You are currently viewing نشر النهج العدد 146

نشر النهج العدد 146

       محرمات في داخل اجهزة الدولة           

في نطاق الشرطة حيث تباع السيطرات بعدة شدات (مائة ورقة فئة مئة دولار) وقد تصل الى مليون دولار أو يزيد أو تقل، وفي هذا عدة مخالفات:

المخالفة الأولى: أنه يتجاوز الاستحقاق الوظيفي الى من يدفع هذا المبلغ سواءً استحق ان يكون مسؤولاً عن هذه السيطرة أو لا.

المخالفة الثانية: ان هذا الموقع تكليف وظيفي بحسب النظام المعمول به في المديرية أو الوزارة، وعليه فلا يكون من ثمة مقابل للمال المأخوذ فيكون أكلاً للمال بالباطل، يحرم أخذه.

المخالفة الثانية: ان الدافع  سيفكر بارجاع هذا المبلغ بسرقة، وليس من ثمة وسيلة الا عبور ما لا يجوز عبوره في مقابل آلاف الدولارات وقد يكون العابر ارهابي أو مفخخة أو كل ما يقتل الناس ، فيتحمل المعبِّر مسؤولية ما يحصل تكليفاً كما هو واضح ووضعاً أي ضمانات ما يحصل من ازهاق للأرواح وتدمير للممتلكات، لأنه مسبب وهو أقوى من المباشر في هذا المورد إذ لولاه لما تمكن الفاعل من ارتكاب جريمته.

ناهيك عن عبور ما لا تقبل به الدولة والقانون والعرف كالمخدرات ووسائل القتل من الاسلحة والسموم، وأدوات الانحلال والتحلل، ويتحمل تبعاتها المعبِّر.

ناهيك ان هذه الدماء ستشكوه الى الله يوم القيامة  فيقوم المقتول فيقتله كما فعل به في دار الدنيا ثم يؤمر به الى النار خالداً فيها.

2- غلق أو تغيير ملفات النزاهة والتلاعب بالاوراق الاستنادية للاتهام لقاء مبالغ خيالية يأخذها مسؤول النزاهة لتبرئة ساحة المجرم، فيعود هذا الى ممارسة فساده ومخالفته ويكون مسؤول النزاهة قد اعانه في اجرامه وتطاول على حق الدولة في محاسبته وخان وظيفته واغضب ربه.

وهذه الجريمة لا تختص بوزارة دون اخرى فهي جارية في جميع الوزارات ومجلس الوزراء كذلك ودائرة القضاء ورئاسة الجمهورية.

3- أخذ الراتب وعدم الدوام أو التفريغ لعمل خاص بالمسؤول عن هذا الموظف ممن يشغل هذا الموظف الى مكتبه الخاصة وهو محسوب على الدائرة الفلانية ويتقاضى راتباً شهرياً بلا مقابل إلا اذا كان المسؤول قد نظم عمل موظفيه بحيث يكون دوام البعض لأيام قليلة ويسري على الجميع، وهذا ايضاً لا يختص بوزارة دون أخرى.

4- الوظيفة غير الاستحقاقية لمجرد كونه من الاقرباء والاصحاب مع عدم استيفاؤه لشروط هذا المنصب يكون  ما زاد عن راتبه الواقعي الذي يستحق بمؤهلاته لا موجب له فيكون سرقة من الدولة  وعندنا غير مسموح ومال مسروق وليس مجهول المالك.

5- بيع المناصب من مدير عام، ورئيس دائرة وقد يطال البيع الوزارة كما هو حاصل، وهذا البيع باطل لأنه لا يملك المنصب ليبيعه وإنما هو مشرف عليه يتبع في ارادته له الضوابط المطلوبة، ويكون حاله كحال متولي المسجد ليس له ان يبيع المسجد بل يدير شؤونه بما فيه مصلحته.

وإذا بطل البيع فلوازمه باطلة، ومنها أخذ المال فأنه من أوضح مصاديق أكل للمال بالباطل، ويتحمل البائع كل المظالم التي ستقع من المشتري إذ من المؤكد أنه سيسرق أو يحتال على المال العام ليسترجع ما دفعه لأجل حصوله على هذا المواقع، باعتباره مسبباً ولولاه لما أمكن الآخر من ارتكاب المفاسد والمظالم.

