نشرة النهج

نشرة النهج العدد 185

   
277 مشاهدة   |   0 تقييم
تحديث   26/12/2023 6:39 مساءا

عالمية عاشوراء

((ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب))

يعيش المسلمون في العراق وغيرهم من أصحاب الأديان الأخرى ذكرى عاشوراء الإمام الحسين إمام الإنسانية ونصير المستضعفين في الأرض ومجاهد المستكبرين في ملحمة اصطفاف جماهيري وتحشيد إنساني لم تقدر عليه دول الأرض وشعوبها ومشهد من الالتمام والتعاون وإحياء الذكرى بقلوب منفتحة على الخير وهي مسترشدة بقيم الثورة الحسينية، ثورة الأحرار الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ومع سرورنا لهذا المشهد فإننا ندعو الجميع أن يكونوا على الاستعداد التام والاستمرارية للتضحية في المسير يوماً ما الى القدس لتحريرها من ارجاس اليهود وإعادة الوجه الحضاري والديني لثاني القبلتين القدس الشريف، وأن يكونوا كذلك ي كل مواجهة مع أهل الباطل والظلمة في أي بقعة من الأرض وبذلك تتحقق المواساة الحقيقية للإمام الحسين ونكون قد أدينا واجب المواساة واجر الرسالة، وقد أثبتت قواتنا المسلحة قدرات فائقة مستلهمة من العزم والإرادة الحسينية حساً عالياً بالوطنية وحماية الجموع المليونية وهي تجوب طرق وشوارع محافظاتنا العزيزة وعلى رأسها كربلاء الشهادة، فلهم منا ومن كل الموالين للحسين وأهل بيته شكر وتقدير ودعاء حفظ وعلو مقام ورفعة، وهي تسجل صورة عالية من الانضباط وحماية أمن المواطنين، نرجو الله وندعوه أن يبقوا على هذا الاندفاع والثبات ليُقلع الإرهاب الى غير رجعة.

إننا ندعو الحكومة العراقية في استثمار هذه المناسبة من خلال التحلي بقيم الحسين عليه السلام من التضحية والوفاء وحفظ الأمانة وإحقاق الحقوق ورص الصفوف وتوحيد الكلمة والسعي الحثيث في بناء البلد، ومحاربة الفقر، وإسعاد الضعفاء، ورعاية المعوزين، وان يتقربوا الى أبناء شعبهم شعب حسين الشهادة والشهامة وعليها أن تضع الآليات التي توفر لها تحقيق هذه الأهداف وهي ليست صعبة بقدر ما تحتاج الى نوايا خالصة وصافية من آثار كسر الآخر ومواطن الأنانية واستغلال المنصب ومحاولة التشبث بالسلطة كامتياز بقدر ما تكون مسؤولية ثقيلة للأداء والخدمة.

كما وندعو كل أحرار العالم أن يستلهموا من وحي هذه الذكرى لتنشيط أعمالهم وسعيهم في التخلص من الظلم والاضطهاد واستغلال الشعوب الضعيفة، وإفشاء الرعب والإرهاب وبث الدسائس وغيرها من أعمال السوء.

وندعو المفكرين والكتاب لتداول هذه الظاهرة المليونية والذكرى السنوية بالدرس والتحليل بغية الاستفادة القصوى منها، وفي عقيدتي سيعثرون على كنوز من المعارف التي لا تزال البشرية غافلة عنها، إن لم نقل أنها ستقف مبهورة لعظمة القيم الحسينية والمعارف الربانية، ونؤكد على تأسيس مراكز بحثية ودراسات إنسانية لهذا الحدث العظيم.

كما ونؤكد مراراً على ضرورة مشاركة سياسي العالم الإسلامي بالخصوص والعربي بالعموم في تظاهرة الأربعينية العالمية لتشهد أنفسهم وتشاهد أعينهم ملحمة الفتح الإنساني للحسين وسيغرفون منها زاداً يعينهم على إدارة شؤون شعوبهم وستزول من أنفسهم وسياساتهم منابت السيطرة والاستغلال والاستكبار وستنعم شعوبهم بالأمن والأمان، والسياسي الشجاع لا يضيع هذه الفرصة العظيمة.

ومن نافلة القول أن أدعو علماءنا الإعلام من المراجع الكرام وغيرهم من رجال الساسة ومشايخ العشائر على المشاركة في التظاهرة الأربعينية المقبلة وسأكون في خدمة من يروم المشاركة فيها.

وأدعو الله أن يحفظ العراق وشعبه، ويوحد صفوفه وينعم العالم بالأمن والأمان، ويوفق الجميع على بناء الإنسان الصالح أنه نعم المولى والمجيب .. ((وأنا لكم ناصح أمين))

                                     قاسم الطائي     

                            10/محرم الحرام 1434

 

ستبقى شعائر الحسين (عليه السلام)

أن الشارع المقدس حينما يشرع أمراً على مستوى المطلوبية مطلقاً، تارة يترك انتخاب المصداق للمكلف من دون تحديد من قبله، فأي فرد من الصلاة التي يأتي بها امتثالاً لأمر الصلاة، فقد يأتي بها في البيت أو في المسجد، أو هو في السفر أو هو في الحضر أو.. أو..، فالشارع لم يحدد له ما يحرز به امتثال الحكم الشرعي، بل ترك أمره للمكلف يختار ما يراه مناسباً، وفيه امتثالاً للحكم الشرعي.

