هل تعلم

إن الأعاصير التي ضربت سواحل الولايات المتحدة الأمريكية وأحدثت دماراً هائلاً ، أثبتت الوقائع عجز الحكومة الفيدرالية عن التعامل مع آثار الأعاصير ومعالجة الأزمة بأسلوب عملي وواقعي ولا يهمنا هذا الأمر فذالك شأن داخلي ، ولكن من الجدير بالذكر ان عمليات السلب والنهب قد انتشرت بشكل دفعي ومستمر مما أدى إلى تدخل الجيش الأمريكي ببعض وحداته لمعالجة وايقاف هذه العمليات .

      إذن هذه العمليات – المسماة في العرف العراقي الحاضر – حواسم – فقد وقعت حواسم في الدولة المتحضرة كما وقعت عندنا ، والمعنى انه لا فرق بين المتحضر في تقسيمهم للدولة وغير المتحضر – الثاني – كما يحلو للبعض أن يسميه .

      ولكن المفارقة بين المجتمعين هو أن الشعب العراقي قد هب للأخذ لشعوره بان له حقاً في ممتلكات الدولة قد استلبها منه النظام الحاكم وانه محروم من ابسط مقومات الحياة وانه يكابد ليلاً ونهاراً من اجل توفير لقمة العيش له ولابنائه ، وانه يشعر أن السلطة التي سقطت قد ابتلعت ثروات العراق وبددتها في مغامرات صبيانية حتى أوصلت العراق إلى الوصاية الدولية على وارداته النفطية – وكل هذه وغيرها يمكن اعتبارها مبررات واقعية للحسم – أي النهب – حتى انه في الفقه لا تقطع يد السارق لو كان العام عام مجاعة – أي لا يلزم بهذا الأجراء الرادعي لجريمة السرقة لرعاية الحالة العامة والحاجة إلى الطعام لسد جوعه .

      ولكن ماذا تقول لشعب متحضر كما يدعون – مثل الشعب الأمريكي ، فلا حكومة مستبدة ومتخذة مال الله دولاً ولا هي عرضَّّت شعبها للجوع والحصار وليست هي ممن ترك مواطنيها بدون كفالة لسد أمورهم المعيشية بل تضمن لهم مقداراً معين من الدخل الشهري لحين حصولهم على وظيفة ، ولا المجتمع الأمريكي واقع في مجاعة ولا …. .

      فقل لي بربك أي الشعبين يستحق ان نطلق عليه لفظة ( محوسم ) . كما طبل له الأعلام الغربي وكثير من الفضائيات حينما ركزت على أعمال السلب والنهب التي حصلت بعد سقوط بغداد مباشرةً وقد صورت للعالم تخلف الشعب العراقي وتعمد عرض مثل هذه الصور لتسيء لهذا الشعب العريق والأصيل ذي القيم النبيلة والإنسانية التي تنعدم في المجتمعات المتحضرة كما يدعون .

      فهل يستطيع الأمريكي العادي أن يدعو لوليمة يعملها لأكثر من مائة شخص أو مائتين كما يفعل العراقي البسيط في مناسبات معينة ، وهل يشارك تعازيه ويقدم ما يمكنه أن يقدم للمعزى كما يفعل بسطاء بلدنا الكريم بدفعهم ما نسميه واجب ( الفاتحة ) . وهل ………….. ؟

      ) فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) سورة يونس )(