6- بيع الصوت البرلماني أو في مجلس المحافظة من أجل ترشيح شخص لمنصب وزير أو محافظ، فأن بقي للوصول الى هذا المطلب بعض الاصوات وهي تقبله قبال مبالغ ضخمة كما سمعنا من هنا وهناك، فاعطاء المال لأجل المنصب حرام، وأخذه كذلك لأنه أكل للمال بالباطل.

7- رفع معدلات اسعار المشتريات للدوائر بشكل عام من قبل لجنة المشتريات حيث يتفق مع التاجر لرفع سعر البضاعه المشتراة بسعر وحملها بسعر أعلى قد يحصل الى أضعاف مضاعفة، فأن الزيادة تعتبر سرقة من الدولة ونحن لا نجيز بها وتعتبره محرمة بلا وجه لتمريرها بالإجازة من قبل حكم الشرع.

                                                                                                                 قاسم الطائي

                                                                                                               النجف الاشرف

                                                                                                               2 ربيع2 1440

 

                  جغرافية الاذان

المسلمون يعلمون جيداً فقرات الاذان للصلوات اليومية، مع اختلاف في بعض فقراته  بين اتباع أهل البيت (عليهم السلام) واهل العامة كما ولا يخفى على الفطن من المسلمين، وإذا أخذنا فقرات الاذان على طريق الاثني عشرية أربع تكبيرات، شهادتين لله (جل جلاله) بالوحدانية، وشهادتين للرسول (صلى الله عليه وآله) بالرسالة، وشهادتين للأمير (عليه السلام) بالولاية وحي على الصلاة مرتين ومثلها حي على الفلاح، ومثلها حي على خير العمل وهذه الحيعلات مناسبة. مع الشهادات الثلاثة، فالجهة الأولى حي على الصلاة مناسبة مع الشهادة لله بالوحدانية، لو فهمنا من الصلاة الصلة بين العبد وربه وهي مرحب بها وبها استقرار الفرد واطمئنانه، والثانية فيها من الربط مع الشهادة الثانية لأن الفلاح يعني النجاة والفوز وبالشهادة الثانية بعد الأولى تحصل النجاة وبضم الثالثة، وهي مناسبة مع حي خير العمل لأن قبول الاعمال لا تصح الا بها وعلى ذلك كم هائل من الروايات يعرفها أهل الاختصاص من طلبة الحوزة العلمية ثم تنتهي الفقرات حيث أبتدأت بلفظ الجلالة في فقرة لا اله الا الله هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى نعتقد ان الفقرات يمكن توزيعها جغرافياً على مناطق الارض، واليك تفصيل مع الاخذ بأن هذا التوزيع مؤقت يناسب واقع جغرافية الارض الآن.

الفقرة الأولى الله أكبر فُسرت في الروايات بأن الله أكبر من أن يوصف لا أنه أكبر من أي شيء وإلا صار محدوداً وهو سبحانه ليس كذلك، وهذه الفقرة تناسب الولايات المتحدة لأنها تعتبر نفسها أكبر دولة من حيث الاقتصاد والقوة، وبهذه الفقرة يقال لها بأن يد الله أكبر منكم وأنكم لا شيء عنده وأمامه ولو أراد بأية لحظة تدميركم وإفنائكم لفعل ولكن لحكمته آفاق منها ان الظالم وأنتم يا أمريكا ظلمة سيفي انتقم به وأنتقم منه، ولعله انتقم بهم من الاتحاد السوفيتي سابقاً.

والشهادة الأولى تناسب أهل الكفر والالحاد من الاتحاد السوفيتي سابقاً وبعض شعوب اسيا التي منها الصين وتايوان وغيرهما.

والشهادة الثانية موقعها الجغرافية هو أوربا وعموم امريكا وأوربا أكثر لأنه لا يدينون بالرسالة المحمدية، وعلى دين الرسالة العيسوية شكلاً لا مضموناً، ولعل تخوفهم من المهاجرين المسلمين ونشرهم  الاعلان بالشهادة الثانية لرسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله)، هو ما يبرر تخوفهم.