وأخرى تدخّل في تحديد مصداق امتثال أمره كما تدخل في إيقاع الطلاق حيث فرض صيغة واحدة يتحقق بها إيقاع الطلاق خارجاً.

وإذا فهمت هذه المقدمة نأتي لمحل السؤال، فنسأل هل أن الشارع حينما أمر قرآناً بتعظيم الشعائر أو سنة بإحيائها كما ورد (احيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا).

ثم نسأل هل تحددت هذه الشعائر بمصداق أو كيفية معينة أرادها الشارع دون سواها، وإن لم يكن من ثمة تحديد فلماذا التأكيد على البكاء خاصة.

والمستظهر عندنا انه لا خصوصية للبكاء مع شدة تأكيد الشارع عليه، والتأكيد عليه من باب كونه أوضح كيفية قابلة لأن يقوم بها الموالي والمحب في ذلك الزمان لأنها تمثل وسيلة سلبية لا تشكل تهديداً للسلطات آنذاك وإمكان القيام بها لكل واحد من دون نكير من احد.

والشارع أراد التأكيد على إحياء هذه الشعيرة وإبقائها حية في ضمير الأمة لأنها تشكل صراع الإسلام مع الانحراف والاستبداد، ووجودها يعني وجود الإسلام، وضربها يعني ضرب الإسلام، وحيث أن الشارع أراد تكريسها في الواقع الإسلامي ليبقى الإسلام ببقائها، فليس من طريق أسهل وأيسر منه على البقاء، إذ لو حث على وسيلة أخرى فيه إبراز للمعارضة والاحتجاج على السلطة لقبرت في حينها ولتضرر الموالون من ورائها، فكان لابد من انتخاب وسيلة تحقق كلا الغرضين، تديم القضية الحسينية وجداناً في ضمير المحبين وتكريسها في دواخل نفوسهم، وتحافظ على حياتهم من ناحية أخرى، فكان غرض الشارع متحققاً بذلك، ولكن لا يعني ذلك بالمرة الاقتصار على هذه الكيفية من الامتثال، إذ لم يظهر من كلام الشارع مجموعاً انه أرادها بالخصوص دون غيرها، ومعنى ذلك انه لو استحدث طريقة تعزز مضمون القضية الحسينية في نفوس الموالين وتميزهم بهوية خاصة عن غيرهم، مع عدم المنع عنها بعنوانها، وهو كذلك إذ لم ترد حتى يمنع عنها أو لا يمنع عنها، وعلى هذا فالطريق لممارسة أخرى غير هذه الشعيرة مما لا بأس به.

وما أوقع الآخرين بالاقتصار على البكاء أنهم فهموا من البكاء هو الشعيرة، مع أن البكاء طريق وآلة لإبراز الشعيرة، وهي إحياء أمر الأئمة، أو تعظيم شعائر الله، ومن يكون أفضل شعيرة من قيام الحسين بالثورة المباركة التي حفظت لنا الإسلام، ولولاها لما بقي منه عندنا من اثر.

وقد ذكروا بعض الاعتراضات نذكر بعضها:

قالوا أن بعض الشعائر – كالتطبير- مستهجن وفيه مبالغة.. انه لم يبين ما هو المراد من الاستهجان الذي اتخذه موضوعاً لعدم الجواز، حيث لم يرد هذا العنوان في لسان الأدلة، لا في رواية ولا في آية، وإنما اتخذه هو من تلقاء نفسه فجعله موضوعاً للحرمة، ولو قبلنا انه عنوان للحرمة فمن هو الحاكم في كون هذا الفعل مستهجناً، هل هو الشرع أو العقل أو العرف أو التلفيق بين اثنين منهم أو الثلاثة مجتمعين؟

ثم على تقدير إرجاعه إلى العرف، فهل هو العرف العام لعموم الناس أو العرف الخاص للمتشرعة، والأمر للمستدل ماذا يقول، هل يتفق العرف العام على عدم الجواز أو كونه استهجاناً أو يتفق العرف الخاص على ذلك، والمسألة واضحة.

وقالوا نهى الحسين أخته زينب عن الجزع.

وأما نهي زينب من قبل أخيها الحسين عليه السلام للدور العظيم الذي ينتظرها في إظهار هذه الجريمة والإشهار بها على الملأ في كل مكان وزمان، وهي في طريقها إلى السبي، وعليه فلابد من رباطة جأش كي لا تشمت أعداء الخط الحسيني به وبأهل بيته، فكان كلامه نصحاً لها وتنبيها إليها للاستعداد نفسياً للدور العظيم الذي ينتظرها، مع كونه خطاباً خاصاً لها.

وقالوا التطبير تشويه لصورة الاسلام ونبزه بالإرهاب

إن عنوان التطبير لم يرد في آية أو رواية، وهذا الفعل ينظر له من احد جانبين.

إما من جانب كونه فعلاً يمارس بالكيفية المتعارفة بما هي كيفية ومن دون إضافة إلى كونه شعيرة، أو طريق إلى الشعيرة العظيمة وهو إحياء الذكرى الحسينية.

أو ينظر إليه بالإضافة إلى ما ذكر فالمحرم قطع الإضافة والمحلل ربطه بالإضافة.

