ولكن لا يحبون الناصحين

ولكن لا يحبون الناصحين

المارثون الجاري داخل المفوضية العليا للانتخابات فيما يتعلق بإعلان النتائج، وطريقة عرضها وهو ما يرضي الفائزين ويغضب الخاسرين، ومن توقعوا مقاعد أكثر مما حصلوا عليها ظناً منهم لسعة وجودهم الاجتماعي، وانتشار جماهيريتهم داخل العراق ، وهو ما لم يحصل وبه يكشف حجمها الحقيقي، ومكانتها الواقعية عند العراقيين.

وقد تعذر المفوضية في تأخيرها إعلان النتائج من جهة كون القانون الانتخابي معقداً ويتطلب إعلان النتائج بشكل نهائي عدة عمليات للوصول إلى النهاية، فهناك انتخاب للقائمة، وهناك انتخاب للأفراد وهناك احتياطي من الأصوات، وهكذا، ويفترض بالسياسيين اللذين شاركوا في الانتخابات وهم أنفسهم ممن صوتوا على القانون وتفاصيله، وتعقيداته التي أوجدوها خدمة لأنفسهم في خلق أكثر من جهة لرجوعهم الى البرلمان، وان لم يفوزوا إلا بعدد قليل من الأصوات، من جهة الترشيح للقائمة فيما لو كانوا في الأرقام الأولى أو من جهة الاحتياطي أو الفائض، أو إعطاء أصوات الكيانات الخاسرة للفائزة، وفي ذلك أكثر من خلل دستوري، وتجاوز واضح على حقوق المواطنين في إعطاء أصواتهم لمن يشاءون وأما إعطاؤها لغير من شاءوا فأمر غير مقبول لان ذلك صعود من لا يستحق وخسارة من هو أكثر منه استحقاقاً مع ما فيه من وضع صوت الناخب في غير محله.

ومع هذا التعقيد القانوني، وعدم الاستقرار الكامل والمعافاة التامة للعملية السياسية وتجاذبات الكتل ونفوذ البعض منها دون البعض، واستثمار الآخر منها لإمكانيات الدولة خاصة، واستقواء آخرين بدعم المرجعية من وراء الكواليس، وتلقي الكثيرين دعماً مادياً ومعنوياً من الخارج، ومع كل ذلك فقد قال المواطن العراقي قولته ووضع صوته فيما يراه مناسباً وهذا حقه ولا اعتراض عليه.

ولكن السياسيين الذين يعترضون على عمل المفوضية، لم يسمعوا نصحنا واقتراحنا عندما قلنا برسالة خاصة وجهناها إلى المفوضية وتبنّى بعض أعضاء البرلمان عرضها في المجلس وكانت متضمنة حلاً منطقياً وملائماً لوضع العراق الحالي، وما يمكن أن تمكن كل الكيانات وكل والمراقبين الدوليين من مراقبة الانتخابات بكل وضوح وشفافية، وفي نفس الوقت فأنه يمكن للمفوضية من أداء عملها بفسحة وحرية واسعة من حيث الوقت، يجنبها ما تتعرض له الآن من نقد من قبل الخاسرين، وهي الآن قد وصلت إلى الأسبوع الثالث ولم تعلن النتائج النهائية، ولو استغلت هذه المدة بما كنا اقترحناه لكان أفضل لعملها وأسهل لإشرافها على الانتخابات، وهو أن يكون الاقتراع تدريجياً وفي أيام متعددة بواقع يوم لكل محافظة أو لكل محافظتين إذا كانتا متقاربتين وصغيرتين وبالتالي سيكون المدة المقررة لإتمام عملية الانتخاب لا تتجاوز الأسبوعين، وستتمكن المفوضية من سد باب الاعتراض والنقد لعملها.

وحيث يكون السياسيون هم من لم يسمح بتفعيل هذا الاقتراح العملي، فهم وحدهم يتحملون المسؤولية أو على الأقل لا موجب لإلقائها على عاتق المفوضية التي كان ينبغي لها احترام هذا المقترح وأخذه بعين الاعتبار، إلا أن طبع الإنسان بشكل عام لا يقبل النصيحة إلا بعد فوات الأوان، ولا يختصر الزمن ويتهيأ لحل مشاكله قبل طروها عليه.

وهذا حالنا والآخرين، ((إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ))