لطالب الحوزة.

5)    بعض الطلبة يطلق لنفسه العنان ويرى نفسه فيضع خابيته العلمية مع العلماء الناطقين فيرد وكأنه مجتهد ويتجاوز على مقاماتهم ظناً أنه لا فرق بينه وبينهم من باب الوهم وتارة من باب التعنت.

ج 7/ يوجد مثل هذا النوع من الطلبة، والسبب هو الاغتراء ببعض المعلومات التي أكتسبها من خلال الدرس الأمر الذي يدفعه لرفع الفوارق العلمية فيما بينه وبين بعض العلماء، ويترتب على ذلك أمور قد لا يلتفت إليها البعض، مثل إرباك الواقع الحوزوي، وإفقاده لضوابط التدرج العلمي، والاستهانة بالعلماء والإيحاء بضعف الحوزة، وقلة اهتمامها بالعلماء كما وضح هذا الأمر جلياً عندما صمتت الحوزة إزاء الاعتداء الذي قامت به الحكومة بمداهمة بيت أحد العلماء ولم تنبس ببنت شفه، والمؤسف المحزن إن بعض النسوة ممن يشاركن في العملية السياسية قد أدانت العملية واستنكرتها بشده، وبعض القادة الأكراد أيضاً.

6)    التناحر والتنابز بين الأساتذة والطلبة وكل يريد أن يخضع الآخر لطريقته المثلى ويملي عليه أفكاره.

ج 8/ هذا من سلبيات الحالة الحوزوية الجديدة ومن إفرازات الواقع الجديد بعد الاحتلال، وقد امتزجت أفكار بعض الطلبة بشيء من مفاهيم السياسة، واتخاذهم مواقف بإزاء جملة من القضايا بإيحاء من أنفسهم لمن يقلدونهم، وقد أثبتت بعض وقائع الأحداث خطأ جملة منها، مما أوقعهم في ارتباك واضح ما بين ما اعتقدوا بصحته، وبين واقع الأمر الذي تبين خطأ معتقدهم وهو ينعكس سلبياً على ما التزموا بصحته، حيث كشف الواقع زيف هذه الصحة مما أضطر البعض منهم الى الدفاع عن قناعاته ومحاولة إخضاع أو إقناع الآخرين بصحة هذه القناعات، والطرف الآخر يفعل بالمثل مثل هذا الطرف مما يوقع  التناحر والتنابز بينهم.

9) كثرة زواج المتعة بين الطلبة بشكل مبالغ فيه ونرى تحت أحدهم أثنان أو ثلاثة وربما أكثر وهو أمر غريب جداً وأن كان حلالاً ومشروعاً.

ج 9/ لنا كلام لا ينبغي طرقه في الوقت الحاضر حول هذا الموضوع، والذي ينبغي أن يقال إن كثرة التمتع المشروع قد ينمي القوة الشهوية عند طالب العلم فيندفع تحت ضغطها والحاجة الى إشباعها لترك بيت الزوجة أو إهمال الزوجة، وقد يؤدي به الى الوقوع في الحرام والعياذ بالله من حيث لا يشعر، أو يغفل عن ذلك، حيث يتساهل في واقع من يتمتع بها حينما يعتمد على قولها بدون تدقيق وفحص.

10) كثرة السالكين وارتمائهم على قبر السيد علي القاضي (قده) ولا يطلب من سيد العارفين أمير المؤمنين (عليه السلام) والإثارة فيها أنهم يربطون العرفان بزواج المتعة فهما قرينان لا يفترقان حتى يصلوا إلى مراحل متقدمة من باب الرياضة الدينية والروحية.

ج 10/ المتعة المشروعة رغبة متعلقة ببعض حاجات البدن في هذه الدنيا، والعرفان هو الإعراض عن الرغبات الدنيوية كمقدمة لسلوك هذا الطريق والاكتفاء بالأقل المجزي، وإلا كيف ينفتح طريقه لمن له أدنى تعلق ببعض الرغبات الدنيوية، بل أهمها وهو الجنس.