والفعل بمقتضى طبعه الأولي لا دليل عليه على الحرمة إلا ما يقال من كونه إضراراً بالنفس وهو غير ثابت، إذ الشواهد بخلافه أو تشويهاً للإسلام، وعلى القائل أن يبين ما هي صورة الإسلام الحقيقي ليكون هذا الفعل تشويهاً لها، فالقائلون لم يحددوا الصورة وإنما أطلقوا التشويه وكفى، وإذا كانت المسألة على هذه الشاكلة، فكاتب هذه السطور وغيره لا يقول بالتشويه إن لم يقل بأن الفعل فيه مناسبة مع أصل الحادثة ودمويتها، والتعبير بهذه الكيفية فيه تذكير لصورتها لتبقى في الذاكرة الإنسانية على طول تاريخها تبين وتفضح الطغاة والجبابرة والظلمة.

وإذا قيل لنا بأن الغرب يصورها كذلك، قلنا لا يهمنا تصويرهم ولسنا ملزمين بكلامهم، وإنهم قائلون بنسبية الأخلاق أو القيم ولذا عندهم من مفاسد الأخلاق وسيئاتها ما لا يقبله ذو غيرة ومسكة، يكفيك اعتبارهم خروج الريح بالصوت أمراً متعارفاً ولم يقل أي منا أو منهم بأنه تشويه لصورتهم الإنسانية، مع كون الفعل فاحشة عندنا أو عند مستقيمي الفطرة.

وإذا لم يكن من إضرار ولا تشويه فالأصل الأولي يقتضي الجواز، ومع ضم ما قلناه في الأجوبة السابقة فتتم الإجابة.

ومن نافلة القول اذكر وإن كان فيه غرابة الم تر إن ارتباط الناس جميعاً في عموم المعمورة بكرة القدم لممارستها أمام أعين الجمهور وانسهم بها، ولولا هذه الممارسة والمشاهدة من قبل الآخرين لم تصل هذه اللعبة إلى هذا الاهتمام والتركيز، بل إن دولاً يعتمد اقتصادها في بعضه عليها، ولو اقتصر منها على عدم الممارسة أمام الجمهور أو أعطيت في أجواء الدرس والتدريب، فهل سيكون لها هذا الصدى، مع الالتفات إلى عدم الغاية الحقيقية لها بخلاف ممارسة الشعائر، فإن الغاية متوفرة على الصعيدين الدنيوي والأخروي وفيها من الثمرات ما لا يعد ولا يحصى فمن قال بوجوبها لبقاء الحادثة هو المعوّل عليه.

والمحصل أن هذه الممارسة بالعنوان الأولي تدخل في الجواز بمقتضى الأصل، وبعد تعنونها بعنوان الشعيرة أو إظهار الشعيرة تدخل في حكم آخر من الجواز بالمعنى الأعم أو غيره، حيث يتبدل موضوع الحكم موقعه من حكم إلى حكم آخر.

وإن كان هنا لا يستدل بمقتضى الأصل هو الجواز ومقتضى تأطيرها بالشعيرة هو كذلك.

 

ستبقى شعائر الحسين (عليه السلام)

أن الشارع المقدس حينما يشرع أمراً على مستوى المطلوبية مطلقاً، تارة يترك انتخاب المصداق للمكلف من دون تحديد من قبله، فأي فرد من الصلاة التي يأتي بها امتثالاً لأمر الصلاة، فقد يأتي بها في البيت أو في المسجد، أو هو في السفر أو هو في الحضر أو.. أو..، فالشارع لم يحدد له ما يحرز به امتثال الحكم الشرعي، بل ترك أمره للمكلف يختار ما يراه مناسباً، وفيه امتثالاً للحكم الشرعي.

وأخرى تدخّل في تحديد مصداق امتثال أمره كما تدخل في إيقاع الطلاق حيث فرض صيغة واحدة يتحقق بها إيقاع الطلاق خارجاً.

وإذا فهمت هذه المقدمة نأتي لمحل السؤال، فنسأل هل أن الشارع حينما أمر قرآناً بتعظيم الشعائر أو سنة بإحيائها كما ورد (احيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا).

ثم نسأل هل تحددت هذه الشعائر بمصداق أو كيفية معينة أرادها الشارع دون سواها، وإن لم يكن من ثمة تحديد فلماذا التأكيد على البكاء خاصة.

والمستظهر عندنا انه لا خصوصية للبكاء مع شدة تأكيد الشارع عليه، والتأكيد عليه من باب كونه أوضح كيفية قابلة لأن يقوم بها الموالي والمحب في ذلك الزمان لأنها تمثل وسيلة سلبية لا تشكل تهديداً للسلطات آنذاك وإمكان القيام بها لكل واحد من دون نكير من احد.

والشارع أراد التأكيد على إحياء هذه الشعيرة وإبقائها حية في ضمير الأمة لأنها تشكل صراع الإسلام مع الانحراف والاستبداد، ووجودها يعني وجود الإسلام، وضربها يعني ضرب الإسلام، وحيث أن الشارع أراد تكريسها في الواقع الإسلامي ليبقى الإسلام ببقائها، فليس من طريق أسهل وأيسر منه على البقاء، إذ لو حث على وسيلة أخرى فيه إبراز للمعارضة والاحتجاج على السلطة لقبرت في حينها ولتضرر الموالون من ورائها، فكان لابد من انتخاب وسيلة تحقق كلا الغرضين، تديم القضية الحسينية وجداناً في ضمير المحبين وتكريسها في دواخل نفوسهم، وتحافظ على حياتهم من ناحية أخرى، فكان غرض الشارع متحققاً بذلك، ولكن لا يعني ذلك بالمرة الاقتصار على هذه الكيفية من الامتثال، إذ لم يظهر من كلام الشارع مجموعاً انه أرادها بالخصوص دون غيرها، ومعنى ذلك انه لو استحدث طريقة تعزز مضمون القضية الحسينية في نفوس الموالين وتميزهم بهوية خاصة عن غيرهم، مع عدم المنع عنها بعنوانها، وهو كذلك إذ لم ترد حتى يمنع عنها أو لا يمنع عنها، وعلى هذا فالطريق لممارسة أخرى غير هذه الشعيرة مما لا بأس به.

وما أوقع الآخرين بالاقتصار على البكاء أنهم فهموا من البكاء هو الشعيرة، مع أن البكاء طريق وآلة لإبراز الشعيرة، وهي إحياء أمر الأئمة، أو تعظيم شعائر الله، ومن يكون أفضل شعيرة من قيام الحسين بالثورة المباركة التي حفظت لنا الإسلام، ولولاها لما بقي منه عندنا من اثر.

وقد ذكروا بعض الاعتراضات نذكر بعضها:

قالوا أن بعض الشعائر – كالتطبير- مستهجن وفيه مبالغة.. انه لم يبين ما هو المراد من الاستهجان الذي اتخذه موضوعاً لعدم الجواز، حيث لم يرد هذا العنوان في لسان الأدلة، لا في رواية ولا في آية، وإنما اتخذه هو من تلقاء نفسه فجعله موضوعاً للحرمة، ولو قبلنا انه عنوان للحرمة فمن هو الحاكم في كون هذا الفعل مستهجناً، هل هو الشرع أو العقل أو العرف أو التلفيق بين اثنين منهم أو الثلاثة مجتمعين؟

ثم على تقدير إرجاعه إلى العرف، فهل هو العرف العام لعموم الناس أو العرف الخاص للمتشرعة، والأمر للمستدل ماذا يقول، هل يتفق العرف العام على عدم الجواز أو كونه استهجاناً أو يتفق العرف الخاص على ذلك، والمسألة واضحة.

 

وقالوا نهى الحسين أخته زينب عن الجزع.

وأما نهي زينب من قبل أخيها الحسين عليه السلام للدور العظيم الذي ينتظرها في إظهار هذه الجريمة والإشهار بها على الملأ في كل مكان وزمان، وهي في طريقها إلى السبي، وعليه فلابد من رباطة جأش كي لا تشمت أعداء الخط الحسيني به وبأهل بيته، فكان كلامه نصحاً لها وتنبيها إليها للاستعداد نفسياً للدور العظيم الذي ينتظرها، مع كونه خطاباً خاصاً لها.

وقالوا التطبير تشويه لصورة الاسلام ونبزه بالإرهاب

إن عنوان التطبير لم يرد في آية أو رواية، وهذا الفعل ينظر له من احد جانبين.

إما من جانب كونه فعلاً يمارس بالكيفية المتعارفة بما هي كيفية ومن دون إضافة إلى كونه شعيرة، أو طريق إلى الشعيرة العظيمة وهو إحياء الذكرى الحسينية.

أو ينظر إليه بالإضافة إلى ما ذكر فالمحرم قطع الإضافة والمحلل ربطه بالإضافة.

والفعل بمقتضى طبعه الأولي لا دليل عليه على الحرمة إلا ما يقال من كونه إضراراً بالنفس وهو غير ثابت، إذ الشواهد بخلافه أو تشويهاً للإسلام، وعلى القائل أن يبين ما هي صورة الإسلام الحقيقي ليكون هذا الفعل تشويهاً لها، فالقائلون لم يحددوا الصورة وإنما أطلقوا التشويه وكفى، وإذا كانت المسألة على هذه الشاكلة، فكاتب هذه السطور وغيره لا يقول بالتشويه إن لم يقل بأن الفعل فيه مناسبة مع أصل الحادثة ودمويتها، والتعبير بهذه الكيفية فيه تذكير لصورتها لتبقى في الذاكرة الإنسانية على طول تاريخها تبين وتفضح الطغاة والجبابرة والظلمة.

وإذا قيل لنا بأن الغرب يصورها كذلك، قلنا لا يهمنا تصويرهم ولسنا ملزمين بكلامهم، وإنهم قائلون بنسبية الأخلاق أو القيم ولذا عندهم من مفاسد الأخلاق وسيئاتها ما لا يقبله ذو غيرة ومسكة، يكفيك اعتبارهم خروج الريح بالصوت أمراً متعارفاً ولم يقل أي منا أو منهم بأنه تشويه لصورتهم الإنسانية، مع كون الفعل فاحشة عندنا أو عند مستقيمي الفطرة.

وإذا لم يكن من إضرار ولا تشويه فالأصل الأولي يقتضي الجواز، ومع ضم ما قلناه في الأجوبة السابقة فتتم الإجابة.

ومن نافلة القول اذكر وإن كان فيه غرابة الم تر إن ارتباط الناس جميعاً في عموم المعمورة بكرة القدم لممارستها أمام أعين الجمهور وانسهم بها، ولولا هذه الممارسة والمشاهدة من قبل الآخرين لم تصل هذه اللعبة إلى هذا الاهتمام والتركيز، بل إن دولاً يعتمد اقتصادها في بعضه عليها، ولو اقتصر منها على عدم الممارسة أمام الجمهور أو أعطيت في أجواء الدرس والتدريب، فهل سيكون لها هذا الصدى، مع الالتفات إلى عدم الغاية الحقيقية لها بخلاف ممارسة الشعائر، فإن الغاية متوفرة على الصعيدين الدنيوي والأخروي وفيها من الثمرات ما لا يعد ولا يحصى فمن قال بوجوبها لبقاء الحادثة هو المعوّل عليه.

والمحصل أن هذه الممارسة بالعنوان الأولي تدخل في الجواز بمقتضى الأصل، وبعد تعنونها بعنوان الشعيرة أو إظهار الشعيرة تدخل في حكم آخر من الجواز بالمعنى الأعم أو غيره، حيث يتبدل موضوع الحكم موقعه من حكم إلى حكم آخر.

وإن كان هنا لا يستدل بمقتضى الأصل هو الجواز ومقتضى تأطيرها بالشعيرة هو كذلك.

 

الشعائر الحسينية في طريق الاتساع

ذكرنا مراراً وتكراراً بأن الشعائر الحسينية تحمل بنفسها بذور نموها واتساعها وسريانها في الاوساط الشعبية بسرعة عجيبة تتضح صورتها على ما هو المشاهد الآن، ونبهنا بأن القول بمنع الشعائر ليس الا ضرباً من الخيال وانه لا يمكن لأية قوة في الارض منعها بعد ان عجزت معظم طغاة الارض في محاولاتها لمنعها، بل ان الامر سيذهب بعكس ما يريده الطغاة وأن التفاعل معها يزداد كلما زاد المنع، وهذا المعنى قد اكده العراقيون بكل ممنونية ورحابة صدر حباً بالحسين وإحياءً لامره، هذا الاحياء الذي يسري في دمائهم، يحرك فيهم عناصر الشجاعة وروح التضحية في اظلم فترة عاشتها الشعائر في القرن الماضي في حكومة البعث المقبور والتي اوصلت المواجهة مع السائرين لاداء الزيارة الاربعينية الى مستوى الاعدام والسجن المؤبد للراجلين الى مثوى ابي الاحرار وسيد الشهداء، ولم يمتنعوا وكأن دمهم يحمل إباء وشموخ الامام الحسين عليه السلام، فعجز الطاغون وقدمت التضحيات ولم يعجز اتباع الحسين عليه السلام عراقيو الإباء ومُتَحدوا الظلم والاعدام، واخذت الايام ذلك الطاغوت الى دركات الجحيم وطويت اوراقه في سجل التاريخ، واما الشعائر ومحبي الشعائر فبقوا يتوافدون بكل رحابة صدر مع ما يواجهون من اعتداء واستهداف سافر من قبل عدو من نوع جديد عدو الحقد والبغض والنصب لأهل البيت عليهم السلام من خلال استهداف اتباعهم وشيعتهم، لأن الإمام عليه السلام- بما ورد عنه- يقول: لا تجد من ينصب لنا العداء ويبغضنا لأننا على الفطرة وانما الناصبي من نصب العداء لشيعتنا، وطريقة هؤلاء في القتل والدمار والتفجير لا يعطي فرصة للوسائط والتحقيق، وصعود المحاكم وانتظار الحكم ثم انتظار تنفيذه بل يتعد كل هذه المقدمات، ولكن هل منع ذلك الاتباع والمحبين لاهل البيت عليهم السلام والممارسين للشعائر الحسينية، الجواب تجده عندما يستمر السير المليوني صوب كربلاء الحسين عليه السلام، والاشلاء والجثث تتناثر في الهواء اثر التفجيرات الارهابية، وكأني بالواحد منهم يتمنى في داخله ان يكون ممن نالته تفجيرات الارهابيين ليؤكد فعلاً ورغبة حبه ونصرته لإمامه الحسين عليه السلام.

ان الذين يقفون امام االشعائر تحت مبررات علمية تارة، واخرى اجتماعية، وثالثة مكانية بدعوى تشويه صورة الاسلام، ورابعة انه تبذير ينبغي صرفه في موارده من الفقراء المستحقين و.. و.. و..، وهنا لا كلام لنا مع هؤلاء الا اننا ندعوهم بالتوقف والتدقيق جيداً ونرغب ان يعيدوا النظر في كلماتهم وارائهم، ويا حبذا لو بذلوا هذا الجهد العلمي في بيان السر في انتشار هذه الشعائر، وكيفية توجيهها لتأتي ثمارها في اصلاح الامة واستقامة طريقها، وتفعيل مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة الى الخير كما هي مناشئ خيرية الامة على ما افاده النص القرآني ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) آل عمران/110.

اننا بحاجة الى بحوث علمية متخصصة في الشعائر الحسينية ولنتجاوز شرعيتها من عدمها فإنها مشرعة والاختلاف في مصداقية الشعائر وأنه مقبول او ليس بمقبول، ولنبدأ في تحليل هذه الشعائر من حيث ما دلت عليها من آيات وروايات.

والافضل من هذا هو تحليل الشعيرة والوصول الى سر بقائها وديمومتها واعطاء اجابات مقنعة للجمهور الانساني لأن الجمهور الموالي قد ركزت فيه وعاشت معه وتفاعل معها قلباً وقالباً والحاجة ماسة الآن الى عبوره الى غيره من جمهور الخلق ليعيش العالم هذه الشعائر فهي الاداة الوحيدة للتقريب بين الامم والشعوب وتقارب افكارهم وتوحيد جهودهم في مواجهة الظلم والعدوان الواقع على الانسان في مواقع من الارض عديدة.

ايها الناس.. انه الحسين عليه السلام الذي لا ندرك كنهه ولا نصل الى مداه بل لا نتصور ما وقع من احداث في الطف جعلت المأساة تتجدد كل عام بمجرد مجيء وقتها، ولو فهم الناس حقيقة ما حصل او عاشت وجداناً مع كل احداثها وتفاصيلها لغيرت العديد من افكارها وارائها حول الشعائر الحسينية.. ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ.. الحج/32.

8/ صفر /1435 هـ

 

 

 

الجندر

مصطلح غربي يحل ضيفاً على عالمنا الإسلامي العربي وله مكوناته ومدلولاته واسسه وغاياته وحين حل لم يحرك ساكناً من يعنيهم شؤون العراق واحترام ثوابته لا من المرجعية الدينية ولا من الساسة الوطنين ولا من وجهاء العراق وواجهته وكأن الامر لا يعنيهم وبشكل مختصر ان المصطلح يعني عدم وجود ضوابط أخلاقية واعراف إسلامية فهو لا يعترف بضابطة ولامرتكز ديني ولا فيه أساس خلقي فبعد كم بسيط من الزمن سوف لا نجد لمصطلحات الخير من وجود فمثلاً لا نجد لكلمة (عيب) من أثر ولا لكلمة (فشلة) من اعتبار لأنه في الحقيقية يدمر كل تلك وغيرها.

وإذا كان الجندر يمثل كل تلك المصائب فمن الحق ان نسأل أين الحكومة ومهام ودورها في الحفاظ على أرواح الناس وأخلاقهم وأعرافهم بل الحفاظ على دينهم وهو جزء من مهمات الحكومة.

وإذا تقول انها لا تستطيع السيطرة على مجتمع بكافة افراده فتستطيع بجرة قلم ان تمنع تداول لفظ الجندر وتجرم كل من يتكلم به وتحاسب على ذلك؟ وهذا وحده سيشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه العبث في الوحدة المجتمعية للشعب العراقي، المهم على الحكومة إتخاذ التدابير التي تمنع سريان هذا المصطلح في العراق.

والا على الشعب الذي انتخب البرلمان ان يرفع صوته عالياً ما هذه المهزلة ويراد لها تشريع قوانين وأنظمة خاصة وأن كثيراً من الساسة الذي لا قيمة له يصرحون صراحة بضرورة إتمام المشروع بتمام فقراته وهذ مؤسف جداً.

 الحكومة ان لم تفعل فعلى المرجعية اثبات جدارتها في قيادة المجتمع نحو الطهارة والفضيلة وان يكون لها كلمة الفصل في هذا الموضوع بشكل قاطع ولا يقبل التأويل وان لم تفعل فستأتي المرحلة الرابعة الا وهي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أُس التكاليف الشرعية وستكون بدرجات الثلاث السكوت والقول والقوة وهو أقل ما ينتصر لدين الإسلام من مؤامرات اليهود والغرب.

 

الانقاذ .. اللجقة الاولى

الحلقة الأولى: الانقاذ في كتب اللغة هو التخليص من ورطة قال تعالى: ((وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا)) والنقذُ ما انقذته.

والتحقيق في الكلمة: أن الأصل الواحد في المادة هو تنجية عن محيط ابتلاء وشر والنقذ يستعمل لازماً إذا كان من باب تعب، ومتعدياً إذا كان من باب نصر ينصر، ويلاحظ في الانقاذ جهة الصدور وفي التنقذّ جهة المطاوعة والاختيار، وفي الاستنقاذ جهة الطلب.

((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)) الحج73

الاستنقاذ طلب النقذ أو هو  طلب عملي ويتحقق في الخارج بالمزاولة والاجتهاد عملاً في ايجاد النقذ.

((أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ)) يس23

أي هؤلاء الآلهة لا يستطيعون عما يريدني الرحمن بضر.

((أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)) الزمر56

((بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)) الزمر59

أي العذاب المتوجه الى الانسان من جهة سوء نياته وأعماله لا يستطيع أحد أن يكشف عنه وينقذه منه.

نستنتج من كلمات اللغويين:

1- النقذ التخليص من ورطة.

2- التخليص من ورطة لا يكون الا بالاستعانة بالله لأنه مسبب الاسباب والقاهر فوق عباده.

3- الانقاذ من ورطة اخلاقية أو اجتماعية ودينية كأن يرتكب ما ينافي الاخلاق العامة أو الآداب الاجتماعية أو الأحكام الشرعية، ويكون الانقاذ بالكف عنها وتخليص صاحبها من الوقوع في ممارستها.

4- ان الانقاذ في كل مناحي الحياة الاجتماعية والعلمية والانسانية وغيرها كل بحسبه.

