دأبت ادارة محافظة النجف الاشرف عند زيارة شخص ما يمثل واقعاً سياسياً اما داخل السلطة او خارجها ان تغلق منافذ الطرق المؤدية الى المدينة القديمة وهو اجراء احترازي للمحافظة على حياة هذا الشخص ، والسؤال هل هذا الاجراء يستحق ان ترتكب ادارة المحافظة هذا الاجراء الذي يسبب توتراً واضحاً لدى المواطنين وانزعاجاً فاضحاً يترجم في كثير من الاحيان الى سباب وشتم وتذمر وصياح ولعن وانتقاد للسلطة وادارتها ، كل ذلك لان مسؤولاً ما وهو فرد كغيره من الافراد حياته مهمة كما هي حياة غيره ان الكل متساوون امام القانون ، غايته ان موقعه يضيف اليه اهمية اخرى في الحرص على حياته ، ولكن هل تستحق كل تلك الاجراءات المفتعلة ؟
نعم يستحق تأمين طريقة الى المكان المقصود وتوفير حركة سريعة له في التنقل واما غلق الطرق وتحشيد آلاف العسكر وقطع منافذ السبل الى مركز المدينة ، مع انه عصب الحياة الاقتصادية لاهالي النجف التي تتركز على نقل سواق التاكسيات والمحلات التجارية وزوار العتبة الحيدرية المطهرة ، ومكاتب علماء الدين التي يرتادها الزوار للتبرك والسؤال ، فاذا قطع الطريق تعطلت كل هذه المصالح الاجتماعية .
فرد واحد في مقابل نصف مليون مواطن على وجه التقريب متضررين متذمرين ، مع الاعتراف بان الوضع الامني في مدينة النجف يحقق تقدماً على غيرها من محافظات العراق ، مما يعني ان اتخاذ كل هذه الاجراءات اسراف واضح وعمل مفرط ، اذا ضبطت مداخل المدينة من الخارج بطرقها الثلاثة .
ويزيد في الطين بلة ان ادارة المحافظة الموقرة قد اصدرت ( بطاقات دخول ) للمدينة في اوقات كهذه لبعض الشخصيات او اهالي المنطقة واصحاب المحلات التجارية .
ويفترض انها صدرت لمعالجة حالات الغلق هذه امام هؤلاء لان في الظروف الاعتيادية تصبح الحركة طبيعية الا في الدخول الى المنطقة القديمة .
والاكثر اساءة هو ما يتعرض له رجال الدين وبعض الفقهاء من منع فاضح من قبل نقاط السيطرة في بدايات الشوارع بحجة ان المنع صادر من المحافظ نفسه وان جميع الباجات تعطل – بما في ذلك باج سيارة الفقيه الفلاني .
فقل لي بربك من جعل المسؤول في هذا الموقع ؟ ومن حث على اتمام العملية السياسية ؟ ومن ضبط ايقاع الشارع كي لا ينفلت؟ وينقاد افراداً وجماعات لصناديق الاقتراع ، ولو لم تراع المرجعية ورجال الحوزة العلمية ، هل كانت تتم ؟ ويصير فلان الفلاني عضواً في البرلمان أو وزيراً ؟ ربما ، وربما لا يصير .
هل كان غير الفقيه راعياً ؟ ورجل الدين في كل دول العالم على اختلاف اديانهم له مكانة خاصة تتمظهر بالتقدير الزائد والاحترام المتكثر وتقديم كل الخدمة والتسهيل المطلوب بشأنه ، فهل كان رجل ديننا اقل شأناً وحاشاه ؟ وهو من يهتم بأمور الناس ويشاركهم آلامهم واحلامهم ويرسم مستقبلهم على الصعيدين الدنيوي والاخروي ، ويتقدمهم في اوقات الشدة والمحن ويراعي مشاعرهم ويوجه انظارهم ويقربهم الى الطاعة ويقنن سلوكهم بما لا يؤديه أي رجل دين من غير مذهبنا على ما يشهد به التاريخ والحاضر ، ومع الفرق الكبير يُسف بحق رجل ديننا ويكرم رجل دينهم ، فاية عدالة وخلق نحن عليه ؟ .
ويزداد الامر سوءً عندما يكون القائمون على شأن المحافظة من المتدينين وممن يأتمرون بأمر المرجعية ويتفاخرون بأنهم ابناء ولاية على ابن ابي طالب ( عليه السلام ) وانهم من مدينة العلم والمعرفة والادب قد اتحفت تاريخ البلاد برجالات عظام في الثورة والعلم ، فهل يجتمع هذا مع تصرفهم ذاك ؟ .
لا ينبغي المبالغة في مثل هذه الاجراءات لانها قد توصل المساكين من المواطنين الى حالات قد لا يحمد عقباها وبامكان رجل الدين ان يحرك الشارع لو اراد .
28 – جمادي1 –