يا وزارة التربية
مرت وزارة التربية العراقية منذ سقوط النظام الصدامي والى الآن بمتاهات عديدة ترتكز على أمرين هما المنشآت المدرسية، والواقع يخبرنا أن عدد المدارس للمراحل الثلاثة لا تتناسب والزيادة الحاصلة في الطلاب، حتى باتت المدارس القديمة تستوعب أو تحمَّل ثلاثة اضعاف ما حُدِدت لها وكل ذلك على حساب الطالب وتهيئة الاجواء المناسبة لاستيعاب المادة الدراسية أو التقاطها بشكل صحيح، ناهيك عن مستوى التدريس المنخفض كما يخبرنا واقع حاجة الابوين الى تدريس ابنائهم وتفهيم الدروس لهم مما يثقل الوالدين بوظائف أخرى كان المفروض أنها قد أنجزت من قبل وزارة التربية وكادرها التدريسي الذي قد يتعمد أحياناً في عدم إيصال المادة لمرحلة استيعاب الطالب ليدفعه أو يضطره لأخذ الدروس الخصوصية، وإرهاق الأبوين بمصاريف إضافية قد لا تسدها دخولهم الشهرية، وقد قنّنا في فقه المدرسين ذلك وقلنا أن أي تقصير في وظيفة المدرس أو المعلم، لأجل الضغط على الطالب أخذ الدرس الخصوصي محرم شرعاً إلا إذا استنفذ الاستاذ قدرته وإمكانياته التدريسية بلا تقصير ولم يستوعب مع ذلك الطالب الدرس فأنه حينئذٍ له أن يعطيه درساً خصوصياً لأفهامه المادة ولسنا بحاجة الى سرد الكثير من التقصيرات في هذا الجانب، فأن واقع حال المدارس والطلبة يغني عن التفاصيل الأخرى.
والمرتكز الآخر: هو المناهج الدراسية والتي لم تصل الى الطلبة لحد هذه اللحظة مع بدء العام الدراسي قبل شهر تقريباً وهذه مسؤولية الوزارة، والمنحصرة بالوزير وخططه في قيادة وزارته، وللأسف فأنها لا تسمن ولا تغني من انتظام بل هي إدارة متخبطة في قوانين واجراءات مربِكة أكثر ما هي موجهة الى المزيد من الاصلاح التعليمي.
إن مسألة المناهج وعدم توفرها يخلق أكثر من مشكلة على مستوى البلد والعائلة.
فهي من جانب تقلق وضع العائلة في توفير هذه المناهج خصوصاً إذا كانت من العوائل الفقيرة بل المتوسطة بعد حملة رفع الضرائب بشكل جنوني وكأن الفشل الحكومي قد أنصب على العائلة العراقية أو هي من سببت هذا الفشل، بل الفشل سببه التخبط الحكومي في طبع المناهج وكيفية استفادة الجهة المسؤولة من هذا الطبع، أو سببه مادة المنهج التي لم يتفق عليها لحد الآن لأن المادة يجب أن تخضع لرؤى ومتبنيات تاريخية لمذهب الوزير أو كيانه أو سببه طرق الانتهاب والسرقات للمال العام فبدلاً من ان تصل حصة المدرسة فلا يصلها إلا نصفها أو ربعها والباقي يتبخر في الطريق وما بين مافيات انتهاب المال العام والتي لم تقدر الحكومة بانواعها واعدادها الى الحد منه أو استئصاله، بسبب الانفتاح على مختلف الاتجاهات والدول حتى المتصارعة فيما بينها جاعلة العراق ساحة صراعها.
ولا نريد الاسترسال ومحاكمة الواقع والحكومة بقدر ما تريد التنبيه الى ضرورة الرحمة بالمواطن الطالب والرأفة به وتوجيه انتباهه وحصر تركيزه في الدراسة والتفوق بفتح الأمل المستقبلي له في حياة سعيدة ينعم بها ويخدم بلده من خلالها، ومن يحرم الطلبة من كتبهم أو مدارسهم فهو ليس بمجرم حرب بل مجرم بلد وبلا إنسانية ولص وسارق مهما كانت مبررات تقصيره لأنه يقتل شعباً بكامله من جراء سد ابواب التعليم لأبنائه وروافد مستقبله، فهو لا يريده شعباً حراً مستقلاً مطوراً بل يريده شعباً مستعبَداً بتعليميه مصادرة أرادته، متقوقع في موقعه المتأخر بين بلدان العالم.
أتقوا الله يا سادة البلاد وساسة العباد، فأن الارتحال قريب المسافة والسفر طويل والزاد قليل بل قد صار حديد {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ}غافر:71، وكيف لا وأنت ترضي المخلوق بسخط الخالق.
قاسم الطائي
7 صفر 1438