5- المنقذ ان يكون عارفاً بما ينقذه به وبما يفعله المنقَذ والا كان عملياً غير صحيح وقد يؤدي الى ما هو أسوء مما كان عليه المنقذ.

 

الانقاذ (الحلقة 2)

والإنقاذ عمل جبار لا يقوى عليه الا الابطال ذات الهمم العالية الذين يقصدون معالي الأمور التي لا يأتي عليها الا من خبر الحياة وإستظل بظل القيم والمبادئ السامية والعادات الراقية، ومن هذا لا يقوم بالإنقاذ إذا كان على مستوى الامة الا الذوات العالية كالانبياء والمرسلين (صلى الله عليهم أجمعين) والائمة (عليهم السلام) والاولياء الصالحين، ولا يقوم به على مستوى المحلة أو القرية أو العشيرة إلا الأقوياء والامناء ولا يقوم به على مستوى العائلة الا الذين يقون أنفسهم وأهليهم الورطات والمنكرات وايضاً سيواجه المنقذ خصوم كثيرة منهم أصحاب المصالح الذي تتضرر مصالحهم بالإنقاذ، ومنهم أصحاب الوجاهات التي تنهار وجاهتهم بفعل التخليص ومنهم المستفيدين من الوضع القائم، ومنهم الخصوم ذوو نفس النوايا الاستنفاذية الذي لا يروق لهم ان غيرهم يقوم بالتخليص وهذا مألوف في الدنيا وشؤونها حتى الحوزة التي لم يرق لها قيام السيد الشهيد (قده) بإصلاح الحوزة وتفعيلها وبعث الروح فيها من خلال صلاة الجمعة التي هي عز للمؤمنين وذل للكافرين، ولذا يجب ان يتحلى المنقذ بصفات تأهله للمنازلة وتغنيه على عبور الصعاب والعقبات وتجعله مقبولاً اجتماعياً ومحبوباً عرفياً، وكل ذلك يتطلب منه قراءة الواقع الموضوعي بدقة كي لا يقع في خطأ غير محسوب أو زلة تفقده كثيراً من بريقه ....!

 

الانقاذ (الحلقة الثالثة)

والنموذج الذي نمثل به عليه الإنقاذ هو السيد الصدر (قده) فقد سعى بكل همة الى رفع غفلة الناس عن دينهم وتصحيح فهمهم للدين وإرساء قواعد أهم أعمدته الا وهو والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بل تتقدم الكل بصدوعه بصلاة الجمعة المغيبة وجعلها المنبر الذي ينطلق منه في أمره بالمعروف والنهي عن المنكر مستغلاً فعالية السلطة في الحملة الايمانية وكان هذا من الحملة الايمانية فلم يترك للسلطة الاعتراض عليه؛ والصلاة أفضل أداة لتحشيد الناس المؤمنين وبث الروح الايمانية فيهم، حتى ان الجريمة التي شاعت في العراق (سرقة السيارات) والحكم فيها من قبل النظام الاعدام لم ينفع في الحد منها، بينما جاء على لسان مسؤول كبير في الشرطة ان الجريم انخفضت الى الصفر أبان إقامة صلاة الجمعة، ناهيك عن احياء مفاهيم الإسلام وعرضها على الناس بأسلوب المختصر المفيد الذي يفهمه كل احد، وبث الوعي الديني في أوساط المجتمع حتى (السمكرية) فبعد ان كان الحديث في محلاتهم عن الخمرة وغيرها من الموبقات اصبح الحديث عن رأي السيد الشهيد فيها وفي غيرها وأصبح إثارة الحديث عما سيقوله السيد بالخطبة اللاحقة.

على كل لا أطيل في اشباع هذا الموضوع فقد اشبعه بعض الذين كتبوا عن المرجعية الحركية الناطقة للسيد الشهيد وأسميها المرجعية المنقذة من الجهل والظلالة وتنجية المجتمع من الخوف والضلالة والمناكير المنتشرة بالمجتمع وهي كثيرة.

فتعريف الإنقاذ ينطبق بدرجة كبيرة على السيد الأستاذ (قده) فهو العارف بزمانه لا تلبس عليه اللوابس، وهو العالم النحرير والعارف المستغرق والفيلسوف الواقف على جادة الحق، وهو الذي خلص المجتمع ورفع من ايمانه.

 

الانقاذ (الحلقة الرابعة)