وإما الشهادة الثالثة تناسب شبه الجزيرة العربية ومدينة مكة والمدينة (أم التسنن) كما يدعى التسنن بالمعنى القائم عندهم لا واقعه  فأن المتسنن هو من يتبع الرسول بأقواله وافعاله ومن اقواله الولاية لعلي بن ابي طالب (عليه السلام).

وستكون فقرات الآذان من الحيعلات لإرشاد وتنبيه ونصح الآخرين ((حي على الصلاة )) للصين وروسيا وأن اهل الالحاد عليهم الرجوع الى الله سبحانه.

وحي على الفلاح لأوربا بالرجوع الى الرسالة الخاتمة مع شعوب الامريكيتين وحي على خير العمل لأرجاع أهل الجزيرة وبقية المسلمين الى حقيقة الاسلام التي تكتمل بالولاية.

وستكون الفقرة الاخيرة منه (لا اله الا الله) منتشرة على عموم الأرض ومنها يتفرع ما سبق.

9/ جمادي1 1440

 

           حوار ثقافي معاصر

الى سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

س1/ ماهو المعيار الثابت في الاحكام الشرعية، هل هناك اتفاق بين الاصوليين حول معيار التمايز بينهما أم أن الموضوع راجع الى الاجتهاد الشخصي  والذائقة الفقهية للفقيه نفسه؟

ج1) في نظري لا يوجد ثابت ومتغير في الأحكام وإنما  المتغير في الموضوعات فهي المتغيرة وتبعاً لها تتغير الأحكام إذ الحكم تابع لموضوعه، والاخير يتغير مع مرور الزمن إذا كان من الأمور الخارجية لا المستنبطة، ومن هنا ورد حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة.

والموضوع الراجع الى الذائقة الشخصية هو الذي لا حقيقة شرعية ولا متشرعية وإنما أوكله الشارع الى الفقيه كالغناء الموضوع للحرمة.

س2/ هل تتبنون موضوع اشكالية اسلمة المعرفة – كما يطرحها البعض من المفكرين المعاصرين وهل تتبنوه على مستوى النظرية أم ان هناك من حوّل  أسلمة المعرفة الى مشروع ومنجز تطبيقي؟

ج2) أساساً لا توجد معرفة غير اسلامية، وكل معارف الأرض هي اسلامية بل وأمامية ولذا ورد عنهم (عليهم السلام) شرقّوا غربوا لم تجدوا علماً الا ههنا.

ثم لا موجب لهذه المصطلحات واستيرادها من الغير فأن في لغتنا العربية الكفاية،  والعمق والانتشار على كل علوم الأرض ومصطلحاتها فَلِم لا نركز نظرنا على مصطلحاتنا ونشبعها بحثاً وتنقيباً لنثري معرفتنا وتزداد ثقافتنا وينتشر وعينا.

نعم نحن نتبنى طغيان المعرفة الاسلامية في كل شؤوننا الحياتية من السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمفاهيمية بلا حاجة لأستيراد مصطلحات غربية والتأكيد على مصطلحاتنا الاسلامية كالتعارف والتراحم والتوادد وهكذا.

س3/ ما هي أهم المداخل الابستمولوجية في نقد الاسس الفلسفية والمعطيات العرفانية لمقولة بسط التجربة النبوية التي تبناهما بعض المفكرين المعاصرين كالدكتور عبد الكريم سروش؟

ج3)  النظرية مبنية على مقدمتين لا ينطبقان على الشريعة، الأولى تداخل العلوم، ولفهم معنى نحتاج لعدة علوم ، والثانية ان العلوم متحركة مع مرور الزمن فتستحدث نظريات وتموت أخرى،، فالعلوم متغيره وهذا يؤدي الى ان أية نتيجة تبنى على هذه العلوم فهي متغيرة وهذا المعنى لا يمكن تطبيقه على الشريعة.

لأننا نعتقد بالوجود لله لأنه أمر فطري ثابت وهو لا يقبل الاستدلال، وكذا النبوة فقد عرفناها بالقطع واليقين، الناشئ من التواتر، ومع ثبوتها فأن المقولات النبوية ثابتة وغير متغيرة، وهكذا بقية العقائد.

وبعد ان ثبت عندنا القرآن بما لا مجال للشك فيه أثبتنا النبوة وبقية العقائد وهذه أصول الايمان ثابتة لا تتوقف على العلوم البشرية ليأتي عليها ما ذكر.

نعم الفهم البشري للنص الشرعي يختلف بحسب اختلاف الناس وبيئة تربيتهم وثقافاتهم وسلوكهم واهدافهم في الحياة.

الا ان هذا الفهم لا يمثل القراءة الصحيحة للدين لضرورة الرجوع الى أهل الاختصاص والدراية في الشريعة، وبالتالي يقلل الخلاف الى بعض الاراء  وهذا لا يختلف بالاصول الايمانية من التوحيد وغيره، وإنما يختلف في التفاصيل الشرعية التي هي بحسب طبعها متغيرة لتغير الزمان والمكان، وهذا منظور اليه في الشريعة وأما الثابتة فالصلاة والصوم وغيرهما من ضروريات الدين.

وإن حصل اختلاف بين هذه الطبقة  يرجع الى من نصّبه الله لرفع الخلاف وهو الامام المعصوم، وهناك مصالح لغيبته في وقتنا.

مع نقطة في غاية الأهمية لم يلتفت اليها وهي اننا نعتقد وجميع المسلمين بأن الاسلام سيظهر على الاديان كلها وان البشرية تتغير وتتطور فالفكر الانساني قبل مائة عام ليس هو الفكر الآن، وما هو الآن ليس هو بعد مائة سنة وهكذا.

وحينئذٍ نسأل هل الانسان مكلف بالدين الذي تفهمه بعد مائة سنة أو هو مكلف بما يفهم من الدين الآن، فهو في فهم للدين الاب ليس نسبياً ولكنه  للانصاف ليس مطابقاً للواقع الذي سيكون بل هو قريب المطابقة لما وصل اليه الفهم البشري الآن، فالحقيقة الدينية يمكن التوصل اليها، ولكنها ليست هي حقيقة الدين الكامل حينما يظهر الاسلام على الاديان كلها.

وتعلم ان الانسان مكلف بما تسعه قدرته، وما تسعه هو هذا الدين بهذا الفهم.

ولا بد من ان يفهم بان المسلم مكلف باتباع الطريق المرسوم من الشارع لا أنه مكلف بالوصول الى الواقع ومطابقة اعماله له، فهذا لم يقبل به، وإنما سيتجلى عند ظهور إمامنا الحجة (عجل الله فرجه) الشريف

والكلام الشرعي صادر من ليس كمثله شيء فهل كلام لا كمثله كلام لاستيعابه ورسالته لكل الناس دون تحيز أو طائفة او جغرافية وصاحب النظرية من المؤكد لا يفهم كنه هذا الكلام وعليه لا يمكن وصفه بالنسبية.

س4/ قطع القاطع حجة كما هو مألوف في الدرس الاصولي المدرسي فهل يلزم من ذلك تصحيح سلوك الارهابيين المتطرفين المنطلقين من قطع خاص بغض النظر عن حقانية المقطوع به أم لا.

ج4) لا بد من النظر الى المقطوع به فأن كان ضمن الثوابت الشرعية والاسس العقلية الثابتة، بل والأعراف المقبولة كان حجة لا مطلقاً وقد اسسنا له في البحث الخارج – راجع ج6 من الوسيط في كتابنا الأصولي.

س5/ ان الاجتهاد في فروع الدين- يحقق المعذرية – فلماذا الاجتهاد في اصول الدين لا يحقق المعذرية ونحكم عليه بالارتداد ونطبق عليه الاجراء العملي؟

ج5) لأن الفروع لا يمكن العلم بها جزماً غالباً والقطع بها يقيناً الا الضروريات بخلاف الاصول لبنائها على الاستفادة العقلية وهي ثابتة، ومن هنا فقد يقع في الفروع خطأ ثبوتي كان وأن الطريق الاثباتي صحيحاً، فاقتضى الأمر ان يكون المكلف معذوراً بخلاف الاحكام الناتجة من اطار العقل فمطابقتها ممكنة أو متعينة على ان الفروع المتبع فيها الطريق لا اصابة الواقع بخلاف الاصول، فمن اتبع الطريق المرسوم للاستنتاج الفرعي، وأخطأ فهو معذور، على ان الخطأ لا يعذر في الاصول لأن مساحة قبولها ضيقة جداً بل لا تقبل التوسعة كالفروع، ومسائلها قليلة مقارنة مع الفروع.