وأما ترددهم على قبر السيد القاضي، فلعله في نظرهم هو الباب الذي ينبغي طرقه قبل طرق باب المعصوم (عليه السلام)، وربما هو من يمهد طريق طرق باب المعصوم، وله وجه عرفاني لا ينبغي أن أقوله الآن.

 

v   استفتاءات

سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

عندما كانت ولا زالت النجف الأشرف هي حاضنة العلماء والمفكرين والشعراء من كل البلدان ولكن نجد بعضهم وهو خارج العراق يريد أن يطرح نفسه مرجعاً ولكن المتعارف لابد له المؤهلية لطرح الحل من خلال ارتباطه بالمجتمع وطنياً وعشائرياً واجتماعياً.. والسؤال هو: إذا لم تتوفر بهذا الطارح نفسه هذه المواصفات والارتباطات هل يمكن له طرح نفسه كمرجع؟

والسؤال الآخر: ما هو الفرق بين المرجع والمجتهد؟

السيد سعد المولى

 

الجواب

ارتباط المرجعية الدينية اقصد شخص المرجع مع المجتمع في غاية الأهمية وأقصى الضرورة لأن ارتباط المرجع بعموم الامة وطنياً وعشائرياً وتواجده في الساحات الاجتماعية واعتنائه بشؤون الأفراد ومتابعة مشاكل الناس، ورعايته لهم ومتابعة مصالحهم وما يصلح حالهم في دينهم التزاماً وعقيدة وأخلاقاً، وتفعيل دوره في استنهاض الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها كثير تعتبر من أهم وابرز ما ينبغي أن يتوفر عليه المرجعية الدينية، فهي بهذه العلاقات والارتباطات الواقعية تتمكن من القيام بالمهم من واجباتها في تصديها لشؤون الأمة، ورعاية مصالح المسلمين وبدون هذه الروابط والعلاقات، فإنها ستجد صعوبة واقعية في عملها وتصديها، لشعورها بعدم الرابطة التي تتلمس من خلالها حقوقاً لها على الأمة وحقوقاً للأمة عليها وسيكون أدائها مقتصراً على بعض الأمور الكلاسيكية من الدرس والفتوى، واستلام الحقوق وإعطاء الاذونات، حتى هذه لم تقدر على إتمام أدائها بدون العلاقات المذكورة وستلجأ إلى بعض المرتبطين بها في إتمامها، قد لا يكون أداؤهم منسجماً مع ما تريده المرجعية وبالتالي ستنعكس كل سلبياتهم على دورها فهي تتحمل ما يقعون فيه من الخطأ وقد لا تستطيع اتخاذ موقف حاسم بحقهم وتصحيح تصرفاتهم لشعورها بالحاجة إليهم ولو بهذا المقدار.

إن الارتباط العشائري والوطني والمناطقي أمر مهم جداً في التصدي للمرجعية الدينية كما نعتقده ونظرة إلى تاريخ المرجعيات عندنا يخبرك بصدق القول، وعليه فإن تصدي من لم يمت إلى الشعب بصلة أمر غير واقعي وقد أشار سيدنا الشهيد (قده) إلى ذلك وأن المرجعية يجب أن تكون قريبة المشرب لمن يتصدى لهم ويدير شأنهم حتى لا يتحكم فينا غيرنا على ما قاله السيد الشهيد الثاني في اللقاء الخامس، وينطلق هذا القول من النص القرآني (وما بعثنا من رسول إلا بلسان قومه)، وعلى الأمة عدم الانجرار وراءه والقبول به فإنه في غير مصلحتها أكيداً، لأنه لا يملك عصب القيادة وتوجيه دفة المرجعية بشكل واقعي وميداني.

وأما الفرق بين المرجع والمجتهد فقد ذكرناه في العدد الأخير للنهج.. فراجع.

قاسم الطائي          

16 شعبان1432هـ