هكذا يجب ان يكون قائد التخليص والانقاذ متوفراً على خصائص وإمكانيات لا تقبل التشكيك، وإن كنا غفلنا عن عامل حاسم ومهم وهو الشجاعة وعدم الرهبة في ولوج التحديات والمصاعب، إنما نقول ذلك كي لا تكون كل دعوة يدعيها شخص هي انقاذاً، لأنه يجب ان ينظر إليها من خلال محركها ومصممها، فلا بد ان يكون تاريخه ناصعاً لا شوائب فيه ولا غموض لأن التأريخ هو سجل الماضي الذي يعين الحاضر فإذا ما كان الشخص تاريخه أبيض كان حاضره أكثر بياضاً لأنه يكون قد استوعب الحياة أكثر وأدار رحى القضية بشكل أفضل وأما من كان تاريخه يشوبه الغموض وتعثره المطبات الكثيرة فسجله الحاضر متذبذب ومشوش فتاره صاحبه الى اليمين وتارة الى الشمال لأنه غير مستقر على جهة كان تاريخه السابق يشير اليها، ومن هنا معرفة هذه النقطة لدى الجمهور مهم بالغ الاهمية، خذ لذلك مثلاً حينما احتلت أمريكا العراق كانت تدعي انقاذ العراق من الدكتاتورية البعثية وتخليص العراق منها، لكن النظر الى تاريخ أمريكا السابق يخبرك أنها غير صادقة في دعواها غاية الأمر ان العراق اصبح بالنسبة لها يغذي مصالحها بشكل لا يمكن لأي دولة أخرى تغذيه ولهذا  نرى قد خلصته من دكتاتورية صدام ولكن أوقعته في فوضى الحكم والنهب والسلب فأصبح الحال أسوء ان لم يكن هو تبديل العنوان فعنوان الدكتاتورية بدل عنوان الفوضى والنتيجة انها لم تنقذ العراق بل أبقته يأن بترسبات انظمه حكمه، فرعاية التأريخ للمنقذ مهم ونافذة جيدة لرسم العملية بأنها انقاذ أو تبديل مواقع الامتياز والنفوذ باشخاص أُخر.

ولا بد ان يكون المخلّص عارفاً بأهل زمانه لا تلبس عليه اللوابس وتختلط عليه الأمور فقد يقصد شيئاً يريد تخليص المجتمع منه ولكنه يقع في أسوء منه، وعندما نقول المعرفة بأهل زمانه يشمل أفراد مجتمعة وأفراد الدول المجاورة له، يكون على دراية بآمالهم وتطلعاتهم وعاداتهم ومشاربهم كي لا يخدش واحدة منها وهو يريد تخليص بلده، لأنه آنذاك سيكونون ضد مشروعه بل ومعرقلين لسيره ويخلقون الف مشكلة له ناهيك عن حكوماتهم قد تستفز المجتمع الدولي ضده، ومثال ذلك جبهة الانقاذ الجزائرية التي فازت بانتخابات 1988 وواجهت بفوزها المجتمعات الغربية وفرنسا بالخصوص ثم انزوت عن الساحة الجزائرية والدولية.

 

سماحة المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة ا... وبركاته...

 

يرجى من سماحتكم التفضل من فيض علمكم الوافر والاجابة على هذه الاستفسارات التالية علماً أنها من سائل من ابناء العامة جزاكم الله خير جزاء المحسنين..

س1- هل الانبياء معصومين بالعصمة المطلقة؟ وفي القرآن تدل آيات على أنهم غير معصومين؟ مثلا ((وعصى آدم ربه فغوى)) ((وما كان لنبي ان يغل)) وغيرها؟

س2- كيف تجوزون ثواب المشي الى الحسين عليه السلام وأنه يعدل ألف حجة وعمره؟ وهل المشي أفضل من الحج؟

س3- هل كان الإمام الحسين عليه السلام يعلم بخروجه من مكة أنه سيقتل؟ وإذا كان كذلك أليس هو انتحار؟

س4- هل توجد روايات على التطبير واستحبابه؟

                                                                       صفاء سعد جواد

                                                                      كربلاء/ عين التمر

بسم الله الرحمن الرحيم

ج1: المعصية هنا مخالفة الأمر الإرشادي العائد فيه الخير الى نفس المأمور، كمن يخبره أو يأمره الطبيب بعدم شرب الحامض فلو خالفه، فأنه يفقد بعض ما يعود نفعه اليه وليس ذلك بمعصية، والآية الثانية منفية.

والأنبياء معصومون بالعصمة المطلقة في الأمور الراجعة الى الدين من تلقي الوحي وحفظه وتبليغه الى الناس.

ج2: هذا الثواب قد يكون قليلاً لمن عرف الإمام الحسين، ولذا ورد من زاره عارفاً بحقه، ومقامه الوجودي عن الله، فالشرط لإحراز الثواب ان يكون المرء عارفاً بحقه، بأنه إمام معصوم واجب الطاعة كقدر متيقن للثواب، وأيضاُ الثواب على قدر المشقة، ومن الواضح ان المشي فيه مشقة فأي استبعاد في مثل هذا الثواب.

واما الحج فهو فريضة الله ا... العظمى التي هي أعظم شعائر الإسلام وبها يتجلى التوحيد.

ج3: نعم، ولكن هذا العلم الغيبي لا يكون من مقدمات الفعل ولا يؤثر بالنتيجة من إقدام الإمام الحسين (ع) وانما المؤثر في النتيجة هو العلم العادي ضمن أسبابه الطبيعية خذ لك مثلاً الإمام علي(ع) يعلم بقتل ابن ملجم له ولكنه لا يؤثر في ذهابه الى المسجد لأداء الصلاة والرسول(ص) يعلم بتخلي الرماة عن موقعهم في احد ومن ثم تكبيد المسلمين بعض الخسائر ومع ذلك خاض الحرب ضد المشركين.

ج4: بعنوان التطبير لا توجد ، ولكنه يدخل تحت عنوان الشعائر وهي جائزة بلا إشكال وهو جائز في نظرنا.

                                                                 قاسم الطائي       

                                                           13/جمادي1/1435    




محرك البحث

اخر تحديث

الاحصائيات

الطقس

3:45