س6/ (هرمنيوطيقا النصوص الدينية) بحكم التصنيفات المدرسية وأدراك حجم الاختلافات في المعارف الدينية يستلزم تقبل هذه الآلية، وهذا يستلزم سلب الوثوقية عن المقولات الدينية وتحكم الظني على اليقيني في دائرة الاصول والفروع ومن هذه الحجة لم تتم الحجية على الناس لأنتفاء اليقين؟

ج6) هنا خطأ في ما يسمى بالهرمينوطيقا، وهي اننا نتنحى عن مراد المتكلم مع ان الدين في خطاباته بل في كل خطاب ديني أو غيره انما يقتنص معناه من خلال مراد المتكلم لا بغض النظر عن مراده وإلآ اصبح الكلام خارجاً لا مدلول له ولا معنى يعتنى به، كالنائم إذا تلفظ بالماء فأن هذا الكلام وهو ارادة الماء غير مطلوب من جهة فقدان احساس النائم، وعدم أرادته له.

فإذا ما فتح المجال لهذا الاتجاه ستتشعب الاراء وتتعدد وكلها لا تصيب الحقيقة، ولا تدور حولها، وهي ارادة المتكلم التي يجب معرفتها أو القرب منها لتنفذ أو لتعصى.

ففي الكلام إرادة للمتكلم ينبغي ملاحظتها ويجب رعايتها.

س7/ ما هي حدود العلاقة بين – الايمان والعقل- في دائرة المنظومة الفكرية العامة؟

ج7) العقل يدعو الى الاديان وقد ورد العقل ما عبد به الرحمن ومعناه ان حد العقل المفضي للاديان هو هذا.

وليس هو الا الخالي من الشوائب والاوهام وامتزاج العادات والتقاليد وإن كانت متبعة  لأنه حينئذٍ يسمى بناء عقلائي لا عقل ومع الامتزاج قد يخطأ العقل طريق الايمان وقد يستولي الهوى على قوة النفس والعقل فيتيقن أمراً ولكن لا يؤمن به – وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ–  (لماذا) ظلماً وعلواً، حين لا تنقاد نفوسهم الأمارة بالسوء الى احكام العقل وإلتزام احكامه وهي الايمان بالله ولوازم هذا الايمان.

س8/ ما هي نظريات – حدود الدين ومدياته وتوقعاته – باعتبار ان هذه المسألة أحدى اطروحات الفكر المعاصر؟

ج8) الدين ثابت في علاقة الانسان بربه، وطريقة هذه العلاقة في التعامل بين الطرفين وبين الانسان وأخيه الانسان الآخر  وبين الانسان ومفردات الكون، في منظومة ثابتة من الرب والرسول (صلى الله عليه وآله) وهي لم تترك صغيرة ولا كبيرة الا نظمتها في اطارها الصحيح الذي يرسم للانسان ملامح سيره في هذه الدنيا لما فيه صلاحه وخلاصه في الدنيا والآخرة.

فالدين منهاج الطريق الدنيوي للانسان ليعيش الحياة الحقيقية الابدية، فهو محدد وثابت والمتغير في مفردات موضوعية قد رسم لها مناهج لمعالجتها تاركاً طريقه علاجها والتعامل معها بتفاصيلها الى الانسان، إذ من غير المعقول أن يرسم لها تفاصيل معينة وهي متغيره على طول عمود الزمان.

وهذه النظريات ترف فكري غير سليم غايته اضعاف ودين الناس والتشويش على التزاماتهم الدينية القائمة على اخلاق عملية، القائمة على عقائد حقانية.

س9/ كيف نثبت ان الخطاب القرآني متجاوز للزمان والمكان وهل ان الخطاب القرآني لا يشمل غير المشافهين وما هي الاطروحات المذكورة في هذا المجال؟ علما ان القرآن لم ينص صريحاً بأن متجاوز للزمان والمكان ؟

ج9) واضح من خلال حقانية مدلولاته وسعتها لكل افاق الزمان والمكان والتجربة الانسانية في التعامل معه اثبتت ذلك لأن القرآن حقائق نازلة بلغة الالفاظ وما دامت حقائق فهي ثابتة وباقية الى ان يرث الله الارض وما عليها، والمتغير فيها هو فهم الفاظها وهنا محل الاختلاف، فنظرة سريعة الى التفاسير يهتدي المنصف الى خطاب غير محدود ولا يختص بزمن دون آخر ولا بمكان دون آخر، ونظرة الى بعض آيات من قبل (ليظهره على الدين كله) يتجلى تجاوزه إذ لا ظهور له الآن على تمام الأديان، وإنما يظهر لأنه يجيب على كل التساؤلات البشرية، ولا يزال يقدم للمشكلات العلاجات، في ما واقفت بقية الاديان عند حدود معينة لا يتجاوزها ولذا فهي تمارس كطقوس وليس شعائر دينية ذات مداليل تربوية انضباطية.

س10/ ما رأيكم بـ مجال التنمية البشرية علماً ان هذا المجال أخذ مداه وأثره من بعض النخب الثقافية والشباب المتطلع لكل وافد عربي ومنجز حضاري؟

ج10) فيما تقدم من جواب السؤال السابق بعد اتضح بأن الدين مستوعب لكل مشاكل البشرية لو طبق بمدياته ورسومه الواصلة الينا، ومستوعب كل ما يطرأ على هذه الحياة، ويقدم لها ما هو مناسب لها من علاج، ولا حاجة الى تقليد الغرب، فأن التنمية بدون استقلال وابداع لا تتم، مع الفارق الكبير في ظروفنا عن ما هو في الغرب، ومع اختلاف الظروف الموضوعية من المكان ولوازمه لا يمكن تطبيق وتسرية النظريات الغربية الى عالمنا الاسلامي.

انظر تسرية الديمقراطية الى بلدنا ونتائجها المدمرة وتصدير مصطلحات الارهاب والعولمة وغيرهما ونحن نركض لنبين حدودها وهي عنا بعيدة.

س11/ ما رأيكم بدعوى – أنسنة الوحي – ونظرية أئمة أهل البيت هم علماء ابرار وليسوا ذوات معصومة تستحق القداسة بحسب ما هو في الذاكرة الشيعية؟

ج11) لنسأل هؤلاء كيف يكونوا علماء ابرار ولا طريق لهم الى تعلم هذا الكم الهائل من المعارف التي توزعت على كل الحاجات الانسانية إذ ما من شيء الا وتجده عندهم، وهذا المعنى لا يستطيع الفرد ولو اضيف له اضعاف عمره ان يكتسبه، ومع الاكتساب هو قابل للنسيان والتغيير، وهذا لم نجد له أثراً عند أئمة أهل البيت فضلاً عن جدهم الرسول (صلى الله عليه وآله).

ومع عدم معقولية هذا الطريق، يبقى طريق آخر وهو طريق الوحي النازل على جدهم الرسول  ومنه اليهم، وهو ما يتجاوز الحدود الزمانية والمكانية.

ولولا الوحي لنضب ما عندهم فهم يزدادون كل جمعة أو كل ليلة قدر، كما في ألسنة بعض الروايات حيث يقول (عليه السلام) لنضب ما عندنا.

وهذا ينطلق من قوله تعالى (كل يوم هو في شأن)

ونظرة بسيطة الى كلماتهم وادعيتهم تجد اللاحدود لكلامهم وهذا يكفي في كونه فوق القدرة البشرية، ولم يكن الا افاضياً وحيانياً.

س12/ ما هو ردكم عن مقولة (نسبية المعرفة الدينية) وما هو المائز بين اليقيني الديني وبين الظني الديني باعتبار ان ما يطرح اليوم هو ان كل معارف الدين ما هي الا فهوم عن الدين وليست هي الدين على اعتبار ان هذه المعارف منقولات تأريخية ناجزة مختلف عن الواقع المعاصر للنصوص؟

ج12) النصوص الشرعية مع ثباتها لفظاً  لكنها متمادية مدلولاً و متضخمة دلالة على مرور الزمن، وعلى هذا فأن الفهم البشري إذا ما وفق لأصطياد حقيقة الدين فهي حقيقة بلحاظ ما وصل اليه مدلول اللفظ من دلالة لا بما فيه من دلالة ضخمة تستوعب الى تمام عمود الزمان وعلى هذا فإذا أريد بالمعرفة الدينية بلحاظ الحقيقة التي هي لمداليل ما وصل الينا، فهي ثابتة وبلحاظ تمام ماله من مدلول مستوعب لعمود الزمان فهي نسبية بهذا اللحاظ، بلحاظ تمام المدلول الواقعي.

مع التأكيد على ان الفهم البشري ضمن الثوابت المطلوبة والممنهجة صحيح ولا غبار عليه ولا يؤاخذ الانسان بأكثر من  ذلك، ومع ذلك هنا من يراعي الدين، ويكون قيّماً عليه وهو الإمام الحجة في زماننا (عليه السلام) إذ لابد من قيِّم وراعي للدين، وإلا لزُوِّر وأندرس الدين كما هو حاصل في بقية الاديان.

وهذا هو بالضبط ما برر لنا انفتاح الاجتهاد وعدم الوقوف على نتاج السابقين، وخصوصاً ان الإمام (عليه السلام) يقول، وأما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها الى رواة احاديثنا، ويقصد بالحوادث هي الاحداث المستجدة والطارئة على الحياة الدنيوية، وإلا إذا لم يرجع الى الفقهاء فكيف نتعامل مع هذه الحوادث.

فليست معارفنا منقولات تاريخية ناجزة،  نعم يستفاد منها في تدقيق النظر وشحذ الهمة في اطلاق فهم جديد للنصوص هذا للفروع، واما الاخلاق والعقائد فهي ثابتة وليست نسبية فهل وحدانية الله نسبية، وهل قبح الظلم نسبي، وهل اعانة الملهوف نسبي…، ولتأييد هذه الفكرة نقول هل الشيخ الطوسي (قده) مطالب بفهمنا للدين أو هو مطالب بما فهمه من الدين؟ وجوابه واضح وهو أنه مطالب بفهمه للدين.

س13/ ما هو المقصود من المعرفة المفهومية للحق تعالى بعد تمام المعرفة الخارجية باعتبار أنه الحق تعالى غير متناهي فكيف يحيط المتناهي بلامتناهي؟

ج13) الظاهر ان المراد منها هي معرفة المصطلحات الدينية والعرفانية والفلسفية فيما يتعلق بمعرفة الله، والمطلوب هو التحقق بهذه المعرفة لتكون للعارف مرتبة وجودية اسمى من العارف المفهومي.

والانسان خلق للقرب الالهي  وهو يحب الكمال لأنه يحب ذاته ولاكمال أسمى من القرب الالهي.

وحيث يكون الله لا متناهي والطالب متناهي، فأن المتناهي  يبقى مشدوداً الى اللامتناهي الذي بالقرب منه فيه سعادته وفوزه وحيث لا يمكن، فأن الدافع الانساني يبقى مشدوداً لله سبحانه ليحوز أكبر قدر ممكن من الكمال الذي يشعر به لنفسه بفطرته، فكما وصل الى مرحلة استعد للاخرى وهكذا، والطريق مفتوح لا يقف عند حد حتى يموت الانسان.

والمسألة مفتوحه للجميع واسرع سيراً هم الكمِّل من انبياء الله واوليائه (عليهم السلام) فقد وصل نبينا (صلى الله عليه وآله) الى قاب قوسين أو أدنى هذا كله لتبقى المسيرة الانسانية فاعلة متطورة متقدمة، وكل مرتبة وصل اليها المحدود فهو مسؤول على متطلباتها وغير مسؤول عما فوقها ومن هنا اختلفت تكاليف الرسول (صلى الله عليه وآله) عن تكاليف غيره.

الاحاطة الكنهية مستحيلة ولكن الاحاطة بقدر المتناهي وسعته الوجودية ممكنة ولا يكلف الله نفساً الا وسعها.